صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

الموت واهل العراق وصراع القرود
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

"وحدهم الموتى من أجبروا على الفراق, أما البقية فقد اختاروه", جملة توقفت عندها كثيرا, وهي مكتوبة في مقدمة كتاب ممزق الغلاف والمقدمة فلم اعلم كاتبه وما عنوان الكتاب, حديث الفراق دفعني للكتابة عن حوادث الموت التي تتلازم مع حياة العراقيين, اتذكر طفولتي وهي تتمزق بصور طائرات وهي تزمجر وتنشر الرعب في سماء بغداد, اعلاناً عن تطور حرب الثمانينات الى قصف المدن, كان الرعب ينتشر بين البيوت وفي البيوت, مع ما يمثله حكم العفالقة من رعب وقلق دائم لكل عراقي, وقوافل صناديق الموت الملفوفة بالعلم العراقي, كان لها مرور يومي في شوارعنا, فالموت اصبح حدثا يومياً للعراقيين بفعل طموحات الطاغية في التوسع.

وما ان غادرنا عقد الثمانينات حتى ادخلنا الاحمق صدام بحرب جديدة, كان نتيجتها افظع انواع قصف المدن, ليموت الاف العراقيين كغرامة اممية ندفعها مقابل جنون صدام, وتم تدمير كامل للجيش العراقي واحراق معداته الحديثة, التي تم شرائها بمبالغ كبيرة جدا, ثم انسحابه المذل, وانتهاء مغامرته بموت اهل العراق, وبقي الاحمق يردد بانه انتصر (ويا محلى النصر بعون الله), نعم هو حقق مراده بقتل اهل العراق والذي يعتبره نصراً شخصياً.

بعدها دخلنا في عقد مظلم وهو عقد التسعينات, ليموت العراقيين بفعل الحصار الاقتصادي المفروض عليهم فقط, اما كبار العفالقة وصنمهم الاحمق فكانوا يتنعمون في قصورهم.

بعد ان تم صيد الجرذ من حفرته, كانت الطموحات العراقية الشعبية كبيرة بان تسترد الحقوق ويتوقف الموت, ونعيش كبشر مثل باقي دول العالم, ندرس ونفرح ونحب ونبني ونعمر.

لكن القوى العالمية لم تقبل لأهل العراق بان يستريحوا من الخوف والقلق والموت, فكان القرار بوضع الحكم بيد حفنة من السراق والانتهازيين, وهكذا نحن نعيش حاليا ابشع سنوات الموت المتسلسل, بفعل سوء ادارة الدولة من قبل الطغمة الحاكمة, فادخلوا البلاد في ابشع الحوادث التي قد تحصل للبلدان, فمن الغرق بالأعمال الارهابية, الى اشعال نار الطائفية, ثم ظهور وحوش الفساد والجريمة المنظمة والمافيات البشعة, وهذا لا ينتج عيش هادئ ابداً, بل ينتج بلد اشبه شيء بعالم الزومي.

واخر الحوادث ما حصل من حريق مستشفى الحسين في محافظة ذي قار, والذي راح ضحيته 128 وعشرات الجرحى, لو حصل هذا الامر في بلد ثاني لكان امراُ طبيعيا ان تستقيل الحكومة, لأنها مقصرة في عملها, ولأنتحر القادة السياسيون كي يغفر الله لهم خطيئتهم العظمى, لكن حيتان السياسة لا يهتمون, فطبيعي جدا ان يموت العراقيون! حيث يستمر الموت يحصد ارواح العراقيين من عهد القرد العفلقي الى عهد قرود الحاضر.

كل ما سيفعلونه تشكيل لجنة تحقيقية, وتصل الى (لا شيء) كالعادة, وينتهي الامر بإقالة مدير المستشفى فقط, وتنجو القردة والخنازير الكبار بجريمتهم, والكل يندد في المنابر الاعلامية, وبالبيانات رسمية, وفي مواقع التواصل الاجتماعي بالفاجعة, وجميع الساسة تطالب بالاقتصاص من المتسببين, كأنهم بعيدين عن الحدث او عن المتسبب, او هكذا يريدون ان يوهموا السذج واصحاب الوعي المتدني, فهم كالعواهر لا يستحون ابدا!

ها هم العراقيون يجبرون على الفراق ومغادرة عالم الدنيا, نعم قد يكون قدرا مريحا بدل الاستمرار بالمعاناة! في ظل وجود طبقة سياسية تعتمد الظلم اساساً في الحكم, فيغادر العراقيون واحدا بعد اخر, اما بالغرق, او الحرق, او الانفجار, او بالقتل.

قديما كنا نردد ومازلنا نردد ونحن منتظرين فجر العدل: " اللهم انا نرغب اليك بدولة كريمة, تعز بها الاسلام واهله, وتذل بها النفاق واهله"


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/15



كتابة تعليق لموضوع : الموت واهل العراق وصراع القرود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net