صفحة الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

أَهلُ البيتِ (عليهِمُ السلامُ) السبيلُ والوسيلةُ إِلى اللٰهِ تعالى- قراءةٌ من القرآنِ الكريمِ:
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ثمةَ منهجٌ تفسيريٌّ للقرآنِ الكريمِ يُسمَّى (التفسيرَ الموضوعيَّ). ومن مستوياتِه جمعُ نصوصِ الموضوعِ الواحدِ من سُورٍ عدةٍ ، ومن آياتٍ متباعدةٍ ، وقراءتُه المتكاملةُ. وإِليكم ما يُفصِحُ عن مكانةِ أَوصياءِ النبيِّ محمدٍ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) وهمُ الأَئمةُ المعصومون (عليهِمُ السلامُ) :

﴿قُل ما أَسأَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرٍ إِلّا مَن شاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبيلًا﴾ [الفرقان/٥٧] بهذا النصِّ القرآنيِّ يُخلي الرسولُ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ذِمَّةَ الناسِ كلِّهم من أَيِّ أَجرٍ ماديٍّ يطلُبُه إِليهم عن مُهمتِه الرساليةِ التي هداهم بها ؛ فأَخرجهم بها من الظلماتِ إِلى النورِ ، ويَعقِدُ ذِمَّتَهم بأَجرٍ (معنويٍّ-روحيٍّ) له عليهم جزاءً منهم إِليه عن هذه الهدايةِ الساميةِ ، وهذا الإِخراجِ التكريميِّ التوقيريِّ وهو اتخاذُ طريقِ الحقِّ إِلى ربِّهِم.

ومَن يترُكُ هذه الذمَّةَ فمصيرُه الندمُ القاتلُ بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿ويَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا﴾ [الفرقان/٢٧]. والطريقُ ليس (شارعًا) يُسارُ عليه ، بل هو منهجُ أَولياءِ اللٰهِ تعالى. فمن هؤلاءِ الأَولياءُ ؟ إِنهمُ المبيَّنُ وصفُهم بالنصِّ القرآنيِّ المماثلِ الآتي: ﴿...قُل لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربى...﴾ [الشورى/٢٣]. إِنَّهم قُربى الرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) حصرًا الذين صرَّح بانتسابِهِمُ النبويِّ الخالصِ النصُّ القرآنيُّ الآتي: ﴿فَمَن حاجَّكَ فيهِ مِن بَعدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعالَوا نَدعُ أَبناءَنا وَأَبناءَكُم وَنِساءَنا وَنِساءَكُم وَأَنفُسَنا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَعنَتَ اللٰهِ عَلَى الكاذِبينَ﴾ [آل عمران/٦١] والذين كرَّمهمُ اللٰهُ تعالى تكريمًا لم ينلْه سواهمُ من القربى بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿... إِنَّما يُريدُ اللٰهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا﴾ [الأحزاب/٣٣] وهو التطهيرُ المؤهِّلُ لاقترانِهم بالقرآنِ الكريمِ عِدْلًا وترجمانًا له ؛ فهو كلامُ اللٰهِ المسطَّرِ في المصحفِ الشريفِ ، وهم ترجمانُه الناطقُ تطبيقًا وانتهاجًا وهدايةً بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرآنٌ كَريمٌ ، في كِتابٍ مَكنونٍ ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرونَ ، تَنزيلٌ مِن رَبِّ العالَمينَ﴾ [الواقعة/٧٧-٨٠].

هذا التوجيهُ الإِلهيُّ الصريحُ الذي ﴿لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِلمُتَّقينَ﴾ [البقرة/٢] يُرشدُنا إِليه القرآنُ ونحن نستحضرُ نصوصَ الموضوعِ الواحدِ الموزّعةَ على سُورِه ، وآياتِه ؛ فطوبى للذين يعقِلون ، فيَرشُدون. ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللٰهَ وَابتَغوا إِلَيهِ الوَسيلَةَ وَجاهِدوا في سَبيلِهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [المائدة/٣٥] ؛ فمحمدٌ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، وأَهلُ بيتِه الأَوصياءُ (عليهِمُ السلامُ) همُ عبادُ اللٰهِ المخلَصين ، وهمُ الوسيلةُ والمنهجُ إِليهِ تعالى ، وهمُ السبيلُ الوحيدُ المؤدي إِليه الذي يستدعي جهادًا لِمَن يؤمِنُ به ويتخذُه لنيلِ (الفلاح).

هنيئًا للمسلمين ، وطوبَى لهم بنبيِّهمُ الرحمةِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، وبآلِ البيتِ أَوصيائِه وخلفائِه (عليهِمُ السلامُ) الذين أَحبوا الناسَ والخلقَ كلَّهم ، ورجَوا الخيرَ والسلامَ للجميعِ بلا استثناءٍ ؛ فمن والاهم فقد ظفرَ ، ومن حاربهم فقد كفرَ.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/06/07



كتابة تعليق لموضوع : أَهلُ البيتِ (عليهِمُ السلامُ) السبيلُ والوسيلةُ إِلى اللٰهِ تعالى- قراءةٌ من القرآنِ الكريمِ:
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net