صفحة الكاتب : زينب بابان

طفلتي تكتب رسائل
زينب بابان

: لا شئ ماما .. انها اوراقي الخاصة ... 
ترى ما الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى ان اراه ..؟!
: اكتب رسائل الى الله... 
قطعت كلامها فجأة وقالت: ولكن هل يتحقق كل ما نكتبه ماما ..؟!
طبعا يا ابنتي فإن الله يعلم كل شئ . لم تسمح لي بقراءة ما كتبت.. فخرجت من غرفتها واتجهت الى (زوجي) كي ارى احتياجاته، وذهني شارد مع صغيرتي، فلاحظ شرودي ظن بأنه سبب حزني.. فحاول اقناعي بأن اجلب له ممرضة.. كي تخفف عليَّ هذا العبء، يا الهي لم ارد ان يفكر هكذا.. فحضنت رأسه وقبلت جبينه الذي طالما تعب وعرق من اجلي انا وابنته ريم.. واليوم يحسبني سأحزن من اجل ذلك.. واوضحت له سبب حزني وشرودي.. 
ذهبت ريم الى المدرسة.. وعندما عادت كان الطبيب في البيت فهرعت لترى والدها المقعد اثر اصابته بشظايا مفخخة، وجلست بقربه تواسيه بمداعباتها وهمساتها الحنونة.. وضح لي الطبيب سوء حالته وانصرف.. تناسيت ان ريم ما تزال طفلة.. ودون رحمة صارحتها ان الطبيب اكد لي ان قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل هذا الحب بدأ يضعف كثيرا وانه لن يعيش لأكثر من ثلاثة اسابيع.. انهارت ريم وظلت تبكي وتردد: لماذا يحصل كل هذا لبابا ..؟! ماذا يريدون منا ؟ ادعي له بالشفاء يا ريم .. يجب ان تتحلي بالشجاعة .. ولا تنسي رحمة الله انه القادر على كل شئ.. فانت ابنته الكبيرة والوحيدة. أنصتت ريم الى امها ونست حزنها.. وداست على ألمها وتشجعت وقالت: سيشفى والدي. 
في كل صباح تقبل ريم خد والدها الدافئ .. ولكنها اليوم عندما قبلته نظرت اليه بحنان وتوسل وقالت : ليتك توصلني يوما مثل صديقاتي . 
غمره حزن شديد فحاول اخفاءه وقال: ان شاء الله سيأتي يوما واوصلك فيه يا ريم.. وهو واثق ان اعاقته لن تكمل فرحة ابنته الصغيرة .. 
اوصلت ريم الى المدرسة .. وعندما عدت الى البيت .. غمرني فضول لأرى الرسائل التي تكتبها ريم الى الله.. بحثت في مكتبها ولم اجد اي شئ.. وبعد بحث طويل.. لا جدوى.. ترى اين هي ؟!! ترى هل تمزقها بعد كتابتها..؟! ربما يكون هنا.. لطالما احبت ريم هذا الصندوق،  طلبته مني مرارا فأفرغت ما فيه واعطيتها الصندوق.. يا الهي انه يحوي رسائل كثيرة.. وكلها الى الله!
يا رب ... يا رب ... يموت ( كـلـب ) جارنا سعيد .. لأنه يخيفني!!
يا رب ...جارتنا تلد ولدا .. ليعوضها عن ابنها الذي قتلوه !!!
يا رب ... ينجح ابن خالتي .. لاني احبه !!!
يا رب ... تكبر ازهار بيتنا بسرعة .. لأقطف كل يوم زهرة واعطيها معلمتي!!! 
والكثير من الرسائل الاخرى وكلها بريئة.. يا الهي كل الرسائل مستجابة.. لقد مات كلب جارنا منذ اكثر من اسبوع.. جارتنا رزقت بولد .. ونجح احمد بتفوق.. كبرت الازهار .. ريم تاخذ كل يوم زهرة الى معلمتها. 
يا الهي لماذا لم تدعوا ريم ليشفى والدها ويرتاح من جراحه ..؟! ليتها تدعو له .. ولم يقطع هذا الشرود..ا هاتف يرن من المدرسة !! ...ما بها ريم ..؟! هل فعلت شيئا..؟ّ! اخبرتني المديرة ان انفجارا حدث في المدرسة، لقد فجروا مدارس اطفالنا. كانت الصدمة قوية جدا لم اتحملها انا ولا ابوها.. ومن شدة صدمته اصابه شللا في لسانه فمن يومها لا يستطيع الكلام.. لماذا قتلوا ريم..؟! الأنها طفلة عراقية لا استطيع استيعاب فكرة ان افقد ابنتي الحبيبة.. كنت اخدع نفسي كل يوم بالذهاب الى مدرستها كأني اوصلها .. كنت افعل كل شئ صغيرتي كانت تحبه .. كل زاوية في البيت تذكرني بها اتذكر رنين ضحكاتها التي كانت تملأ علينا البيت بالحياة مرت سنة على رحيلها .. وكأنه اليوم وفي صباح هذا اليوم نهضت فزعة لاسمع صوتها ولا شيء طبعا سوى تخيلات قلب أم... فاشتقت ان اقلب ثانية في اوراقها وكتبها هناك وجدت رسالة: الى عمو ارهابي ... لماذا تقتلون الاطفال الا تخافون الله  ؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينب بابان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/08



كتابة تعليق لموضوع : طفلتي تكتب رسائل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net