صفحة الكاتب : صباح محسن كاظم

حوار الأديان والثقافات ج3
صباح محسن كاظم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ان الشراكة الحضارية تقتضي التلاقي والحوار لأن النتاج العلمي الانساني فيه شركاء من جميع الحضارات وليس وليد الصدفة او طريق معين. فالتفاعل والتثاقف والتحاورهو حالة ديناميكية بين المجتمعات الانسانية من خلال التلاقح الحضاري؛ فالمواجهة الحضارية ينبغي ان تكون معرفية ثقافية وليس عنيفة اقصائية استعلائية. 
ان هاجس النخب العربية كيف نواجه الغرب وهو يخطو تكنلوجياً وصناعياً ومعرفياً ونحن في ركود حضاري: هل الاصطلاحات السياسية، وتطبيق قيم الديمقراطية، واحترام حقوق الانسان، والايمان بالتعددية السياسية يقودنا الى اللحاق بالركب الحضاري؟ 
الاجابة نعم... بسبب وجود العامل الاقتصادي من ثروات متعددة، وموقع استراتيجي، ومحفزات قيمية روحية ارثية ومُثل... تدفع حضارياً للامام. فجميع التيارات والايديولوجيات والوجودات السياسية لديها مشاريع تؤمن بالاصلاح وتختلف في آليات تطبيقها؛ لأنها لا تريد ان تحرم مصالحها واجندتها وهذا السبب الذي يؤدي الى الاخفاق والفجوة بين البقاء على الواقع الراهن وبين الاندفاع الحضاري للأمام فلا مانع من بناء الذات التاريخية على اصولها ومنابعها وارثها والتفاعل مع الآخر بالحوار الايجابي. 
ان نكران فضل الاخر هو عين الجور والتقاضي عن المعطيات الحضارية، ولا ينتج غير القطيعة والوهم بالآخر والسير حثيثا نحو الصدام المحموم، فلدينا خطنا الحضاري القيمي والاخلاقي والروحي ولهم ايديولوجيتهم الخاصة بهم، فلا ضير من التفاعل وتحقيق المنفعة المشتركة ليس على اساس براغماتي وميكافيلي بل يحقق الطموحات المشروعة للاطراف المتعددة. 
قد يرى البعض انها معادلة صعبة يتجاذب طرفاها نقيض حضارة قديمة بمعتقدات فكرية وفلسفية وقوانين وتقاليد وانماط من السلوك ورؤى وافكار مختلفة مع غرب متمدن ومتفوق تكنلوجيا يفتقد الى القيم الروحية والحضارية تسمع اصواتا في الغرب، تمجد وتمدح اخلاقية وروحية الشرق بعد ازدياد حالات الانتحار او انتشار المخدرات والشعور بتفاهة الوجود الانساني الذي يرعبهم كثيرا من هنا باستطاعة الحوار الحضاري ان يمد جسور الثقة المشتركة بما لدينا من قيم روحية وسلوكية، وبما لديهم من تقدم علمي فتصبح معطيات الواقع الجديد هو التوازن المشترك. 
اما حدوث العكس أي التعامل القهري والاستعلاء الاستعماري يبقي الازمات ويضيع على الغرب علاج امراضه الروحية والاخلاقية التي تؤدي بحضارته الى الهاوية من خلال التفكك الاسري المدمر والذي يشظي المجتمعات وينخرها داخليا ويدق اسفين زوالها. ان هناك بونا شاسعا بين الصراع والحوار الحضاري؛ فالصراع هدفه القضاء على الآخر وافناؤه. 
اما الحوار المدعوم بالمشتركات يقضي البقاء على الآخر وجذبه الى الصواب بعد ازالة اللبس والشكوك والشبهات وتثبيت الاتفاق على المشتركات الثنائية في قيم السلام ونبذ الارهاب, وثقافة التعايش، وثقافة الحوار، وثقافة السلام بكل اشكاله... وادامة نظم التعاون بكافة المستويات بزيادة الروابط والالفة بين المجتمعات بتقديم العون التكنلوجي والمعرفي، واقامة شراكة اقتصادية بمشاريع مشتركة ونقل المعلوماتية وعدم حجبها عن الآخر لتعم الفائدة على الجنس البشري... اما اذا اصم الغرب اذنه عن سماع حاجات الشرق بنقل التكنلوجيا وتلبية تنمية شاملة للشعوب، وعدم دعم الاستبداد في الشرق لمآرب استراتيجية هنا يحصل التقاطع وتبدو الفجوة شاسعة بين التمدن الغربي وتخلف العالم الثالث وما يسمونه دول الجنوب. وعالمنا العربي المتهم دائما من الاخر بتفريخ الارهاب والتخلف فهو في نظر الغرب متهم حتى لو ثبتت براءته وخصوصا بعد احداث 11 ايلول المأساوية وما جلبت من بلاء على الانسانية. 
ان سجايا وفضائل العرب الموروثة يجب تفعيلها من خلال نبذ العنف والارهاب وإشاعة ثقافة الحوار وثقافة احترام العقائد الاخرى كما بينا في الآيات السالفة، والعنف الذي يرفضه شرعهم وتاريخهم، وكذلك جلد الذات واخراجها من كبوتها ونكوصها الحضاري لحث الخطى للحاق بالركب الحضاري والمنجز الانساني، وتطوير طرائق التعليم والمناهج التربوية لجعلها تواكب الحداثة العلمية مع استلهام الدرس التراثي والدرس التأريخي لرموز الامة، فهل يعقل أن الثورة الحسينية ودروسها ورموزها وقائدها الامام الحسين (عليه السلام) لاتدرس في المناهج التربوية العربية؟!! أليس بالامكان استلهام الثورة الحسينية في تقريب المفاهيم بين الاديان! ألم يشارك النصراني الى جانب المسلم في واقعة الطف الخالدة ويشارك التركي والفارسي والعربي بنصرة الحق والشهاده دونه... 
ان الاساءة الى المقدسات والرموز الاسلامية مثلما اساءت الصحف الدنماركية والنرويجية والفرنسية وكذلك ضرب المقدسات وتدميرها كما حصل في سامراء؛ فالاساءة الى المقدسات تعكر صفو الحوار وتعطل المشاريع الانسانية التي تدعو الى احترام اعتقاد الآخر وتؤدي الى صراعات الخاسر فيها الانسان.
نحن بأمس الحاجة الى حوار (اسلامي - اسلامي) بين مختلف المذاهب بأطر حضارية وبنسق معرفي من اجل التقارب والتفاهم بين أمة محمد(صلى الله عليه واله وسلم) ثم حوار مع الاديان الاخرى، فالحوار الداخلي والخارجي يسهم بصناعة حياة أبهى للمستخلف على الارض، الانسان الذي خلق كل شيء من اجله...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صباح محسن كاظم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/15



كتابة تعليق لموضوع : حوار الأديان والثقافات ج3
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net