صفحة الكاتب : صدى الروضتين

أوبريت وهج المولد النبوي
صدى الروضتين

لكل عصر نهضة وانفتاح ثقافي، لا بد أن يكون البحث عن الهوية الأصيلة، التي تربط حاضرنا بماضينا ضرورة أدبية وتاريخية، يمكن من خلالها خلق نظرية جمالية، يتواشج فيها الإبداع الفكري والأدبي، راسما ملامح فنية، شكلت أساسيات خصوصية كل تجربة وفرادتها، التي نتجت عن اندماجها بالسيرة العطرة، لشخصها الذي تناولته والذي ركز أعمدتها الأساسية، مطورا بذلك مجموعة من المنظومات الفكرية والثقافية، التي سايرت البشرية في حياتهم اليومية، وعلى امتداد الأزمان، محاولة فك طلاسم كل رمز ارتقى، ليصنع تقاربا وحدويا لجميع شعوب هذا العالم، فكان بحق مصداقا لتسمية (عصر النهضة المحمدية الإسلامية) الذي شكل نسقا، تفاعل بكافة أبعاده الصورية والعقلية والمادية مع مجتمعاتنا، مما جعل أدباءنا ومسرحيينا يتهافتون لينهلوا من هذا المعين الذي لا ينضب، ليكشفوا لنا بعض الإرهاصات، التي دمجت برؤيا مستقبلية محدثة فرقا في الطرح النخبوي على الساحة الثقافية، من خلال محاولة ناجحة لاستشراف آفاق جديدة، ودلالات تكون فيها المعرفة مهادا واسعا لتصورات ومقاربات وتقنيات، تعكس الصورة المشرقة والحقيقية لنبي هذه الأمة وهاديها (صلى الله عليه واله وسلم) وهذا ما أبرزه العرض المسرحي، الذي قدمه قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، الذي قدم بمناسبة الذكرى السنوية لولادة سيد الكائنات أبي القاسم محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وتحت عنوان (وهج المولد النبوي) لتحثنا الخطى قدما من اجل معرفة خصوصيات هذا العمل الجماعي المبدع... التقينا بمخرج العمل الأستاذ جاسم أبو فياض...
إن علاقتي مع قسم الشؤون الفكرية والثقافية للعتبة العباسية المقدسة لم يبدأ من هذا الأوبريت، ولكن امتداده كان من بداية نشأة القسم، وقد عملنا في عدة مجالات منها فلم العرين، الذي نجح نجاحاً باهراً، وكان من تعليقي. وأيضاً عملنا معاً لإنتاج هذا الأوبريت، الذي قدمناه في قاعة الكفيل في العتبة العباسية المقدسة... وإن شاء الله سوف نتابع عملنا على إنتاج أعمال أخرى بعون الله. 
صدى الروضتين: ما هي خصوصيات هذا العمل وما هي حيثياته ؟
من خلال عملي كمشرف فني في مديرية النشاط المدرسي، كنا نقدم في المدارس أوبريتات تخص المناسبات الموجودة، كمولد النبي وغيرها من ولادة الأئمة الأطهار. وفي هذه السنة طرح الأستاذ علي الخباز هذه الفكرة عليّ، بأن نعمل أوبرت تخص ميلاد النبي (ص). وقام بكتابة النص المسرحي، وجاء النص مستوفيا لكل الشروط، مع أنه كان يوجد في النص قصيدتان شعريتان، ولكن النص كان نصا مسرحيا بكل معنى الكلمة. 
صدى الروضتين: شاركت كمخرج وكممثل فكيف وازنت بين هاتين الكفتين؟ 
 عندما أردنا تقديم كادر فني لتمثيل المسرحية، استعنا بمجموعة من الشباب من الكادر الإعلامي الموجود في العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين، ولم يكونوا قد وقفوا على خشبة المسرح من قبل، ولكن عندما قدمنا أول (تيست) للعمل، اكتشفنا وجود مواهب كبيرة في التمثيل داخل العتبات، ولكن عددهم كان غير كاف، فاضطررنا أنا والأستاذ علي الخباز إلى تمثيل دورين مهمين في الأوبريت، وذلك لأننا لم نستطع إلغاء أي شخصية من الأوبريت. وأما الإخراج، فالإخراج لم يكن على عاتقي فقط ولكن كان الإخراج جماعي وبمساعدة كل الأخوة...
صدى الروضتين: ما هي رؤيا المخرج التي حاولت إيصالها إلى الجمهور؟ 
نحن كنا نحاول إيصال فكرة أن مولد النبي (ص) قد ذكر في الإنجيل والتوراة، ولكنهم عمدوا إلى تعتيم هذا الموضوع لأغرض سياسية ومصالح شخصية، وأردنا رسم لوحة خاصة عن خصوصية يوم ميلاد النبي محمد (ص) حيث جسدنا صورة الرعد والبرق، وكيف تساقطت الشهب وتراقصت النجوم، وقد ذكر هذا عند المتنبئين في التوراة والإنجيل، وممن كانوا يتعاملون بالسحر، ولديهم مصدر قوة خارقة في ذلك الوقت مثل شخصية الكاهن (شق) ولكن عند بداية ظهور علامات المولد النبوي، بدأت هذه القوة والجبروت تنتهي وتتلاشى شيئاً فشيئا... وهذا ما أردنا أن نوصله إلى الجمهور من خلال هذا الأوبريت. فقد قدمناه على شكل استرجاعات تاريخية وبشكل حديث. فجميع الشخصيات التي قمنا بأداء أدوارها، هي شخصيات حقيقية، كانت في الزمن القديم مثل شخصية كسرى الملك الفارسي الذي واكب عصره الولادة المباركة، و(المؤبذان) وهو سادن النار أو كبير الكهنة في بلاط كسرى. وهناك دلالات على انطفاء النار التي لم تنطفئ على مر ألف عام، والكهنة من المسيحيين واليهود كانوا ينتظرون الدلائل على حصول الولادة العظيمة...
صدى الروضتين: كيف تم اختيار كادر التمثيل؟
هناك شيء من الدفق الروحي، هو الذي جمع هؤلاء الفتية، وهو خارج السياقات العملية، لاحظته كوني مخرجا، وهذا طبيعي بفعل خصوصية المكان وصاحب المكان الإمام أبي عبد الله الحسين وأبي الفضل العباس (ع) أصبح لديهم دافعا غير طبيعي، وكان الوقت المتبقي لنا كي نتدرب على هذا الأوبريت، غير كاف، ولكن الحب للعمل والمكان الذين نعمل فيه، هو الذي جعل العمل سهلا وسلسا على كل شخص يأخذ دوره من خلال الأوبريت، وبعد ما انهينا التدريب على الأوبريت، وجدنا أنهم لا يقلون براعة عن الفنانين المسرحيين الكبار، وذلك بفضل الله وبركات صاحبي المكان المقدس.
صدى الروضتين: كيف تقيم هذا العمل كمخرج ؟
أنا لم أخرج هذا العمل وحدي، ولكن الإخراج كان جماعيا من ديكور وصوت، وأنا أشكر الأستاذ أحمد العويدي على كل ما فعله، فقد كان للصوت تأثير كبير على الأوبريت، وذلك لما يحمله من براعة وفن في الإخراج الصوتي... وأما كتقييم لهذا العمل، فأنه ناجح، وهو عمل من نوع خاص، ولم يسبق أن قدم هكذا عمل من قبل في مثل هذه المناسبة...
 ثم التقينا بالأستاذ الأديب علي حسين الخباز 
صدى الروضتين: البداية؟
في جميع العتبات يوجد قسم للإعلام، وفي كل قسم توجد منشورات، وجريدة، ونشرات دينية، ففي العتبة الحسينية المقدسة، يوجد قسم الإعلام، ويوجد هناك جريدة وإذاعة. وأيضا في إعلام العتبة العباسية المقدسة، توجد جريدة صدى الروضتين، لذلك أردنا التوسع وأردنا وضع خطوط لمسرح حسيني جديد، فقمنا بكتابة السيناريو، واتفقنا مع المخرج والممثلين، وقام الإخوة في شعبة النجارة التابعة للجنة الهندسية، بعمل مسرح والحمد لله قد دخلنا في هذا المجال ونجحنا فيه. 
صدى الروضتين: إيجابية استخدام الأسلوب الحداثوي في الطرح المسرحي؟ 
أعتقد أن فكرة طرح التاريخ بأسلوب جديد وحديث موجودة في المسرح الحسيني، وأنا حاولت الخروج عن المألوف في المسرح المختص بمولد الرسول الأعظم (ص) من وضع نص سطحي سردي، وأردت أن أجسد هذا الكلام، وفعلا كان هناك شخصيات سلبية، فمنهم من بقى على سلبياته، ومنهم من بشر بولادة رسول الله(ص) كالراهب (شق) والراهب (سطيح) اللذين ماتا يوم ولادة الرسول، والساحرة المعروفة بزرقاء اليمامة أيضا تنبأت بولادة الرسول. ووجدت الجانب الإيجابي كالراهب (المويهب) والراهب (يوسف) والراهب (البحيراء) وأيضاً الملك الذي تنبأ بولادة الرسول، وهو (سيف بن ذي يزن) وأوضحت بعض الإرهاصات التي حدثت في يوم ولادة الرسول ومنها انطفاء النار وهدم طاق كسرى. أنا أردت أن أجسد كيفية اهتزاز كسرى، وكيف اهتزاز الراهب وهو يرى الشهب ترجم شياطينه بالصورة الدقيقة، فلم أجعله فقط ضمن سرديات، ولكن أردته واقع أجسده على المسرح الفني. ونحن هنا قد دمجنا بين المسرح والأوبريت، حيث أدخلنا قصيدتين شعريتين فيها، فهو شيء جديد دخل إلى المسرح، ولكن ليس هذا كل طموحنا نحن خدمة العباس(ع) فنحن لدينا طموح أكبر وأفكار أكثر ومشاريع أكبر، ولدينا إسناد جميل من العتبة، والأمانة العامة، التي كرمت بدورها العاملين بشكل جميل جدا في هذا العمل المبارك...
صدى الروضتين: عرفناك كاتبا وعرفناك ناقدا والآن ممثلا ؟
أنا كنت مترددا في تمثيل هذا العمل، بالرغم من أن هناك من يريد أن يزجني في التمثيل في فترة السنوات الخمس الأخيرة، وعرض علي التمثيل في مسلسل، وأعطيت لي عدة ادوار في مسرحيات، ولكني أبيت أن لا أصعد خشبة المسرح، ولكنني أجبرت في هذه المسرحية التي هي من إعدادي، أن ارتقي خشبة المسرح، كوننا لم نجد الممثل المناسب لضيق الوقت، والممثل لا يستطيع حفظ الدورين الكبيرين، والممثلين يصعدون الخشبة لأول مرة، فاضطررت إلى أن أقدم دورين في هذا العمل المسرحي، وقد كنت أواجه مشكلة في الحركة، حيث كانت قدمي اليسرى مصابة في الركبة، فلو تلاحظ المسرحية كنت أواجه صعوبة في النهوض، وذلك لإصابتي. والحمد لله تمت المسرحية بنجاح، وعندما نزلت من خشبة المسرح، وجدت في وجوه الحضور الرضا التام، وأنا لا أطلب الرضا منهم، بل أطلبه من الله، وصاحب المكان الشريف، ولكن وجدت علامات الرضا في وجوههم... وذلك ببركات أبي الفضل العباس(ع)..
صدى الروضتين: خصوصية المكان؟
والله أنا أقول هذا والدمعة في طرف عيني، فأنا أحياناً عندما أكتب أتفاجأ بما أكتب، وليس أحياناً بل أغلب الوقت، أرى أن هناك من يمسك يدي ويجعلني أكتب، وهذه حركة روحية يحركها هذا المكان المقدس، وأنا لا أريد أن أعلن تفوقي أو خسارتي لأنه ليس في المسرح الحسيني خسارة، فالموفقية للجميع، والمسرح لا يمكن أن يقدم في العتبة العباسية لو لم توجد أنفاس رئاسة قسم الشؤون الفكرية والثقافية، وكذلك الأمانة العامة والإدارة، فإذا تخلى أي طرف منهم عن مهمته في رفد المسرح الحسيني، فأعتقد أننا لا نستطيع تقديمه، وهذا ليس بشكر بقدر ما هو تنبيه للإخوان المسؤولين بأن المسرح بحاجة للرعاية، والشكر ليس مني بل هو من صاحب المرقد وصاحب المناسبة....


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صدى الروضتين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/28



كتابة تعليق لموضوع : أوبريت وهج المولد النبوي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net