صفحة الكاتب : فاضل حاتم الموسوي

الإمــــام المــهــدي (ع) مــاء الحـــيــاة 
فاضل حاتم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الماء سائل عجيب فيه سر من أسرار الله تعالى لأنه أساس استمرار الحياة فلولاه لما كانت الحياة موجودة أصلا قال تعالى : ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( سورة الأنبياء ، الآية : 30) فهو يروي ظمأ الكائنات الحية وينشر الخضرة في الأرض ويحيي البذور والنباتات ويخلص الجو من ثاني اوكسيد الكربون وبقربه نشأت الحضارات وتطورت الزراعة والصناعة فالماء من أعظم النعم الإلهية على الرغم أن الناس لا يشعرون بأهميته , وأصبح الماء في نظر العالم اليوم المكون الأصلي في تركيب مادة الخلية الحية فلذلك يكون الماء لازم وفعال في كل ما يحدث من تفاعلات وتحولات في الأجسام الحية إما يكون داخل في التفاعل أو عامل مساعد فيه  , حيث قام فريق من العلماء في جامعة انجلز بولاية ويلز الاسترالية بإجراء تجربة على النباتات التي تعاني من العطش وسجلوا الذبذبات الصغيرة التي تصدر من أوراقها وسيقانها ولشدة ما كانت دهشتهم حينما وجدوا أن هذه النباتات تصدر اصواتا بالمعنى العلمي للكلمة وقد استخدمت في هذه التجارب أجهزة دقيقة جدا لتسجيل ذبذبات الصوت وقارنوها بالذبذبات الناتجة عن النباتات في حالة توافر الماء فوجدوا أن الذبذبات في الحالة الأولى اشد وأقوى وكأن النباتات تصيح وتصرخ لكي تحصل على احتياجاتها من الماء . ( صحيفة الخليج , الماء سر الحياة : 2017 ). 
 وبهذا التقريب نستطيع أن نقول أن البشرية أيضا تحتاج الى المنقذ والمخلص مثل احتياج الكائنات الحية الى الماء , وفكرة المنقذ من الأفكار المشتركة عند جميع الديانات والأيديولوجيات وكذلك وردت روايات وأخبار عن تشبيه الإمام المهدي (ع) بالماء المعين باعتباره سببا لحياة كل شيء ظاهر , قال تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ ( سورة الملك ، الآية : 30 ) , وقال الإمام الباقر (ع) : هذه نزلت في القائم يقول أن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو فمن يأتيكم بإمام الظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وحلال الله عز وجل وحرامه , ثم قال (ع) : والله ما جاء تأويل هذه الآية ولا بد أن يجيء تأويلها (الغيبة , الشيخ الطوسي ص 101) .
 فالماء يحيي الأرض ماديا والإمام يحيها  والعباد روحيا بمعنى انه يهبهم الحياة المعنوية الكريمة التي يكون فيها المؤمن عزيزا , عن الإمام الباقر (ع) في قوله تعالى :﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ( سورة الحديد ، الآية : 17 ) قال : يحييها الله عز وجل بالقائم (ع) بعد موتها بكفر أهلها والكافر ميت . ( إكمال الدين , الصدوق ج2 ص667) ، وعنه (ع) في الآية المذكورة أيضا قال : يعني يصلح الله عز وجل الأرض بقائم آل محمد من بعد موتها يعني من بعد جور أهل مملكتها (الغيبة , الطوسي ص 101) . وعن رسول الله (ص) قال : يا عمار أن الله تبارك وتعالى عهد إلي انه يخرج من صلب الحسين تسعة , والتاسع من ولده يغيب عنهم وذلك قوله عز وجل  :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾( سورة الملك ، الآية : 30 ) , يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا وعدلا ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل وهو سميي وأشبه الناس بي , يا عمار سيكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا وحزبه . (بحار الأنوار , المجلسي  ج8 ص486) . 
 وبما أن الحق قد رفع من الخلق الألطاف الخاصة في أيام الغيبة وذلك بسوء أعمالهم فلزمهم أن يلتمسوا الفيض ويأخذوا الخير ويتعلموا منه (ع) بالمشقة والتعب والعجز والخضوع والتضرع والإنابة مثلهم كمثل العطشان أذا أراد أن يخرج الماء من البئر العميقة فليس عنده طريق إلا بذل الجهد باستخدام الآلات والوسائل ليطفئ نار عطشه, ولهذا عبرت بعض الروايات عنه (ع) ب ( بئر معطلة ) (مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (ع) ) . 
  وقد وعد الله تعالى أن يحيي به الأرض ويطهرها من أعدائه ويظهر له الكنوز والذخائر والأسرار والضمائر , ورد عن رسول الله ( ص) أنه قال : لما عرج بي الى السماء السابعة ومنها الى سدرة المنتهى ومن سدرة المنتهى الى حجب النور , ناداني ربي جل جلالة : يا محمد , أنت عبدي وأنا ربك  .... وبالقائم منكم أعمر ارضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي وبه اطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي وبه اجعل كلمه الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا وبه احيي عبادي وبلادي بعلمي وله اظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي وإياه اظهر علي الأسرار والضمائر بإرادتي وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني ذلك ولي حقا ومهدي عبادي صدقا (الامالي , الصدوق ص 731 ) . والحقيقة إن الحياة الحقيقية هي الإيمان بالقضية المهدوية حيث يكون المؤمن به يضئ دربه ويهون مصائبه ويعطيه اطمئنانا تنمو به حياته كما يعطي الماء لسائر الموجودات الحية .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاضل حاتم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/22



كتابة تعليق لموضوع : الإمــــام المــهــدي (ع) مــاء الحـــيــاة 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net