صفحة الكاتب : علي علي

قانون الأحزاب في العراق
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ولد الإنسان ومعه توأماه الملاصقان له في حله وترحاله، في قيامه وقعوده، في سلمه وحربه، ذلك التوأمان هما الخلاف والاختلاف، فصار ديدنه التعصب بالرأي والتعنت بأفكاره، وعدم الاعتراف بالرأي الآخر ومخالفة فكره ونهجه، فنشأ التكتل والتجمع والتحزب والتنظيم، لتنتشر الفكرة ويتضح النهج ويزداد التمسك بهما قوة.

  الأمر حتى اللحظة سليم ويسير بالاتجاه الصحيح ولاغبار على من يتبعه. ولكن، أن ينشأ التحزب على فكرة مخالفة الآخر أولا، ومخالفته ثانيا، ومخالفته ثالثا، فهذا ما يعود بالفرد والجماعة والمجتمع القهقرى، وينقلب النهوض الى نكوص، والانتصار الى انكسار، والتقدم الى تأخر وتدهور وتدنٍ، ومن الطبيعي أن تتضاعف الحاجة الى عملية التنظيم بتضاعف أعداد الأفراد والجماعات والمجتمعات ايضا. وتبدأ سبل التنظيم الصحيح بالاتفاق والوئام بين الأفراد، لتأتي العملية أكلها وتعم جدواها على المجتمعات بعد ذلك، لذا نظم الإنسان السوي نفسه في مراحل حياته، بتزامن مطرد مع تحضره وتكوينه مجتمعات كما نراها اليوم على سطح المعمورة.

   مع إنشاء الدولة العراقية الحديثة ظهرت الحاجة الماسة الى إقرار قانون الأحزاب السياسية، وقد نظمت الحياة الحزبية في العراق بموجب قوانين صدرت مع بداية تأسيسها، وكانت أحكامها تتفق مع النظرة السياسية والقانونية السائدة في البلاد لكل مرحلة. فكان تنظيم الأحزاب في الفترة الملكية وفق قانون الجمعيات لسنة 1922، وبعد 14 تموز 1958 واستمرار تقديم طلبات تأسيس أحزاب سياسية، صدر قانون الجمعيات رقم 1 لسنة 1960.

ولكن، بعد انقلاب 17 تموز سنة 1968، وكأول إجراء اتخذه جلادو تنظيم البعث الفاشي، تم حظر نشاط الأحزاب السياسية في البلاد، وصار الشيوعي والإسلامي إما معدوم، او في عداد المحكومين بالاعدام مع وقف التنفيذ، حيث صدر قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 حاملا في بنوده أحكاما خاصة وقاسية، نص أغلبها على تطبيق حكم الإعدام بحق كل من يمارس نشاطا حزبيا غير حزب البعث. حتى جاء عام 1991 ونتيجة ضغط الرأي العام الدولي، فقد اضطرت سلطة النظام الحاكم آنذاك، الى إصدار قانون الأحزاب السياسية رقم 30 لسنة 1991 حيث جاء ضمن الأسباب الموجبة لصدور القانون مانصه؛ (...واستجابة لمتطلبات المرحلة التاريخية الجديدة من حياة العراق العظيم في إتاحة المجال على نطاق أوسع لكل المواطنين الراغبين في خدمة البلاد وتعزيز سيادتها واستقلالها ووحدتها الوطنية... شرع هذا القانون).

   وبعد إسقاط النظام في نيسان 2003 أمطرت سماء الحرية على العراقيين مالذ لهم وطاب من القوانين، فانفتح مجال العمل السياسي أمامهم، حيث تم إصدار قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت الذي صور للمواطن أن حاله سيكون بظله (گمره وربيع) فقد صدر أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المرقم 97 لسنة 2004 الذي ظن العراقيون أنه بذرة قانون الأحزاب السياسية، فيما هو في حقيقة الأمر لم يكن إلا لأغراض تنظيم مشاركة الأحزاب والكيانات السياسية في الانتخابات التي جرت سنة 2005 فقط.

   وطبقا لمثلنا القائل؛ "بعيد اللبن عن وجه مرزوق" فقد كانت التوافقات والوفاق السياسي والتآلف الاجتماعي والمصالحة الوطنية، بعيدة عن القوى الفاعلة في البلد بعد الثرى عن الثريا، فضل قانون الأحزاب السياسية يتيما، تتناقله رفوف مجلس نوابنا، فتارة يقرأه أعضاء المجلس قراءة أولى بتثاقل وتباطؤ سلحفاتي رتيب، وتارة يرجئونه الى ثانية لانشغالهم بمشادة كلامية بين زيد وعبيد، وتمتد القراءات العقيمة الى ثالثة ورابعة وعاشرة، وتطول الجلسات وتتعدد الخلافات، ويضيع قانون الأحزاب كما ضاع الخيط والعصفور، ولم يبق للمواطن إلا مناداة نوابه ببيت أبي نؤاس:

لقد ضاع شعري على بابكم

كما ضاع عقد على خاصة

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/01



كتابة تعليق لموضوع : قانون الأحزاب في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net