صفحة الكاتب : فاطمة محمود الحسيني

جذاذات سرد من دون نهايات
فاطمة محمود الحسيني

 في سكون ليل يقطع شعاع القمر ظلامه تاركًا خلفه عناق المحبين وأصوات العاشقين وهمسات الهائمين والغارقين في بحر الحنين، توجهت إلى نافذتي لعلي أقطع العناء الذي يلف جسدي وأهجع، فما زالت صورتها تداهمني وتلاحق سكوني الذي تمنيت لو حظيت به لثوانٍ أو ، أيعقل أن تكون صورة غابرة سبب لكل هذا العناء ، صورة حاولت مخاتلتها من دون جدوى.

حتى أمي لاحظت ذلك ولطالما سألتني: 
لماذا لا تهجعين؟ أما زالت تأتيكِ ؟
كنت أرد عليها بشرود كبير:
لا شيء مازلت قابعة في صمتي ، واقفة في زحمة طريق أحاول أتجاوزه .
تنهدت قائلة:
 حسنًا سأدعكِ ترتاحين فأنا على يقين لن تبوحين بما يعصف خاطركِ .
ما أن فتحت باب النافذة حتى لطمت وجهي كتلة من هواء بارد وكأنها تنتصف لأمر ما ، ذهبت إلى مكتبتي أَخذت كتاباً باحثة في صفحاته عن إجابات لن أصل لها ، وما هي إلا لحظات حتى غفوت جالسة ، لا لم اغف فما زالت تؤرق حياتي ، ولكن شبه لي كمن ترى شريط سينمائي في زمنٍ  بعيدٍ بل غابر ، عدت إلى النافذة ، وسط الليل العميق ، عاد شريط السينما يرتسم على حافة الافق ، لحظات حتى مسكتني يد ، دلفت معها في زمن غابر ، قصور فخمة وأميرات وتيجان وكؤوس لم أر مثلها قبل الآن ، وقفت أنظر مذهولة تارة ومدهوشة أخرى ، تساءلت : 
من تكون ، وهل لي أن أقترب منها ، علي أجد الخلاص ؟ 
جاءني الصوت:
الالهة لا فكاك منها. 
شعرتُ بالإحباط ،  لكن توسلت بكيت من أجل لقاء. 
بعد حين وصلتني أشارات القبول ، بانت أمامي أجواء لم أرها من قبل ، ألواح من طين معلقة على جدران ومنشدين يضربون على طبول ، استجمعت قواي وانتظرت فرصة الحديث، أقترب مني أحد المقاتلين ليصطحبني إلى جناح كبير ، تسارعت دقات قلبي وخانتني قدمي ، وسط الجناح أختفى الرجل وصاح بي صوت :
 ادخلي. 
رأيت الحاضرين يترنمون بقصائدهم:
يا ملكة كل شيء، أيتها الضوء المتوهج.
أيتها المرأة الواهبة للحياة، أنتِ يا من تجلبين الطوفان من الجبل.
أيتها الشاهقة، ياربة الشعر الذي يرسم السماء والأرض. 
يا من تمطرين نارًا ملتهبة على القفار.
وسط الترانيم دعتني إلى جوارها، أردت الحديث لكن فمي لم ينطق من هول المكان، من ترانيم الشعراء ونذور العشاق. قالت:
 أعلم أنك لست من زمني ، لكنك مفعمة بالألوان والحكايا التي تنطق حتى في صمتك .
قلت لها:
 مذ محاولتي في كتابة نصي الأول حتى طاردتني صورة تشبهك ، أرقتني منذ شهور ، هبيني النوم فقد مللت العناء.
قالت:
 وما لذي دفعكِ لتأتين أوليس حب الكتابة ، أوليس فرط التفكير للهروب من الواقع إلى خيالٍ لا محدود، إنها لعنة أودعتها في من تريد الكتابة.
لعنة الكتابة ، أي لعنة أرقتني وهشمت تماسكي ، توسلت بها أن تعتقني ، لم تجب لبرهة ثم صرخت بي أذهبي الآن ، هبت رياح عاتية مع صراخها ، لم أعد ارى ما حولي ، أفزعتني صرخة أمي التي أبعدتني عن النافذة المفتوحة لتغلقها :
ستصابين بالبرد بفعل هذه الرياح العاتية الباردة ، أدلفي إلى فراشك.
هالني منظر الأوراق المتناثرة على الأرض ، جذاذات سرد تبحث عن نهايات.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاطمة محمود الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/25



كتابة تعليق لموضوع : جذاذات سرد من دون نهايات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net