صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

المعلـَّق في الذاكرة
علي حسين الخباز

 لعل أكثر ما تثيره فينا اللقاءات الصحفية هو ذلك التفاعل الحي مع الضيف المحاور وخاصة عندما تكون تلك اللقاءات غير مهيأة مسبقا ولم تكن في حيز الإعداد القصدي المتقن، فمن المؤكد سنجد هناك الجانب العفوي المباشر الذي هو ألذ ما في الصحافة من معنى وسيظهر يانعا قيمة وأسلوباً مما ينتح اللقاء نكهة معرفية خاصة وآراء لها أهميتها، وحيوية تحاورية لها تأثير واقع لما يدون على الورق وإنما بما يعلق في الذاكرة (ربما عطل جهاز التسجيل قرب لنا المفهوم الذي صار محور العنونة) لكننا ننظر إلى مسألة أهم وأعمق أمام الانفتاح الإعلامي اليوم وحرية النشر والتدوين والتوثيق فأصبحت عملية البحث عن ما يعلق في الذاكرة يحتاج إلى وعي عالٍ يعطي مفهوم الجذوة الفكرية أولا ثم يشرح التدفق الرئوي الذي لابد أن يحمل الكثير من محفزات التأمل العميق وخاصة عندما يكون الموضوع عاما وشاملا وله مرتكزات مبدئية جماهيرية تناولتها يراعات الباحثين منذ قرون زمنية وأجيال متعددة... ويقدم بمساحة مكثفة وبطريقة انتقائية محكمة تضمن المعنى الجمالي كفكرة ناضجة بأثر تجربة كبيرة مساحتها البحثية أنتجت اسما معروفا في العطاء العلمي وهو سماحة السيد (عبد الكريم الحسيني القزويني) صاحب عدة كتب مشهورة منها الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين وكتب عديدة عن الإمام علي عليه السلام وكتاب عن تاريخ المدارس الأخلاقية وأخرى عن علم الأخلاق النظري وكتاب مفاهيمنا وآخر رد على عثمان خميس وكتاب التشيع فكان المحور الأول للقاء يدور عن محور التشيع في العالم وتنامي ظاهرة المستبصرين، فكان الرد يحمل حقائق بعيدة عن التشيع والتجزئة، لا ن وجوب التشيع كوجوب الصلاة والصوم وباقي الأمور المفروضة في الدين، فالله سبحانه تعالى أمر بالصلاة من ضمن محكمات القرآن الكريم لكنه لم يدون عدد الركعات وإنما ترك التبليغ للجهد الرسالي المبارك والتاريخ الإسلامي يحمل الكثير من شهادات اليقين عن وصايا الرسول الكثيرة بأهل البيت والعترة الطاهرة فالتشيع تمسك بوصايا النبي الهاشمي (ص) وأما من يريد أن يخالفها فعليه تقع مهمة المخالفة وليس على من تمسك بسبيل النبي وهديه الرشيد في لقاء جمعني مع احد أعمدة الشيوخ السنة في تركيا... كان رجلا مثقفا محاورا رزنا وطرح علي سؤالا عن مخالفة الشيعة لباقي المذاهب السنية ؟ فأجبته بسؤال: لماذا خالفت المذاهب السنية الإسلام ؟ عليك أن تدرس ذلك وتتمعن فيه... وبعد مدة سمعت أن الرجل استشيع وأصبح احد الشيعة البارزين، قلنا لنستخلص من تلك المعرفة أسس التأثيرات الزمانية، فالتاريخ يشهد الكثير من التعصبات المذهبية التي بدأت اليوم بالانتفاض ضد قيم التعصب وأصبح الزمان وكأنه مناسب لنهضة فكرية تحت نور الإقناع والهداية فهل من حق هذا الحضور أن يتأمل غدا إسلاميا موحدا؟ لاحظنا أن ربط الأزمنة يتجلى في فكر سماحة السيد عبد الكريم القزويني في اطلاعه على مكونات كل زمان يتضح عند كل متأمل... الكم الإعلامي الأموي الذي حمله الأمس المتقدم في الإسلام فقد سبب شرخا كبيرا في الدين اثر ايهامات السلطة الفكرية وانحراف المعتقد الإيماني كون سياسة جديدة لإسلام آخر وتمويهات ترسخت في ذاكرة الكثيرين كحقيقة توارثتها الأجيال مع انغلاقا فكريا بسبب تباعدات المكان وصعوبة التلاقح الفكري الحقيقي مع مكونات سلطوية وضمور في المسعى الفكري سبب انفلاتات فكرية تعصبية، أما اليوم فثمة انفتاح كبير عبر وسائل الإعلام والتقنية المتطورة لنشر الفكر وتطور ثقافي متمدن يعتمد البراهين والحجج والأدلة برز أثرها النشاط الفكري المرتكز على حيوية الحقيقة كثقافة فكرية مؤمنة تمتلك وسائل الاحتواء العام وحرية البحث عن عمق مضموني يعري الكثير من مسائل الانحراف التي كانت، ويكشف عن تلك التمويهات الضعيفة البنية في غد الإسلام... إن شاء الله ستتطور تلك الوسائل وتتحدث وسائل الإقناع وقنوات الحوار البحثي المؤمن وليس الجدال المعاند الضيق الأفق ويصبح المغزى هو بث الحقيقية دون تجريح أو تطاول على أحاسيس الاخرين... هنا استأذنا السيد الضيف للتحاور معه... قلنا: طيب يا سماحة السيد، هذا يعني أننا نحتاج إلى الكثير من التنازلات المبدئية التي قد تأخذ منا الهوية، فالآخر يطالبنا بمثل هذه التنازلات فهو لجأ إلى نكران هويتنا وإنسانيتنا وديننا ؟ فكان الجواب هادئا يطالبنا بالتصابر أولا، وهذا التصابر هو تنامي إدراكي له مرجع متصل بقيادة الإسلام بجوهر أئمتنا أئمة الصبر... وهذا الصبر وهذه المطاولة تعد وسيطا عمليا وليس تنظيريا نقدمه للعالم، هذا الصبر مدرك تأثيري، فمظلومية الحسين عليه السلام أصبحت اليوم دلالات اتصال كوني علينا اليوم أن نعمر شعائر عاشوراء بجوهر تأثيري يضمن حيوية التواصل الروحي مع العالم وأن تحمل الشعائر الحسينية هوية أخلاقية إلى العالم تحمل امتداداتها الجذرية الخلاقة حبا ومهابة... ثمة أشياء وريثة بيئة أو مجتمع وعادات وتقاليد لا يمكن أن نحملها معايير لنفي حسينية الآخرين...
مثلا شيعة العراق يلبسون السواد في عاشوراء واغلب شيعة الخليج لا يرتدون السواد فهل يعني أنهم ليسوا شيعة الحسين عليه السلام ؟ تلك الإثباتات هي قدرات تعبيرية لكل شعب من الشعوب الإسلامية المؤمنة ولكل بيئة مسلمة لها تقاليدها بالاحتفاء بعاشوراء فعندما نريد التواصل الكوني لابد أن نسعى إليه من مكونات إيمانية عقائدية لا بمكونات العرف الاجتماعي المحدد بخصوصيات بيئية وموروثات شعبية، نجد أن الدعائم الثقافية في أي حوار أو لقاء صحفي قادرة على إعطاء ما هو مثير لحقائق علمية على التعالق الروحي ليصبح كمعلق معرفي يبقى في ذهنية المتصل كقيمة من قيم التجربة الإيمانية لكن يبقى ثمة إحساس بأن وجود السيد عبد الكريم القزويني يحتاج إلى فيض لقاءات ليترك لنا بعض سبيل من رشاد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/22



كتابة تعليق لموضوع : المعلـَّق في الذاكرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net