صفحة الكاتب : الشيخ مظفر علي الركابي

هل يوجد هناك حس وطني
الشيخ مظفر علي الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ربما لأول وهلة لا تعجبك هذه العبارة ، ولا تهتم لما بعد السطور ، فضلاً لما بينها ، لأنها كلمة ( لا تسمن ولا تغني من جوع ) مجرد كلمات يسطرها كاتب جلس على التبريد ( السبلت ) ليكتب ما يحلو له من الترف الفكري ، لينشر مقال هنا ومقال هناك ، فلا يهمني ما يكتب ( هذا رأي القارىء ) لأن الواقع شيء ، وما على الورق من كلمات شيءٌ آخر . 

فترتسم على شفة القارىء ابتسامة بائسة ، قد نفض أنامله يأساً من اي عملية إصلاحية في هذا البلد أو بصيص أمل لحصوله على البعض البعض من حقوقه .
وهو يقول : في داخل نفسه أية حسٍ وطني يتحدث به هذا الكاتب ، وأنا لا أكاد استعذب طعم الكهرباء ، وانعم بنومة هانئة ليلاً بتيار متواصل ولو لمدى أربع ساعات مثلاً ، أو وقت الظهيرة حيث الشمس تلهب الشوارع بحرارتها فلا اكاد أصل إلى البيت منهك القوى ، وقد ابتل قميصي أو ثوبي ( دشداشتي ) بالعرق ، وهو ينساب على جسدي من ها هنا وها هنا ، كأن وجهي تلفحه حرارة جهنم ، فما اكاد أصل إلى البيت حتى استحم واسترخي تحت التبريد واغط في نومٍ عميق متناسي كل تلك المعاناة . 
لكن ما إن ادخل الى البيت حتى أسأل ( مولدة لو وطني ) حتى كرهتُ وطني من كثرة انقطاع التيار الوطني . وأنا وعائلتي نتقلى بين ( شغل ابو المولدة ، اجت الكهرباء ، انقطعت الكهرباء ، منتظر يشغل ابو المولدة ) ونحن مثل السمكة ( بالطاوة ) نتقلب بين زيت العرق وحرارة الصيف في عراقنا الحبيب ،لا حرارة أي بلد .
ولا تسمع مني ومن غيري غير اللعن والسباب والشتم ، للحكومة ووزارة الكهرباء ومن يمثل هذه الحكومة ، وأبو المولدة . 
فيا عزيزي ( والكلام للقارىء ) فعن أي حس وطني تتحدث  أيها الكاتب ( رحم الله والديك ) .
لكن أقول ثمة هناك نماذج البعض شاهدتها بعيني والبعض سمعتُ بها ، من دول مجاورة لنا وغيرها عن تصرفات بعض مواطنيهم ، يعبر عن الحس الوطني ، أو الإحساس بالانتماء لهذا البلد ، وعلى سبيل الإختصار اذكر نموذجين .
النموذج الأول : ما حصل لي شخصياً 
في سنة ٢.١٤ أخذت ابنتي لإيران لإجراء فحص لها لظهور ورم خلف العين ، وقد عجز أطباء النجف وبغداد عن تشخيص هذا الورم ونوعه ، وكل ما حصلته منهم مجرد إحتمالات ، ومع كل احتمال هناك علاج ، فنصحني البعض بإختصار الطريق بالسفر بها إلى خارج القطر مع تخييري بين السفر إما ( للهند ، أو لبنان ، أو إيران ) وقال لي : الهند هي الأفضل ، لكنها الأغلى ، ولبنان كذلك ، فما كان مني إلا اخترت ( إيران ) لأنها الأقرب والأرخص ، فسافرت وبعد عرض ابنتي على الدكتور . 
قال : لابد من العملية ، ولكن قبل العملية لا بد من زراعة عينة من الورم لمعرفة نوع هذا الورم ( حميد أم خبيث ) وفعلاً تمت أخذ عينة وزراعتها في مختبر في العاصمة طهران ، وعند مراجعة الطبيب الذي هو مشرف على العينة ، كان كل مراجع يتأخر عنده قرابة نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة إن لم تكن ساعة كاملة ، فاصابني الملل من تأخر المراجعين عنده حين الإنفراد معه في غرفته الخاصة ، بالرغم من قلة عددنا نحن المراجعين ، وما أن وصل الدور لي بعد طول انتظار ، حتى دخلنا عليه ، وكان رجلاً كبيراً تقدم به السن ، وقد ملأ غرفته من الشهادات التقديرية من زمن الشاه حتى الخميني . 
وبعد التدقيق في التقارير  .
قال له المترجم : الإخوة ضيوف علينا من العراق 
فقال : أهلاً وسهلاً بالضيوف 
فقال له المترجم : أنك تتأخر مع المراجعين وتدقق كثيراً 
فأجابه الطبيب : أنا أعمل هكذا واتاخر مع المراجع لأمرين 
الأول : عملنا يتطلب الدقة والفحص الشديد ، لأن ارواح الناس بإيدينا.
والثاني : سمعة بلد 
وخاصة يأتونا ضيوف للعلاج من مختلف الدول 
فلا بد أن نحافظ على سمعة بلدنا . 
واقعاً اندهشت من هذا الكلام ( سمعة بلد ) من أين تربى هذا الحس الوطني لدى هذا الطبيب . 

النموذج الثاني : ينقل لي صديق  وهو دكتوراه في علم الإقتصاد ، إنه عندما كان يدرس في ( ماليزيا ) كان معه عراقي 
قد استأجر شقة صغيرة ، وكان نظام الدولة ، أنه إذا ينصب ستلايت لا بد يكون بعلم الدولة ، وهي التي تسمح للقنوات التي يريد الإشتراك بها . 
فيقول الدكتور : اشترى صحن صغير ووضعوه في الحديقة بين الأشجار ، فزاره ذات يوم زميله في الدراسة مواطن ماليزي 
فرأى ذلك الصحن فسأله ما هذا ؟ 
قال له إنه عاطل ، اتريده قال : لا 
يقول : بعد أن خرج هذا المواطن الماليزي ، ما هي إلا دقائق وإذا بالبوليس يطوق الدار ، وجاءوا مباشرة للصحن وصادروه ، ودفع ذلك الشخص غرامة لمخالفته  للقانون . 
فأقول : من أين يأتي هذا الحس الوطني .
هل أن الحكومة هي التي تزرع فينا هذا الحس ؟ 
أم المدرسة تربي ذلك فينا ؟ 
أم الوالدان يزرعان فينا ذلك الشعور ؟ 
أم نحن يجب أن نربي أنفسنا على ذلك الحس .  بغض النظر عن كون الحكومة تخدم الشعب ، أم أنها عدوة للشعب .
والواقع اقول هي نعم تظافر هذه الأركان الثلاثة ( الحكومة ، المدرسة ، الوالدان )
لكن الأمر الأول والأخير يعود لي أنا ، وانت أيها القارىء ، فالتغيير منا ولنا يعود .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ مظفر علي الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/25



كتابة تعليق لموضوع : هل يوجد هناك حس وطني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net