صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

دور المرجعية الدينية في رسالة المنبر الحسيني الإصلاحية -قراءة تحليلية لتوصيات المرجعية الدينية إلى الخطباء- (8)
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

- المحور الثامن: الجانب الإعلامي.
إنَّ هذا الجانب لا يخفى أهميته ودوره الكبير في رسالة المنبر الحسيني، ويعد المنبر الوسيلة الأولى والأعظم في تأريخ المسلمين، ولو أردنا أنْ نستعرض وسائل التواصل بين المُشَرِّع والآخرين، أو المتصدي لنشر تعاليم الشريعة لرأينا أنْ الأسلوب الأولى لذلك كان المنبر، بل إنَّ الله تعالى قد حث المسلمين على الالتفاف حول الخطيب في أعمال عبادية متعددة مثل صلاة الجمعة، أو صلاة العيدين، والتواصل معهم في كل يوم جمعة من خلال صلاة الجمعة وﭐشتمالها على خطبتين، فتعد هذه الوسيلة الأساس التي من خلالها يتم نشر وتعليم تعاليم الشريعة المقدسة سواء الأحكام الشرعية، أو المسائل العقائدية والأخلاقية وغيرها، والباحث يرى بصورة جلية ورود لفظ (المنبر) كوسيلة تعلُّم وتعليم لإعلامهم بما يريد إيصاله إليهم، ولمَّا كان المنبر هو الوسيلة الإعلامية الكبيرة والأولى في التأريخ الإسلامي، وله آثار واضحة جلية، وما زال –للآن- يؤدي دوره لثبوت بعض العبادات المتعلقة به كصلاة الجمعة، فضلاً عن المناسبات الدينية المتعددة ومن أهمها المنبر الحسيني، ولعل هذا من أهم أسباب ﭐعتناء المرجعية في تعليماتها لخطباء المنبر حيث ورد بيان ذلك وما يجب على الخطيب مراعاته، والالتزام به لأداء رسالته أداء كاملاً يليق بمقامه وآثاره وتأثيره في المجتمع، ومما ورد في البيان: ((أَنْ يَتَرَفَّعَ الْمِنْبَرُ عَنِ الاسْتِعَانَةِ بِالْأَحْلَامِ وَبِالْقَصَصِ الْخَيَالِيَّةِ الَّتِيْ تُسِيءُ إِلَى سُمْعَةِ الْمِنْبَرِ الْحُسَيْنِيِّ وَتُظْهِرَهُ أَنَّهُ وَسِيْلَةٌ إِعْلَامِيَّةٌ هَزِيْلَةٌ لَا تَنْسَجِمُ وَلَا تَتَنَاسَبُ مَعَ الْمُسْتَوَى الذِّهْنِيِّ وَالثَّقَافِيِّ لِلْمُسْتَمِعِيْنَ)).
          وفي قراءة لهذا المقطع وما يتعلق بالجانب الإعلامي يمكن بيان ما يأتي:
1- أهمية أنْ يكون خطيب المنبر الحسيني ذا وعي تام بأهداف ورسالة المنبر التي يجب الحفاظ عليها وإدامتها، وهذا الوعي له أثر كبير في ﭐختيار الموضوعات المختلفة المهمة التي يتناولها الخطيب، ويحاول عرضها على وفق الهدف والرسالة التي يؤديها المنبر.
2- إنَّ التأكيد على موضوعي (الأحلام والقصص الخيالية) مسألة مهمة جدًّا، ويجب على الخطيب أنْ يتجنب ذلك؛ لما تقدم من الرسالة الكبيرة التي نريد إيصالها إلى المؤمنين، فالأحلام في الأغلب الأعم لا يمكن أنْ تكون وسيلة علمية أو شرعية أو تربوية يتم الاستعانة به في التبليغ والتعليم، إلا في موارد خاصة وضيقة جدًّا لبعض الأحلام المشهورة لأعلام كما ورد في بعض المؤلفات الموثوقة، فهو يساعد على التذكير وتشجيع الآخرين على أمر معين، أما القصص الخيالية فهي قائمة واقعًا على الكذب وهذا مما لا بد من ترفُّعِ المنبر عنه خاصة.
3- ضرورة المعرفة التامة من قبل الخطيب وغيره أنَّ المنبر الحسيني موضوعه حساس جدًّا، وهناك مَنْ يترصد لمثل هذه الوسائل الإعلامية والفكرية، وهذا يستوجب أنْ يكون الخطيب على حذر تام في طرح الموضوعات المختلفة العقائدية أو الفكرية أو غيرهما مما يمكن أنْ يكون قائمًا على قواعد عقلية أو شرعية يستند إليها، أو عرفية عند كثير من المجتمعات؛ ليكون ما يتم بيانه وعرضه بعيدًا عمَّا يمكن ﭐستهجانه من قبل الآخرين، فضلاً عن أداء رسالته القائمة على العلم والمعرفة.
4- يجب على الخطيب أنْ يكون على بينة تامة من أنَّ وسائل الإعلام اليوم لها قوة كبيرة في تغيير كثير من مفاهيم المجتمعات إيجابًا أو سلبًا، وخصوصًا الأعلام الذي يهدف إلى تشويه سمعة ومقام المنبر الحسيني في المجتمع لتحقيق غاياتهم العدائية ( )؛ لذا لا بد أنْ يكون الخطيب يراعي ذلك فيما يتم ذكره على المنبر؛ ليبقى المنبر يؤدي رسالته على أحسن وجه في إيصال العلم والمعرفة إلى الآخرين.        
5- أهمية معرفة الخطيب أنَّ المنبر الحسيني هو من أعظم ثمار مدرسة إسلامية كبيرة، فيجب عليه أنْ يكون دقيقًا في نقل العلم إلى الآخرين، مستندًا إلى مصادر رصينة لا تعتمد الأهواء والأباطيل والقصص الخيالية، أو القصص المخالفة لمبادىء العقيدة الإسلامية، مما يفسح المجال للإعلام المعادي أنْ يرصد مثل تلك الأقوال؛ لتكون أداة إعلامية لتحقيق أهدافهم في تشويه الحقائق.  
  إنَّ هذه الموضوعات التي تقدمت تؤكد أثر الإعلام في إمكانيته تشويه الحقائق، ونقل صورة غير إيجابية عن المنبر الحسيني، إذا تم فسح المجال له من خلال ذِكْرِ الخطيب مثل ما تقدم من تحذير بيان المرجعية حول الأحلام والقصص الخيالية، وهذا يوجب على الخطباء الالتزام التام بهذه التوصيات المهمة للمرجعية؛ ليحافظ الخطيب على مقام المنبر في نفوس الناس، فتقع المسؤولية الكبرى على الخطيب في تحقيق ذلك أو عدمه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/09/09



كتابة تعليق لموضوع : دور المرجعية الدينية في رسالة المنبر الحسيني الإصلاحية -قراءة تحليلية لتوصيات المرجعية الدينية إلى الخطباء- (8)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net