صفحة الكاتب : رحاب سالم البهادلي

شاهدٌ على جريمةِ العصر
رحاب سالم البهادلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

على مرِّ الزمانِ، وفي كُلِّ عصرٍ ومكانٍ توجدُ جريمةٌ ارتُكِبَتْ، يُحقِّقُ المُحقِّقونَ في مُعطياتِها، وهُنالك شاهدٌ توَثَّقُ من خلاله دوافعُ مرتكبِها وأحداثِها؛ ويوصِلُ حقيقتَها إلى شُرَفاءِ العالم.
فللشاهدِ رسالةٌ يوضِّحُ ويُرسِّخُ من خلالها مفهومَ الحقِّ والحقيقةِ، ويُعرِّفُ عبرها بمن كان ظالمًا ومن كان مظلومًا، ويذكرُ فيها أسبابَ ودوافعَ وأهدافَ الجاني، وكيفيةَ دفاعِ المجني عليه، وما استخدمه من وسائل وأدوات.
طُلِبَ منّي أنْ أكونَ شاهدةً على جريمةِ عصرٍ، تلك الجريمة التي اُجهِضَ فيها سبطُ رسولِ اللهِ محمد (عليه وآله أفضل الصلاة والسلام)، وكُسِرَ فيها ضلعُ ابنتهِ فاطمة (عليها السلام)، وأُحرِق فيها بابٌ لطالما طرقَها النبيُّ محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام) بهدوءٍ بكفّيهِ الشريفتين، وقال عنها: فاطمةُ بابُها بابي وحجابُها حجابي.
ابتدأ المُحقِّقُ بسؤالي قائلًا:
- لتكوني شاهدةً على جريمةٍ موثَّقةٍ في كُتُبِ التاريخ على مرِّ العصور، ولكي تصِلَ الحقيقةُ كاملةً للمُآلفِ والمُخالف، عرّفي عن نفسكِ وعملكِ أيتُها الشاهدة، وأقسِمي باللهِ العلي الأعلى على قولِ الحقيقةِ كاملةً!
أجبتُهُ:
- اسمي فِضّةُ النوبية، وأعملُ خادمةً في بيتِ السيّدةِ فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله). أُقسِمُ بالله العليّ العظيم أنْ أقولَ الحقّ ولا شيءَ غير الحقّ.
- هل كُنتِ في موقعِ الحادثِ أثناءَ ارتكابِ الجريمة؟
- نعم، فأنا كُنتُ في بيتِ سيّدتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) عندَما هجمَ القومُ على بيتِها.
- ما الذي حصلَ في ذلك اليوم؟ ومنِ الذي هاجمَ بيتَ علي وفاطمة؟ قولي كُلَّ ما تعرفينه عنِ الحادث؟
- نعم سيّدي المُحقِّق، سأروي لكَ ما حصلَ في ذلك اليوم؛ ليعلمَ العالمُ أجمعُ ما فعلَه هؤلاءِ المجرمون من جريمةٍ نكراء يندى لها جبينُ الإنسانيةِ بحقِّ بنتِ نبي الإسلام محمد (عليه وآله أفضل الصلاة والسلام)، وزوجةِ ولي الله علي بن أبي طالب (عليه السلام).
لم يمُر وقتٌ طويلٌ على استشهادِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، والحزنُ يملأ البيتَ العلويّ وقلوبَ الموالين لهم، وكانتْ مولاتي فاطمة (عليها السلام) قدِ انهدَّ ركنُها من الحُزنِ والأسى على فقدِ أبيها رسولِ الله محمد (صلى الله عليه وآله)، وإذا بقنفذ خادم الحاكم يُنادي من خلفِ الباب بصوتٍ عالٍ: يا علي، بايعْ الحاكم على الخلافة
رفضَ مولايّ عليٌّ قائلًا: لن أُبايعَ يا قنفذ..
ذهب قُنفذُ إلى مولاه يُخبرُه رفضَ عليٍ مبايعتَه وعادَ مُسرعًا، لكن هذه المرة عادَ هو ومن معه يحملونَ الحطبَ ووضعَه على بابِ البيت، ونادوا مرةً أخرى بصوتٍ غاضبٍ: يا علي إنْ لم تُبايعْ سنُحرِقُ الدارَ ومن فيه.
- يا فضة، تقولين: إنَّ عليًا بن أبي طالب كانَ في الدارِ أثناءَ الهجومِ ولم يُحرِّكْ ساكنًا، وهو الذي يرتعدُ الشجاعُ قبلَ الجبانِ من اسمهِ!
- نعم سيّدي المُحقِّق، كانوا يرتعدونَ خوفًا منه لكنّهم يعرفونَ بأنَّ عليًّا (عليه السلام) مُقيدٌ بحبلِ الوصيةِ من قِبلِ النبي (صلى الله عليه وآله)، إذ أوصاه قبلَ أنْ تُقبَضَ روحُه الشريفة، بالصبرِ على المُصيبة وتحمُّلِ ما يجري على فاطمة من أجلِ دينِ الإسلامِ لتعلمَ البشريةُ أجمع أنَّ ما قدّمه مُحمّدٌ وآلُ مُحمّدٍ فداء لدينٍ لا يُقاسُ بمقياس، ويستحِقُّ كُلَّ تلك التضحيات، حتّى أرواحهم الطاهرة.
- مَنْ أمرَ بضربِ فاطمة وإحراقِ الدار؟
- لقد وقفتْ مولاتي فاطمةُ خلفَ البابِ مُستنكرةً هجومهم الوحشي على إمامِ زمانِها وعلى دارِها، فعصرَها قُنفذُ بين الحائطِ والبابِ وكسرَ ضلعَها وأسقطَ جنينَها، وقد كان كُلُّ ذلك بأمرٍ من مولاه وممّن اتحدَ معهُ على غصبِ الخِلافةِ من عليٍ (عليه السلام).
والتاريخُ يعرفُ من هو هذا الظالم، فقد أمَر جلاوزته بإحراقِ الدار، فقيل له: إنَّ في الدارِ فاطمةَ يا هذا، قالَ الظالمُ: وإنْ، أحرِقوا الدارَ وإنْ كانتْ فاطمةُ فيها!
سيّدي المُحقِّق: عصروها، وكسروا ضلعَها وقتلوا جنينَها، وأحرقوا دارَها، ولم يُراعوا أنّها بنتُ نبيّهم (صلى الله عليه وآله)، وقد نقلتُ القليلَ مِمّا حصلَ في جريمةِ العصرِ سيّدي المُحقِّق، وسأتركُ الحُكمَ لكم، وللمُنصفين.
- لن نحكمَ نحنُ يا فضة، بل نحنُ من يوثِّقُ الحقيقةَ، وعقلاءُ البشريةُ ومنصفوها هم من سيحكمون على هؤلاء الظالمين، ويستنكرونَ أعمالَهم البشعة. وأما يومَ الحشرِ فستكونين أنتِ الشاهدَ الأولَ على جريمةِ العصر ليحكم الله (تعالى).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رحاب سالم البهادلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/08



كتابة تعليق لموضوع : شاهدٌ على جريمةِ العصر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net