صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المهديّ.. محقِّقُ كلّ حق..   سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
 
مع اقتراب تعطيل الدروس، وأيام شعبان وشهر رمضان، ينبغي على كلِّ واحدٍ منكم أن يهيء نفسَهُ، لأنَّ المسؤولية ثقيلةٌ جداً، وسيأتي يوم الحسرة والندامة.
 
إنّ رأس المال الغالي الذي لا يمكن معرفة قيمته آخِذٌ في الزوال، فينبغي تحديدُ أفضل عَمَلٍ اليوم، وينبغي تحصيل أعلى مقامٍ ممكن، وطريق معرفة ذلك هم هُداة الأمر عليهم السلام.
 
هذه الرواية محيّرةٌ لأهل الفقه والرجال والحديث: يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَة، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: عَالِمٌ يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ أَلْفَ عَابِدٍ.
 
السند في كمال الاعتبار، فَرِجالُهُ موثَّقُون، ويشتمل على ابن أبي عمير، وهو الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، أمّا مضمون الحديث الذي يحير كلّ فقيهٍ متبحّر، فإنّه يدلّ على أنّ عبادة سبعين ألف عابدٍ ممن قُبِلَت عبادتهم عند الله في كفة الميزان يوم غدٍ تكون مرجوحةً، ويَرجُحُ عليها عِلمُ عالمٍ يُنتَفَعُ بعلمه، فأيُّ فرصةٍ هذه التي تذهب من يدنا؟
 
إنّ في هذا الزمن مسؤوليةٌ صعبةٌ، وهي حِفظُ أيتام أهل البيت من الشبهات، مع المشاكل المادية والشبهات الاعتقادية، فما أهمية صيانة هؤلاء الأيتام في هذا الزمن لمن تفقه خلال العام، وما يوجب ذلك عليهم؟
 
قال تعالى: ﴿الم‏ * ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾، و﴿الم﴾ من الحروف التي يتركب منها الإسم الأعظم المخفي، وهو معهم عليهم السلام، فتبدأ الآية بمثل هذه الجملة، ثم بإسم الإشارة البعيد ﴿ذَلِكَ الكِتَابُ﴾، وتخصُّ عدم الريب بطبقةٍ خاصّة، حيث حُرِمَ الجميع إلا هذه الطائفة ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ فَمَن هم هؤلاء؟ ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ .
 
وفي نظم وترتيب كلام الله إشاراتٌ لأهل التحصيل والتأويل، فذَكَرَ أولاً الإيمان بالغيب، وثانياً إقامة الصلاة، وثالثاً ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ وكان بيان الإمام: مِمَّا عَلَّمْنَاهُمْ يَبُثُّون‏.
 
هذه وظيفتكم فرداً فرداً، أن تستفيدوا من فرصة هذه العطلة، لإحكام العقائد، وتهذيب الأخلاق، وتعليم الأحكام، انشروا هذه الأمور الثلاثة فهي الحدُّ الأعلى للاستفادة يوم الحسرة الكبرى، وحَصِّلُوا شأناً عند الله في هذه الأيام.
 
ما هي الطريق لذلك؟ ماذا ينبغي أن تعملوا؟ إنّ أنفاسَنا لا تنفع، وفي هذا الزمن ينبغي الحصول على مساعدةٍ، فما هي طريق المساعدة؟
 
إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما أبداً.
 
تمسّكوا بالقرآن، وبإمام الزمان فهو روح القرآن، وإلى أيّ مكانٍ ذهبتم أوصوا الناس أولاً أن يقرؤوا القرآن كل يوم ولا يتركونه، لأنّه دون بَذرة الهداية والتعليم لا يمكن الوصول إلى الثمرة أبداً، فالقرآن ربيع القلوب، يحي قلبَكم وقلبَ من يستمع إليكم بعد رياح الربيع، فتدخل الآية المحكمة والفريضة العادلة والسنة القائمة للقلوب وتثمر.
 
يجب أن يكون الهدف أمرين لا ثالث لهما: أحدهما الله تعالى، والآخر طريق الله، وينبغي أن يُشطَبَ على كلّ أحدٍ وشيءٍ غير الله وصراط الله.
 
الله سبحانه وتعالى مَن مِنهُ الوجود، وإمام الزمان مَن بِهِ الوجود، هذا الابتداء، وما يُبتَدَأُ به، وليس لأحدٍ آخر أثرٌ ولا محلٌّ ولا مكانة.
 
عَرِّفُوا الناس بالله تعالى، وبَيِّنوا لهم آيات الله ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق‏﴾.
 
للأسف أنّا لم نفهم القرآن، إنّ طريق التبليغ والهداية هي آيات الله في الآفاق والأنفس، فأروها لهم حتى تُزيلَ الحجب وتستيقظ الفطرة ﴿وَفي‏ أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ﴾ ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ﴾.
إنّ النظر في آيات السماوات والأرض يُعَرِّفُ النفوس والقلوب بالحق.
 
عرِّفُوا الناس بإمام الزمان، وبطريق معرفته، فما هي طريق معرفته؟ ما هي الطريق إليه؟ لأن الوصول إلى الله بغيره محال.
 
أَنْتُمُ السَّبِيلُ الْأَعْظَمُ، وَالصِّرَاطُ الْأَقْوَم‏: اقرؤوا الزيارات وافهموها وبيِّنوها للناس، من هو عليه السلام؟ سنقرأ متن عدَّةِ كلماتٍ من الزيارات، عسى أن يُشرِقَ نورُ معرفةِ الله تعالى في القلوب:
 
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ الله: وعندما يظهر تُظَلِّلُه غمامةٌ، وينادي منادٍ: هَذَا المَهْدِيُّ خَلِيفَةُ الله فَاتَّبِعُوه‏: فماذا يعني (خليفة الله)؟
يا من لا يعلم ما هو إلا هو، فمَن كان خليفةً ومستخلَفاً عنه تعالى هل يمكن وصف مقامه؟ هذا أولاً.
وثانياً (وخليفة آبائه المهديين) فكلّ ما كان عندهم جُمِعَ في وجوده عليه السلام.
 
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ الله الَّذِي لَا يُؤْتَى إِلَّا مِنْهُ: فلا طريق لله تعالى إلا من طريقه.
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَبِيلَ الله الَّذِي مَنْ سَلَكَ غَيْرَهُ هَلَكَ: وليس هناك من استثناء، فهو حصرٌ مطلق.
 
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ الله الَّذِي لَا يُطْفَى: في كلّ القرآن سورةٌ واحدة عن النور، وفيها آيةٌ عن النور، والنور في تلك الآية هو الحجة بن الحسن صاحب الزمان عليه السلام.
 
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله الَّتِي لَا تَخْفَى، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ الله عَلَى مَنْ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ: فليس من أحدٍ خارجٌ عنها، من حَمَلَةِ العرش إلى أسفل السافلين.
 
السَّلَامُ عَلَيْكَ سَلَامَ مَنْ عَرَفَكَ بِمَا عَرَّفَكَ بِهِ الله، وَنَعَتَكَ بِبَعْضِ نُعُوتِكَ الَّتِي أَنْتَ أَهْلُهَا وَفَوْقَهَا: هذه إشاراتٌ فقط، ماذا تعني هذه الجملة؟ تعني أن كلّ ما عرَّفهُ الله عنه فهو (بعض نعوته)، وأنّه هو فوق كلّ ذلك! فهل عرفناه؟!
فكلُّ ما قاله الله تعالى دون مقامك.
 
يا ولي العصر، سامحنا، فلم نعرفك، ولم نُعرِّف الناس بك، مَرَّ العمرُ ولم نفهم. وختم الكلام هنا: أَشْهَد.. أَنَّكَ خَازِنُ كُلِّ عِلْم‏!
 
تدبروا في القرآن ﴿وَما أُوتيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَليلاً﴾، فكلُّ علوم الأولين والآخرين قليلة، بينما صار عليه السلام خازناً لكل علم، فما من علمٍ إلا وفي مخزن وجوده.
 
وَفَاتِقُ كُلِّ رَتْقٍ، وَمُحَقِّقُ كُلِّ حَقٍّ: هذه الكلمة التي ليس له فيها شريكٌ من الأولين والآخرين، فكلُّهُم محقِّقون، لكن لبعض الحق، ومبطِلون، لكن لبعض الباطل، أمّا الوحيد الذي يحقق طبيعيّ الحق في العالم فهو عليه السلام، كُلِّيٌ منحَصِرٌ بفرد، يُزيلُ كلّ فردٍ من أفراد الباطل.
هذا هو عليه السلام، مُحِقُّ كلّ حقٍ، ومبطل كلّ باطل.
 
وعندما جاء إلى الدنيا قال هذه الكلمة: ﴿وَقُلْ جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾.
إن شاء الله تحيون اسمه في أيام التعطيل هذه، في المدارس والمجالس، فإذا نَظَرَ نظرةً يقلب العالم.
 
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائدا ًوناصراً، حتى تسكنه أرضك طوعاً، وتمتعه فيها طويلاً، اللهم لا تفرّق بيننا وبينه أبداً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/20



كتابة تعليق لموضوع : المهديّ.. محقِّقُ كلّ حق..   سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net