صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

واقعية احتمالات اللغات العراقية في اشتقاق التسمية الجزء الثاني
جسام محمد السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ذكرنا الدليل الأول الذي ساقه المحقق العلامة السيد سامي البدري في ارتباط المعاني الثلاثة التي ذكرها، باشتقاق لفظة (كربلاء) في مراحل تأريخية مختلفة، ومن تلك الأدلة أيضاً:
2-  إن اسم (قردو) من أسماء مدينة بابل في العهد الكشي، وإن جبالها تقع قرب كربلاء، وبقاياه هي مرتفعات الطارات الممتدة من شمال غرب المدينة وحتى مسافة بعيدة إلى الجنوب من غربها، حيث شمال شرق النجف، حيث إن لفظة (الطار) قريبة جداً من لفظة eteru) (etteru) (ettertu)) (ايطيرو) (اطيروا) (ايطيرتو) وتعني(إنقاذ)، وبالتالي يتعزز الرأي القائل بأن كربلاء هي أرض (إنقاذ الحياة).
 وهذا الجبل قد أخبر عنه الإمام الصادق (ع) بقوله في جزء من حديث له: (إن النجف كان جبلاً وهو الذي قال عنه ابن نوح: (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء)، ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه، فأوحى اللهُ (عز وجل) إليه: يا جبل أيعتصم بك مني فتقطع قطعاً قطعاً إلى بلاد الشام، وصار رملاً دقيقاً...).
ونحن نقول بأنه من الممكن، بلحاظ ما ذكره الإمام (ع) حول كون ذلك الجبل أعظم جبال الأرض في حينها، أنه كان ممتداً إلى كربلاء، خاصة لو لاحظنا بقاياه الصخرية المتشابهة طوبوغرافياً نوعا ما في المحافظتين المتجاورتين، كما أنها تظهر في الخارطة على مسار متصل تقريباً من شمال غرب كربلاء وحتى جنوب غربها، ثم تنعطف شرقاً من شمال غرب النجف الأشرف متجهة إليها، حتى تحاذي مدينتها القديمة من الغرب، بما يشبه حافة متصلة لجبل سابق، وعندها، فلا منافاة بين كون النجف الأشرف واقعة على سفح بقايا جنوبه، وبين وقوع كربلاء المقدسة بقربه كذلك، ولكن على سفح جزئه الشمالي.
3-  هناك اسم آخر لمدينة بابل يكتب بعلامة مسمارية، وهي مؤلفة من علامتين مسماريتين، الأولى تقرأ (Tap) وتقابلها في اللغة الأكدية (esepuesapu) وتعني (المضاعف)، والثانية تقرأ (A) ويقابلها بالأكدية (mu) وتعني (ماء)، وتقرأ العلامتان (طافا)(tapa)، وهذا اللفظ قريب من لفظة (الطف)، وهو أحد أشهر أسماء كربلاء، فيصبح المجموع (الماء المضاعف) أو (الماء الكثير)، بالترجمة الحرفية الأكدية لهما، وهذه اللفظة قريبة بدورها من اللفظة الأكدية (طيفو)(tepu) وتعني الغرق والغمر، وفي العربية، فإن الطوفان يعني الغرق والفيضان، وفي الآرامية فإن (طفا) بمعنى طافٍ، وغرق بنفس معناه، وفي ضوء ذلك فإن مدينة (الطف) تعني مدينة (الطوفان).
وتعقيباً على ما أورده السيد البدري في أعلاه، فإننا نقول بأن كربلاء ربما سُميت باسم آخر يرتبط بالحدث الذي اُنقذت حياة المؤمنين منه على أرضها، وهو (الطوفان).
4-  ورد اسم تأريخي آخر لكربلاء هو (عمورا) وهو قريب جداً من لفظة (أمارو) أو (عمارو) السومرية، التي تـُقرأ (A.MA.RU)، والتي تعني الطوفان المدمر، وعليه فستعني (عمورا) مدينة (الطوفان) أيضاً.
وإذا قرأناها (tapa) بالتاء والباء (تابا) تكون اللفظة قريبة جداً من اسم السفينة التي ذكرت في التوراة العبرية وهي (تبه)(تيبا) وهي ليست عبرية، ويحتمل العلامة جزينوس في كتابه (معجم ألفاظ التوراة) أنها لفظة مصرية، وهي باللغة الهيروغليفية، وتعني (صندوق)، ويعقب المحقق - صاحب هذه الأدلة - على ذلك بقوله: وفي العربية (تابوت) بمعنى الصندوق.
ويتابع: وفي العربية أيضاً، الطوف: قِرَبْ يُنفخ فيها ويُشد بعضها ببعض فتـُجعل كهيئة سطح فوق الماء، يُحمل عليها الميرة والناس، والطوف خشب يُشد ويُركب عليه في البحر.
ويعلق السيد البدري على ذلك بقوله: وفي اللغة الهيروغليفية (tep)(طيف)، وهي بمعنى صندوق (tpet)(طيفت) بمعنى سفينة أو مركب كبير - بحسبما ورد في المعجم الهيروغليفي – وفي ضوء ذلك يتضح أن مدينة الطف معناها مدينة السفينة (سفينة النبي نوح (ع)) حيث لم يرد في التوراة تسمية (تيبا)(تبه) لغير سفينة النبي نوح (ع).
ويضيف بقوله: ويؤيد ذلك كله، ما جاء في المعجم الآشوري من أن (Gadu)(جادو) اسم للفرات الأوسط، وهو تصديق مثير لماء جاء في رواية طويلة عن الإمام الصادق (ع): (.. ثم استوت على الجودي وهو فرات الكوفة).
ونقول: قد ورد في أشهر مصادر الحديث كلام قريب من هذا المعنى، لو تم تحليل مكان رسو السفينة استناداً لما سيذكره الحديث، فيُفهم منه رجوعها إلى أو قرب مكان انطلاقها من مسجد الكوفة، حيث ذكر من ضمن حديث طويل: (... إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى نوح (ع) وهو في السفينة أن يطوف بالبيت أسبوعاً، فطاف بالبيت كما أوحى اللهُ إليه، ثم نزل في الماء إلى ركبتيه، فاستخرج تابوتاً فيه عظام آدم، فحمل التابوت في جوف السفينة حتى طاف بالبيت ما شاء الله تعالى أن يطوف، ثم ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها، ففيها قال اللهُ للأرض: (يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ)، فبلعت ماءها من مسجد الكوفة كما بدأ الماء من مسجدها، وتفرق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة، فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغري، وهو قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليماً، وقدس عليه عيسى تقديساً، واتخذ عليه إبراهيم خليلاً، واتخذ عليه محمداَ حبيباً، وجعله للنبيين مسكناً، والله ما سكن فيه أحد بعد أبويه الطاهرين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين (ع)....).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/11



كتابة تعليق لموضوع : واقعية احتمالات اللغات العراقية في اشتقاق التسمية الجزء الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net