صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة في مقدمة كتاب.. (نهاية حلم/ وهم الإله - للأستاذ الدكتور أيمن المصري) علي الخباز
علي حسين الخباز

 جاء في مقدمة الأستاذ صالح الوائلي رئيس مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية لكتاب (نهاية حلم/ وهم الإله) للأستاذ الدكتور أيمن المصري.
 تقودنا المقدمة الى التأمل في معنى الاضطراب المنهجي الذي حاول ان يزعزع الثوابت المطمئنة التي كان العالم يستند اليها قبل ان يصيب العالم اليوم بعسر هضم مفاهيمها ومصطلحاتها، والتيه الذي عم الكثير من شبابنا؛ بسبب التكور عند سطحية الرؤى بما تحمل من جواذب تزويقية، وإلا فالتاريخ البشري يشهد بأن الانسان ما انفك عن الايمان بعالم ما وراء الطبيعة وبوجود اله خالق لهذا الكون.
 ويرى الأستاذ صالح الوائلي في هذه المقدمة الموجزة بأن الانسان متدين في كل الظروف ورغم كل المتغيرات التي تحدث على الاصعدة كافة وباستمرار، وقد تواترت الأخبار جيلاً بعد جيل بأن هناك رسلاً وأنبياء وأوصياء مؤيدين بمعاجز وكرامات خارقة تؤكد ارتباطهم الوثيق بعالم ما وراء الطبيعة. 
وقد اثاروا دفائن العقول الى وجود اله خالق لهذا الكون، ولو ان الانسان عاد الى عقله الفطري وقوانينه الطبيعية لاهتدى اليه دون عناء أو تكلف، ولأنه - تعالى شأنه - يتصف بأوصاف خاصة جعلته أهلاً للعبادة، فقد دعا هؤلاء الرسل والانبياء والاوصياء الى عبادته والالتزام بشرعه.
 وهناك ظاهرة تمرد تقف وراءها دوافع الشر في الانسان، تظهر وتخبو بين الفينة والأخرى، وتتخذ أشكالاً وعناوين مختلفة داعية الى نبذ الايمان بالله والتنكر للأديان واعتناق اللادينية والالحاد، ويحاول دعاة هذه الظاهرة في كل زمان ومكان استغلال الوسائل المبهرة والمؤثرة في واقع الناس وحياتهم وتوظيفها لتدعيم مدعياتهم والترويج لأوهامهم، من قبيل استغلال عامل السحر من قبل سحرة فرعون؛ كونه الاكثر تأثيراً في نفوس المجتمع آنذاك للترويج لألوهية الحاكم البشري، ونفي وجود اله سماوي.
 وكذلك ما روي عن الزنادقة في العصر الاسلامي الذين وظفوا المهارات الخاصة والجديدة آنذاك: كصناعة الجدل والمغالطة التي راجت في المجتمع الاسلامي اثناء عصر الترجمة في الحقبة العباسية وما بعدها، وذلك لإشاعة روح التمرد على القيم الانسانية والدينية والدعوة الى الالحاد والزندقة.
تصدى بعض المفكرين الغربين لغرس بذور الالحاد ودسها في المناهج التعليمية ومن ابرزهم: دايفيد هيوم ومانؤيل كانط وجماعة فينا وراسل.. واشتدت ظاهرة الالحاد في بدايات القرن العشرين عند تبلور الفكر الماركسي الذي اعتمد على المنهج الهيجلي في تفسير الظواهر المجتمعية والطبيعية، وبنى نظامه السياسي والاقتصادي على اساسها، وقد تشكلت فلسفتهم الوجودية، واصبح الالحاد الماركسي في عشرينيات القرن العشرين متمثلا رسميا بدولة عظمى مترامية الاطراف اسمها الاتحاد السوفيتي حيث رفع قادتها (لينين وستالين) شعار (الدين افيون الشعوب) فيجب الخلاص منه، ومارسوا تحت هذا الشعار ابشع الجرائم بحق رجال الدين والمتدينين..!
 وقد تأثر بهذا الفكر الالحادي الكثير من المثقفين في دول الشرق والغرب، بيد ان النتيجة التي انتهى اليها منهجهم وفكرهم العقيم في تسعينيات القرن العشرين كانت شللاً اقتصادياً تاماً لدولة الاتحاد السوفيتي اتبعه انهيار سياسي ومجتمعي ادى الى تفكك هذه الدولة العظمى وتحولها الى دويلات ضعيفة متفرقة.
 وقد شكل هذا الحدث صدمة قاسية على دعاة الالحاد العالمي وانتهى بهم الأمر الى الانزواء والتقوقع والانحسار لسنوات.
 ونحن نعيش اليوم عصر الاكتشافات العلمية الحديثة في كل المجالات والتطور التكنولوجي الهائل، والبريق الذي تحظى به العلوم الطبيعية بكل حقولها، نرى عودة جديدة لدعاة الالحاد واللادينية، متشدقين بهذه الوسيلة المبهرة يتمظهرون بثياب العلم، ويمتطون آلة التكنولوجيا لإضفاء العلمية لمدعايتهم، ويسعون جاهدين لتصوير المعطى العلمي التجريبي في الضد من المعطى الفلسفي والديني، ويصرون على ان العلم يناهض فكرة وجود الاله وما يتفرع عنها، علما ان مسائل الميتافيزقيا خارجة موضوعا ومنهجا من العلم الطبيعي، وقد وظفوا بعض المنتسبين الى التخصصات العلمية كالفيزياء وعلم الاحياء وغيرها ممن لديه موقف سلبي تجاه الدين، لتدعيم فكرة الالحاد علميا، وقد تم تسويقهم على انهم يمتلكون وجهة نظر العلماء الطبيعيين، والحال انهم يصادرون اراء الفئة العظمى من اهل الاختصاصات الذين صرحوا بايمانهم العميق بالغيب وبوجود اله عاقل خالق لهذا الكون.
وقد جرت العادة على وجود من ينخدع وتنطلي عليه اللعبة فقد انخدع بعضهم بهذه المسرحية الجديدة التي توهم المتلقي بأنه بين امرين: اما ان يكون في قافلة العلميين التقدميين وعليه ان يكون ملحدا، واما ان يكون ديّنا وليس امامه الا ركب المتخلفين والجهلة، ومن الطبيعي ان يفضل الانسان ان يكون مع العلماء لا مع الجهلة..! ومن هنا وجدت الدعوة المصطبغة بلون العلم وبرائحة التكنولوجيا طريقها الى عقول الشباب المثقف الاكاديمي، وساعد على ذلك طبيعة المنهج الحسي التجريبي الذي نمت عليه العقول.
 ولذا تعد المسائل المجردة عن الحس والمادة بنظرهم مفرغة من القيمة العلمية؛ لأنها تساوق الوهم والخيال بناء على هذه النظرة وبذلك اضاعوا اسس التفكير وقواعد العقل الفطري ووقعوا في شرك الالحاد.
 ومن اشهر دعاة الالحاد المعاصر عالم الاحياء البريطاني ريتشارد ديكنز/ الذي مارس التأليف والخطابة والمناظرات وجاهر بمعاداته للدين ولفكرة الاله، وطغى على اسلوبه طابع السخرية والتهكم والاستفزاز، ولذا كان نقده يفتقر لأبسط مقومات العلمية في نقاشاته، للأدلة الفلسفية والرؤى الدينية، وله كتب اشتهرت عناوينها من قبيل كتاب (صانع الساعات الاعمى)، وكتاب (الجين الاناني)، واكثرها شهرة كتاب (وهم الاله) الذي طبع منه عشرة ملايين نسخة، منتشرة في انحاء العالم، وترجم الى لغات متعددة.
 ولهذا اوكلت مهمة دراسته من قبل الاستاذ الدكتور (ايمن المصري) المتخصص بالعلوم العقلية ليكشف للقراء مدى ضحالة هذا الفكر وسفاهة منطقه، فكان هذا الكتاب (نهاية حلم) ما يميز هذا الكتاب انه بدأ بتأصيل القواعد العقلية التي يعتمدها بعد ذلك لنقد اوهام ديكنز بأسلوب شيق في غاية الروعة والسلاسة، فكان حقا نهاية حلم ديكنز عسى ان يفيق من ثمالته، ليكون هذا الكتاب منطلقا آمنا لبناء الرؤية الكونية الحقة واداة فاعلة في كشف المغالطات وفرز الخرافة عن الحقيقة، فلا محيص من المواجهة لكل ما يستهدف النيل من الفكر الانساني السليم والدين الحق ووضع الخطط الكفيلة لمعالجة ما افسدوه من عقائد الناس ودينهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/12



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في مقدمة كتاب.. (نهاية حلم/ وهم الإله - للأستاذ الدكتور أيمن المصري) علي الخباز
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net