صفحة الكاتب : صباح محسن كاظم

قراءة في كتاب/  المهاجرون في السويد الواقع والطموح
صباح محسن كاظم

كان للاستبداد السياسي للنظام التوليتاري الفاشستي البعثي المقيت أثره البارز في هجر ة الملايين من العراقيين من شعراء، وكتاب، وفنانين، أضف الى ذلك نخب من السياسيين لمواصلة مقارعتهم للنظام البعثي الدموي آنذاك... ومن خلال مشاهدتنا لتأدية الطقوس والشعائر في محرم او المناسبات الدينية والوطنية والثقافية تنقل لنا الفضائيات صورة حية من تواصل شعبنا بالمهجر بفعالياته تماهيا مع الداخل، فالعراقي كلما يغترب يزداد حبا وتعلقا بوطنه وحنين الاغتراب يجعله ملتصقا بهموم الوطن...فمن الضروري الوقوف لإستقراء ودراسة الواقع الثقافي والاجتماعي للملايين المهاجرة، فهذا الكتاب يدرس الاشكاليات التي يقع بها المهاجر من خلال حواره مع المبدعين من الباحثين والفنانين التشكيليين والمسرحين ومن طبقات اجتماعية مختلفة...
 يقدم الكتاب الدكتور (خالد يونس خالد) الباحث العراقي المنتج في مجالات الفكر والادب والنقد يبتدأ تقديمه: (يعتبر المهاجرون في السويد قوة فاعلة نسبيا في نسيج المجتمع حيث دورهم المباشر في صنع القرار، انما من حيث تأثيرهم على فسيفساء المجتمع وتكوينه الاجتماعي والمدني والثقافي، وازداد هذا التأثير بفعل ازدياد عدد المهاجرين القادمين من دول الشرق الاوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية في السنين الثلاثين الأخيرة).
 وفي التمهيد للكتاب يذكر مؤلفه ص8 لم يعرف العراقيون الهجرة الجماعية المتواصلة قبل زمن صعود صدام التكريتي على سدة الرئاسة في هذا القرن، إلا من أفراد لا يكاد يشعر بهم إلا أرحامهم، ولكن بعد ازدياد وشمولية قسوة القمع الصدامي والبعثي هاجر الملايين من هذا البلد، وفي توضيح للكاتب- علي رمضان- يؤكد ان الدراسة ليست مختصة بالعراقيين، ربما يكون للعراقيين في هذا الكتاب مساحة أكبر من غيرهم بأعتبار كاتب الدراسة إنسانا عراقيا يعيش بين العراقيين.. يتناول الكاتب السيد (علي القطبي) موضوعاته  بسبعة أبواب وفصول متعددة ب215 صفحة تتخللها حوارات مع العديد من الشعراء والأدباء والفنانين...
في ص13 الفصل الأول يفصل أسباب الهجرة وأنواعها، ولماذا يهاجر البشر؟ ((القرن العشرون وهو القرن الذي بدأت فيه موجات الهجرة السياسية من بلاد العالم الثالث الى بلاد العالم الاوربي المتطور الى حد صار وجودهم يشغل حيزا من الدول، ويترك آثاره الواضحة، سواء كانت سلبية او ايجابية على المجتمعات التي يقيمون فيها، وصار للكثير من الجاليات جمعياتهم الثقافية ومساجدهم وحسينياتهم ومعابدهم ومنشوراتهم وحتى اذاعاتهم، كما توجد بعض المدارس التي تدرس مادة الدين الإسلامي ضمن المواد الرسمية، وهي ما تسمى بالمدارس الإسلامية....)) بالطبع ان تدفق الاعداد الهائلة هو بحد ذاته اللجوء الى الملاذ الامن بعيدا عن الاستبداد والتعسف؛ فيجدون الأمن واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والتعليم المجاني والعلاج المجاني وحصول المهاجر على جنسية البلد... 
وفي رأي الكاتب القطبي ان الاثار السلبية للهجرة عديدة ومنها تفكك الاسرة.. فقدان العقائد والتقاليد الوطنية... 
ويواصل الكاتب (علي رمضان القطبي) بحثه في الهجرة وابعادها والاندماج بالمجتمع السويدي ثم يتطرق الى فترات وانواع الهجرة كالهجرة الدائمة او هجرة تنتهي بعودة الاب او الام ولكن بدون الابناء بعد استقرارهم بالغرب، ويعرج الكاتب على جنسيات المهاجرين من البوسنة بسبب الحرب بين الصرب والكروات والمسلمين، وكوسوفو. المهاجرون من الصومال بسبب الحروب الداخلية، المهاجرون من افغانستان كذلك.. 
في ص34 يذكر المؤلف: ((مقارنة مع سائر البلدان الاوربية، تستقبل السويد أكبر عدد من اللاجئين العراقيين وفقا لاحصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، فان 41920 عراقيا تقدموا منذ عام 2006 بطلبات لجوء الى البلدان الاوربية، نصفهم تقريبا في السويد وفي العام الفائت وحده، سجلت دائرة الهجرة في السويد 36207 طلبات لجوء 18559 منها مقدمة من لاجئين عراقيين وبحسب وزير الهجرة توباس بلستروم، فان بلاده تأوي بين80 الفا و120 الفا من اللاجئين... وتعتبر الجالية العراقية ثاني جالية اجنبية في السويد بعد الجالية الفنلندية. ويستطرد الكاتب بشرح عن المهاجرين من دول مختلفة وبأعمار متباينة...
 وفي ص44 الفصل الثاني نظرة المجتمع السويدي إلى المهاجرين، فهي متباينة بين النفور والقبول يعقب الكاتب الباحث العراقي د- خالد يونس خالدحول الموضوع : أود أن أكتب هنا بعض انطباعاتي عن الهجرة الى السويد قبل ثلاثين عاما أتذكر عندما توجهت الى السويد، وقابلت المحقق، وقلت إن النظام العراقي يظلم المعارضين ويقتلهم ويلاحقهم وكان قد صدر حكم الإعدام عليَ في حينه، استغرب المحقق وقال: كيف يفعل نظام العراق كل هذا والعراق عضو في الأمم المتحدة.
لم يكن لكثير من السويديين معلومات صحيحة عن العراق، فالاعلام العراقي كان قويا لتشويه الحقائق، ولم يكن العراق في دائرة اهتمامات السويد، كما لم تكن هجرة العراقيين الى السويد مرتفعة، معلومة أخرى أود انقلها، وهي ان المهاجرين من ذوي اصول شرقية، وبشرة سمراء، ومنهم العراقيون كانوا محبوبين في السويد الى درجة كبيرة، كان الناس يرمون الورود والازهار احيانا علينا من البالكونات، حيث كنا نمر بهم، وكان يمكننا التعارف مع السويديين والجلوس والحديث معهم من الجنسين بسهولة... 
واستطرد الكاتب في فصوله وابوابه في مشكلة الشباب المنفلت في السويد، واقع المناهج التعليمية، المساجد، المراكز الثقافية والجمعيات الإسلامية، وقد افرد الكاتب علي رمضان القطبي العديد من اللقاءات مع المبدعين العراقيين من الكتاب والأدباء كسهر العامري، والباحث المندائي يحيى غازي الأميري، والشاعر ميخائيل ممو، وابرز نشاطات الشاعر المبدع فائق الربيعي والفنان علي النجار وآخرين.. 
إن هذه الدراسة المهمة عن واقع المهاجرين المغتربين تلقي الضوء على شريحة واسعة جدا من العراقيين في المنافي البعيدة هرب أغلبهم من بطش الدكتاتورية، وحري الاهتمام بهم وبالأجيال التي ولدت في الغربة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صباح محسن كاظم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/02



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في كتاب/  المهاجرون في السويد الواقع والطموح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net