صفحة الكاتب : نايف عبوش

الرموز التعبيرية أيقونات تواصل رقمي.. وليست لغة حقيقية حية
نايف عبوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شاع استخدام الرموز التعبيرية في وقتنا الراهن، كوسيلة تعبير، واداة تواصل فنية، في الدردشات الرقمية، على ساحة الفضاء الافتراضي ، للتعبير عن المشاعر الإنسانية بين المستخدمين لمنصات التواصل الاجتماعي ، لما تتركه في نفس المتلقي لها من أثر، في دلالاتها التعبيرية، وما تفرزه من معاني رمزية في نفس الوقت . ولأنها أيقونات صورية وحسب ، فإنها تظل (لغة صور بصرية)، وليست( كلاما مكتوبا )، وبالتالي فإنها ( لغة صامتة)، ولكنها تؤدي المقصود منها، مع انه لا مكان للألفاظ فيها .

وكما هو معلوم، فقد بدأ استخدام الرموز التعبيرية، في أواخر تسعينات القرن الماضي، في اليابان، بمسمى( الإيموجي) ، حيث تم إدخال المجموعة الأولى منها، من قبل شركة اتصالات، لتسهيل التواصل الالكتروني،بعد أن استوحت إشاراتها من رمزيات ( المانغا اليابانية)، وتطورت بسرعة، وأصبحت تستخدم في جميع منصات الإنترنت ، لتصبح لغة عالمية في عام  ٢٠١٠ ، بعد أن اتفقت جميع المنصات على معايير موحدة، تجعل الرموز التعبيرية، مقروءة فيما بينها، وأصبح بالإمكان تبادلها بين أجهزة الهواتف الذكية.

ولابد من الإشارة إلى أن التحول من اللغة المكتوبة بالكلمات، إلى استعمال الرموز التعبيرية، المستوحاة من ملامح الحياة اليومية، جاء وليد الثورة التقنية الرقمية الهائلة، في مجال التواصل والاتصال،إذ يتطلب  التواصل بين المستخدمين عبر فضاء الأنترنت في عصر التكنولوجيا الرقمية، السرعة، والتكثيف، والاختزال، وبذلك يكون من الأسهل عندئذ، استخدام الرموز، بما اصطلح عليها بين المستخدمين في الفضاء الرقمي، من دلالات تعبيرية، بدلاَ من اللجوء إلى استخدام الكثير من الكلمات، التي قد تستهلك الوقت .

وبالرغم من كل ما تتمتع به الرموز التعبيرية من دلالات في التعبير عن المشاعر، وما تحظى به من قبول، وسهولة، وسرعة في الاستخدام ، فإنه لا يمكن اعتبارها لغة حية حقيقية مستقلة، ما دامت تفتقر إلى الأحرف، و تنقصها قواعد بناء الجملة، وبالتالي فإن غياب قواعد اللغة عنها، ومحدودية دلالاتها التعبيرية، يجعلانها تفتقر لوظائف اللغة الأساسية، التي تسمح بالتواصل العميق، والمركب بين الناس، وهكذا فإن الرموز التعبيرية، تظل غير فعالة كلغة بشكل مستقل، من دون لغة رديفة حاوية لها، لكي تكتسب، عند استخدامها، معناها وسياقها من النص، عندما يتم الجمع، بين الرموز التعبيرية، والكلمات في عملية التواصل .

وهكذا تظل الرموز التعبيرية، مجرد أيقونات صورية بسيطة وحسب، مع كل ما ألهمته إياها التقنية من روح، ومنحتها من معنى تواصلي، وما اضفته عليها من قبول كخيار بديل للكلمات ، حين يصعب فنياً، توظيف النص الرقمي في صناعة المعنى، والمبنى في عملية التواصل، لتظل الرموز التعبيرية بهذه الصيغة ، مجرد أداة تواصل رقمي، تفتقر إلى النبض والتوهج ،حتى مع اقترابها في دلالاتها التعبيرية  في التخاطب، من تخوم اللغة الحقيقية الحية، إلى حد كبير، باعتبارها في رمزيتها، لغة جسد ، تقود الى مدلولات أكثر عمقا، وأكثر صدقًا، من لغة الخطاب المسموع .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نايف عبوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/01



كتابة تعليق لموضوع : الرموز التعبيرية أيقونات تواصل رقمي.. وليست لغة حقيقية حية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net