صفحة الكاتب : صلاح الاركوازي

مفهوم الصراع   The Concept of Conflict
صلاح الاركوازي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المقدمة Introduction:

حظي الصراع باهتمام واسع من قبل الكتاب والباحثين، ومنهم:

(Hodge & Anthony, 1991; Wright & Noe, 1996; Hach, 1997; Cook, etal, 1997; Robins & Decenzo, 2001; Hills & Jones, 2001).

وقد عكست المدارس الإدارية تبايناً واضحاً بشأن الصراع ودوره في سلوك الأفراد والمنظمات، إذ نظر إليه الكلاسيكيون على أنه قوة سلبية في العمل التنظيمي يجب تجنبه ومنع حدوثه قدر الامكان، ولذا فقد اعتبروا النظام المغلق والقوانين واللوائح والإجراءات والهياكل وسائل مهمة لتوجيه الصراع من أجل تحقيق الفاعلية التنظيمية Organizational Effectiveness بينما نظر إليه السلوكيون على انه أمر غير مرغوب فيه، ولتحقيق التوافق المطلوب، فإنهم ركزوا على أهمية النظام الاجتماعي واعتبروه المفتاح الرئيسي لذلك من خلال توافر تسهيلات شبكة العمل الاجتماعية، وجعل العاملين سعداء، فالسعادة والتوافق في رأيهم هما أفضل الطرائق للحصول على الفاعلية التنظيمية.

أما اليوم فقد اختلفت النظرة إلى الصراع بشكل كبير، حيث ينظر إلى الصراع ليس فقط كأمر لا يمكن تجنبه Unavoidable، بل إنه أمر مرغوب فيه Desirable لان الصراع يولد القلق والإحباط Tension & Frustration مما يجعل تنفيذ العمل بأسلوب يختلف عن المعتاد وبالتالي إلى تخطي العقبات وحل المشكلات القائمة، فالقلق يمكن أن يساعد على إثارة الإبداع (Hodge & Anthony, 1991: 531).

لذلك فان الاتجاه الحديث هو ليس تجنب الصراع، بل كيفية إدارته بحيث تكون المنظمة قادرة على تكييفه لمصلحتها وتحقيق أهدافها، وتتضمن عملية إدارة الصراع المحافظة على حالة التوازن، فعندما يكون الصراع أقل من الحالة المرغوب فيها فان ذلك يؤدي إلى الجمود واللامبالاة مما يستدعي استخدام استراتيجيات لإثارة الصراع داخل المنظمة، أما إذا كان الصراع أكثر من الحالة المرغوب فيها فان ذلك يؤدي إلى الفوضى وانعدام السيطرة وبالتالي انهيار المنظمة، مما يتطلب استخدام استراتيجيات لتخفيف حدة الصراع، وهكذا فالتوازن حالة مطلوبة من أجل استمرار العملية الإبداعية وتحقيق مستوى عالٍ من الأداء للحفاظ على الميزة التنافسية للمنظمة.

وما يعزز الأهمية المتقدمة، ما أشارت إليه الجمعية الأمريكية للإدارة American Management Association في إحدى دراساتها بان المدير يستغرق حوالي 20% من وقته في معالجة وإدارة الصراع. وما توصلت إليه إحدى الدراسات الميدانية حول المواضيع التي تحتل الأهمية الأكبر من قبل المديرين في برامج التطوير الإداري، إن عملية إدارة الصراع احتلت أهمية أعلى من اتخاذ القرارات، والقيادة، ومهارات الاتصال (Robibins & Decenzo , 2001: 394).

وفي العراق، حيث يتعرض الأفراد والمنظمات في ظل الظروف الراهنة إلى ضغوط البيئة الخارجية المتمثلة بالمؤثرات السياسية، الأمنية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، التكنولوجية وغيرها التي تنعكس على واقع البيئة الداخلية لمنظماتنا العراقية ومنها مشكلة الصراع الذي يجعل سلوك الأفراد غير طبيعي أو مألوف وقد يؤدي بهم إلى التشدد أو التطرف في توجهات معينة، ومن البديهي فإن ذلك سينعكس سلباً على مستوى الأداء الفردي والمنظمي بما يتعارض مع تحقيق الأهداف المنشودة.

لذلك فإن الضرورة تستدعي النظر إلى مستويات الصراع بشكل متكامل ومتداخل لمعرفة جذوره الرئيسة من أجل العمل على إزالتها قدر المستطاع والتحكم فيها وتوجيهها لصالح عمل المنظمات، ومن هذا المنطلق فإنه يتوجب على الإدارة قبل اختيار الاستراتيجية الملائمة لحل الصراع، التعرف على الأطراف المتصارعة، وما هي اهتمامات كل طرف، وقيمه، وشخصيته، وشعوره، وموارده... وغيرها، حيث ستكون احتمالية النجاح في حل الصراع أكبر بكثير إذا رأينا موقف الصراع من خلال عيون الأطراف المتنازعة، ومن الجدير القول، كما أشار إلى ذلك Thomas، بأنه لا توجد استراتيجية ملائمة لحل الصراع تصلح لجميع الحالات، بل إن ذلك يتوقف إلى حد كبير على الموقف وإن ذلك بحد ذاته قد يولد الاستراتيجية الملائمة.

 

تعريف الصراع Definition Of Conflict:

في ضوء التباين الفكري حول مفهوم الصراع التنظيمي فقد تم تعريفه بأشكال مختلفة، فأشار إليـــه (Katz & Kahn, 1988: 312) إنه نوع خاص من التفاعل يلاحظ من خلال المحاولات المبذولة لعرقلة أو الإساءة إلى جهود ما ومن خلال المقاومة Resistance ضد تلك الجهود.

ونظر إليه March & Simon على إنه حالة اضطراب وتعطيل لعملية القرار بحيث يواجه الفرد أو الجماعة صعوبة في اختيار البديل الأفضل ووصفه (Hodge & Anthony, 1991: 542) بأنه الموقف الذي تتعارض فيه الأهداف، الأفكار، الفلسفات، التوجهات بين اثنين أو أكثر من الأفراد أو الجماعات, وأكد (Wright & Noe, 1996: 682) على انه الإدراك بان القيم أو الأهداف أو الحاجات غير متوافقة. وعرفه (Hach, 1997:301) انه نضال علني Overt Struggle بين اثنين أو أكثر من الجماعات في منظمة ما أو بين اثنين أو أكثر من المنظمات يحدث عندما تتعارض أنشطة احد الأطراف مع نتائج أو جهود الطرف الآخر قد يكون سببها ندرة الموارد أو محدودية الفرص.

ورأى (Robbins & Decenzo, 2001: 344) أن الصراع يشير إلى إدراك الاختلافات غير المتوافقة والناجمة في بعض أشكالها من التدخل أو المعارضة.

ويظهر مما تقدم بان التباين في المفاهيم هو ظاهرياً وليس جوهرياً، فالصراع كما يراه البحث هو تعبير شمولي عن الحالة أو الموقف الناشيء من عدم التوافق بين الأهداف، الفلسفات، الأيدلوجيات، القيم، الحاجات بين طرفين أو أكثر للحصول على المركز المتعارض المرغوب فيه من قبل هذه الأطراف

أنواع الصراعات داخل بيئات العمل:

1-الصراع وفقا لمستواه:داخل الفرد،بين فردين،داخل المجموعة، بين المجموعات،على مستوى المنظمة،بين المنظمات.

2-الصراع وفقا لاتجاهاته:الصراع الرأسي،الأفقي.

3-الصراع وفقاً لنتائجه:الصراع السلبي،الإيجابي.

4- الصراع وفقا للقضايا المتصارع عليها.

5-الصراع من حيث التنظيم:منظم،غير منظم

6-الصراع من حيث التخطيط:الصراع الاستراتيجي،الغير مخطط

 

 

مراحل الصراع لـ  Stages Of Conflict:

اولا - حدد Pondy الصراع بخمس مراحل متعاقبة سيتم إيجازها على وفق مـا ورد فــي (Hodge & Anthony, 1991: 541 ; Wright & Noe, 1996: 687 ; Hills & Jones, 2001: 494) وكما يأتي:

1. صراع كامن Conflict Latent: هو صراع محتمل قد ينشأ عن ظهور شروطه الحقيقية مثل المنافسة على الموارد، التباين في الأهداف، الاعتمادية ما بين الأقسام.. وغيرها، وتكون عملية نشوئه سهلة ما لم يتم إدارة الموقف بحذر لتجنبه.

2. صراع مدرك Perceived Conflict: ويتمثل بادراك الأطراف للصراع المحتمل عندما يتعرف المديرين على الصدمات، وتلعب المعلومات المتساوية دوراً مهماً في تغذيته، ويكتشف المديرون في هذه المرحلة بان أنشطة وسلوك جماعة أو قسم آخر يعمل على إعاقة تحقيق أهداف جماعتهم.

3. صراع محسوس Felt Conflict: ويتم الشعور به عندما يبدأ المديرون بتشخيص الصراع وإلقاء اللوم على الأفراد نتيجة للصراع الحاصل، ويتبلور الصراع بشكل أكثر وضوحاً وأكثر تعبيراً عن طبيعته ومسبباته وقد يحصل تدمير التكامل بين الوظائف والأقسام.

4. صراع ظاهري (علني) Manifest Conflict: ويظهر بشكل مفتوح، وكل جماعة تناضل بشكل علني لإعاقة أو تعطيل أهداف الجماعة الأخرى، وتتنافس المجاميع لحماية مصالحها الذاتية وإعاقة مصالح الجماعات الأخرى، وهذا قد يعيق التغيير ويمنع المنظمة من التكييف مع بيئتها إذا لم يتم السيطرة عليه وإدارته بشكل كفوء باستخدام الاستراتيجيات الملائمة لحل الصراع.

5. ما بعد الصراع Conflict Aftermath: ويتم فيها تسوية الصراع وتحقيق التغييرات الضرورية، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مرضٍ بحيث تقر أحد الأطراف بأنها الخاسرة فستكون هناك جولة جديدة محتملة من الصدمات المكثفة.

 

 

 

ثانيا -  نموذج مراحل الصراع لـ (Rahim) Rahims stages of conflict:

طــور Rahim نموذجه بناءاً على دراسات وأعمال متنوعة لعدة باحثين في هذا المجال، ويتألف هذا النموذج من خمس مراحل كما في الشكل (1) يمكن بيانها كما يأتي:

1. المرحلة الأولى – ظروف ما قبل الصراع Antecedent Condition: وتتضمن الظروف المتواجدة ما قبل الصراع بين الأطراف والجماعات وتتمثل بالسلوكية، الديمغرافية، والهيكلية، وهذه الظروف قد تؤدي إلى نشوء الصراع.

2. المرحلة الثانية – التغيرات السلوكية Behavioral Changes: وتحدث عند نشوء الصراع والتي تشير إلى السلوك ألعدائي (المتشدد) المرافق للأطراف المتعارضة، ويتوجه اهتمام المجموعة من إنجاز الأهداف Goal Accomplishment إلى الفوز Wining، ويبدأ كل طرف أو حزب في هذه المرحلة بالنظر إلى الطرف الآخر المعارض كعدو، وعندما يصلوا إلى حالة التطرف في تفاعلهم ينتقل الصراع إلى المرحلة الثالثة.

3. المرحلة الثالثة – تشكيل الهيكل Structure Formation: حيث يلجأ الأفراد إلى الاعتماد على القوانين واللوائح والاتصالات المكتوبة واستخدام الألقاب الرسمية أو بعبارة أخرى يصبح الصراع مؤسساتي Institutional conflict

4. المرحلة الرابعة - عملية القرار Decision Process: وتبدأ فيها الأطراف إحلال العمليات أو الهيكل في صنع القرارات بدلاً من الطرائق المعتادة، مثال ذلك الصراع بين الإدارة والعاملين غالباً ما يحل من خلال التفاوض Negotiation أو قد يتم اللجوء إلى أطراف أخرى لحل الصراع.

5. المرحلة الخامسة – ما بعد الصراع Conflict Aftermath: وفيها قد يتم الوصول إلى حل يرضي الأطراف أو قد يشعر أحد الأطراف بالخسارة، وهذا ما يؤدي أيضاً إلى صراع كامن.

وهنا، يمكننا القول إنه في كل مرحلة من مراحل الصراع فإن الضرورة تستدعي معالجة الصراع من خلال استخدام الاستراتيجيات التي تتلاءم مع المواقف التي تسبب الصراع والعمل على الانتفاع من آثاره الإيجابية قدر الامكان بما يحقق فاعلية المنظمة، وإجراء التغييرات الضرورية إن تطلب ذلك في الهيكل والاستراتيجية والتكنولوجيا وغيرها.

 

انماط الصراع   Patterns of conflict

هناك عدة طرق يمكننا من خلالها ان نتعامل مع الصراعات والنزاعات التي تدور حولنا.بعض من هذه الطرق تحتاج الى شجاعة كبيرة والتمسك بالرأي في حين ان البعض الاخر تحتاج الى أخذ وجهة نظر الطرف الاخر في عين الاعتبار.هذه الطرق هي ما تسمى بانماط النزاع ويمكن تقسيمها الى خمسة أنماط مختلفة سيتم تفصيلها وشرحها هنا.

النمط الأول: المنافسة أو التحكم (في هذا النمط هناك فائز وهناك خاسر)

نمط التحكم او المنافسة في الصراعات والنزاعات هو نمط حازم ويتميز بعدم المعاونة مع الطرف الاخر. الاشخاص الي يمتلكون هذا النمط يكون هدفهم الفوز والفوز فقط بغض النظر عن اي نتائج اخرى. هم يستخدمون كل القوى المتاحة لهم لكسب النزاع مهما كانت طبيعة تلك القوى مثل القوة الجسدية, قوة المال,القوة السياسية, القوة الدينية وغيرها من انواع القوى.

لو أخذنا الصراع المجتمعي بين الصحويين وما يطلق عليهم الليبرالين لوجدنا انه مثال ينطبق تماما على هذا النمط من الصراع. كل يوم نجد تصعيد جديد للخلاف من احد الطرفين ليس هدفه الفوز فقط لكن بهدف تدمير الطرف الاخر والتحكم به والتأكد من خسارته. في النهاية سنجد ان كلا الطرفين قد خسروا اشياء كثيرة مهمة لديهم في سبيل تحقيق ذلك الهدف وهو الفوز بغض النظر عن اي شيء اخر. ينطبق المثل المعروف “انا ومن بعدي الطوفان”على هذا النمط.بناء عليه نجد ان الشخص الذي يستعمل هذا النمط ليس هدفه الفوز فقط ولكن لكنهم يسعون للفوز الكامل بكل شي عبر التاكد من خسارة الطرف الاخر لكل شيء.

هذا لا يعني ان هذا النمط مرفوض بشكل كلي.هناك بعض الحالات التي تتطلب علينا تبني هذا النمط.فعلى سبيل المثال في مباريات كرة القدم اذا لم يتم استخدام هذا النمط فما الفائدة من مشاهدتها؟ الهدف هنا ان يتم الفوز في المبارة وجعل الفريق الاخر يخسر. لا يمككني تخيل مباراة كرة قدم بين فريقين متفقين على تقسيم النتيجة بينهما!!!بتلك الطريقة تفقد حماسة اللعبة والهدف منها. ويمكنكم القياس على ذلك لايجاد امثلة اخرى

النمط الثاني: الاستيعاب (في هذا النمط هناك فائز وخاسر)

نمط الاستيعاب يتميز بالتعاون والتنازل من احد أطراف النزاع. الاشخاص الذين يتبعون هذا النمط نجدهم يتنازلون للطرف الاخر لانهم يعتقدون ان هذا الطريق الامثل لانهاء النزاع او المشكلة. على اي حال عادة ما يشعر الطرف المتنازل انه فقد شيء ما بسبب هذا التنازل لانه لم يرض رغباته واحتياجته.

في بعض الاحيان نجد ان استخدام هذا النمط هو الانسب. على سبيل المثال اذا كانت القضية غير مهمة لك وانه بدخولك نزاع فانها ستؤخرك عن قضايا اهم بالنسبة لك فمن الحكمة ان تتنازل وتستوعب الطرف الاخر بما ان القضية تعني له الشيء الكثير مقارنة بك.

النمط الثالث: التجاهل (هذا النمط كل الاطراف خاسرون )

النمط التجاهلي في النزاعات هو نمط غير حازم وغير متعاون في نفس الوقت. الاشخاص الذين يستعملون هذا النمط لا يحاولون ارضاء اهدافهم ورغباتهم واحتياجتهم بالاضافة انهم لا يرضون اهداف واحتياجات ورغبات الطرف الاخر في النزاع. هم يتعاملون مع المشكلة وكأنه لا يوجد مشكلة في الاساس ويحاولون اقناع نفسهم بهذا الامر. على كل حال حتى اذا ظلوا يقنعوا انفسهم فانه لا يمكنهم اخفاء حقيقة ان هناك خلاف او نزاع او مشكلة فتراه يخفيها في نفسه رغبة في عدم جلب المشاكل او القلق لنفسه. عندما نجد اشخاص عليهم ملامح التعاسة والهم ولا يتكلمون عن مشاكلهم او احزانهم فهنا نعرف ان هذا الشخص يستخدم هذا النمط.

 

على كل حال, هذا النمط ليس سيئا كليا لان هناك اوقات نجد انه من الامثل والضروري ان نستخدمه. على سبيل المثال اذا كنت ماشي في طريق مظلم ورأيت شخصا يهجم عليك بالسلاح لسرقتك فانه ليس من الحكمة ان تقول له دعنا نتناقش في الامر فانه يبدو عليك التعاسة!!! في هذا الوقت تجاهل المشكلة وعدم المقاومة هو انسب حل.

مثال اخر اذا حصلت مشكلة ما بينك وبين انسان اخر لا تعرفه وتعلم انك لن تتعامل معه ثانية ولا يهمك امره فالتجاهل قد يكون مناسب. لكن ان كانت علاقتكم مستمرة او ستتقابلون او ستتعاملون مع بعضكم مرة اخرة فيجب عليك تجنب استخدام هذا النمط حتى لا تتكر خسارتك.

تجاهل المشاكل و النزاعات هو مسكن لها ما تلبث انه تعود بشكل اقوى عند انتهاء مفعول المسكن

 

النمط الرابع: المساومة  (في هذا النمط يكون لدينا اطراف كلهم فائزون )

هذا النمط يتم فيه الحزم والتعاون في نفس الوقت. المساومة تعطي لكل طرف جزء من الاحتاجات والرغبات لكل طرف لكنها لاتعطيها كلها. كل طرف سيخرج من النزاع وهناك شيء ناقص لم يستطيع الوصول اليه. يتم استخدام هذا النمط اذا كانت القضية او المشكلة غير ذات اهمية او اذا كان عامل الوقت حاضرا.

النمط الخامس: التعاون او حل المشكلة

هذا النمط يملك اعلى انواع التعاون. تكلمت في مدونه سابقة عن كيفية اتباع الخطوات الازمة لهذا النمط لمن اراد الاستفادة. اولا يجب علينا التفرقة بين هذا النمط والنمط السابق المساومة. لشرح الفرق بشكل واضح لنأخذ مثال البرتقالة. هناك شخصان وهناك برتقالة واحدة فقط اذا استخدمنا نمط المساومة فسنقوم مثلا بقطع البرتقالة الى نصفين وكل شخص يأخذ طرف لكن في اذا استخدمنا نمط التعاون فانه يمككنا الوصول لحل اعمق على سبيل المثال قد يكون الشخص راغب في قشرة البرتقال فقط والاخر يريد العصير. سنجد من المثال السابق ان المساومة اعطت نصف الحل ولم تهتم لتفاصيل المشكلة ورغبة الطرفين بعكس نمط التعاون.

 

أسباب الصراع ومؤشراته Reasons of conflict & its Indices:

يحدث الصراع في أشكال عدة ويمكن أن يتواجد في مستويات مختلفة في المنظمة، ومن أهم أسبابه على وفق ما ورد في (Hodge & Anthony, 1991: 308 ; Griffin, 1993: 354 ; Cook etal, 1997: 354 ما يأتي: -

1. عدم توافق الأهداف وتتمثل في:

  1. اختصار الأهداف على النخبة (حصر تبادل الأهداف).
  2. المنافسة على الموارد لمحدوديتها أو ندرتها.
  3. اختلاف في توجهات الوقت (مديات الوقت ما بين الأطراف).

2. مشاكل في تصميم الهيكل وتصميم العمل، و تتمثل في:

  1. اعتمادية المهام ما بين الأقسام.
  2. تداخل المراكز (الازدواجية).
  3. معيقات الاتصال.
  4. عدم وضوح المسؤوليات.
  5. تغيير في الصلاحيات.
  6. سوء معايير الأداء والمكافآت.
  7. نقص في توافر البدائل (الإحلال)، مثل الخبرات التي لا يمكن الاستعاضة عنها.

3. صراع الأدوار ويتمثل في:

  1. تغيير في توقعات الأدوار.
  2. تغيير في معايير الأداء والمكافآت.

4. جو يشجع على الصراع، ويتمثل في:

  1. أفراد بقيم وتوقعات ومدركات مختلفة.
  2. مزيج من ثقافات مختلفة (صراع ثقافي)
  3. أيدلوجيات مختلفة.

ومن الضروري الإشارة هنا بأن الجذور العميقة لأسباب الصراع تنبع من المحيط التنظيمي المتمثل بالبيئة، الاستراتيجية، التكنولوجيا، الثقافة، والهيكل.

أما أهم المؤشرات الملاحظة Observable Indices للصراع فيمكن إجمالي على وفق ما ورد في (Hatch, 1997: 308 ; Hersey & Blanchard, 1997: 224) بما يأتي:-

  1. انعدام الثقة والاحترام.
  2. تشويه أو تحريف المعلومات.
  3. فقدان التعاون.
  4. تجنب التفاعل.
  5. التأثير على السامع.
  6. تزايد الخلافات داخل الجماعات.
  7. انخفاض الروح المعنوية.
  8. زيادة القواعد والتعليمات.
  9. رداءة الاتصالات أفقيا وعمودياً.
  10. تصاعد النزاع عبر الهيكل.

فوائد الصراع Benefit of conflict:

يحقق الصراع التنظيمي وفقاً للمنظور الإيجابي Positive Perspective بعض الفوائد حيث أشار Pondy بأن الصراع يمكن أن يحفز على الإبداع والتكيف والى اتخاذ قرارات أفضل نتيجة لتقديم وجهات نظر عديدة ومتباينة، فضلاً عن ذلك فإن الصراع يعد ظاهرة صحية من الناحية السيكولوجية (النفسية) Psychologically والسوسيولوجية (الاجتماعية) Sociologically حيث إنه صحي من الناحية السيكولوجية لأنه يسمح للأفراد بالتعبير عن الاحباطات Frustrations ويمثل مجالاً للتنفيس عنها، ويكون صحياً من الناحية السوسيولوجية لأنه يشجع على رفض الوضع الراهن والبحث عن ظروف تساهم في التغيير الاجتماعي، ويعزو بعض المفكرين إلى أن الصراع يساهم في إيجاد الظروف نحو الديمقراطية من خلال تشجيع واحترام التنوع في وجهات النظر، وكذلك فإن التوجهات الايجابية نحو الصراع حذرت من المستوى الواطيء للصراع وأشارت بأن ذلك يقود إلى نتائج سلبية منها إتخاذ قرارات غير جيدة، أفكار قليلة، اللامبالاة، الجمود (Hatch, 1996: 304).

ويوضح الشكل (2) نموذج موقفي Contingency Model كأفضل طريقة لفهم الصراع التنظيمي وفوائده واختيار الاستجابة الملائمة حيث يبين النموذج وجود علاقة بين مستوى الصراع ومستوى الأداء التنظيمي Organizational Performance

وكما يظهر في الشكل، فان المستوى الواطيء والمستوى العالي للصراع أمر غير مرغوب فيه حيث يؤدي إلى مستوى واطىء من الأداء مما يتطلب استخدام استراتيجيات لإثارة الصراع في الحالة الأولى، واستراتيجيات لتقليل الصراع في الحالة الثانية. أما عند مستوى الصراع المتوازن فيبلغ أداء المنظمة أعلى مستوياته، وأشار (Wright & Noe, 1997: 683) إن الصراع في هذا المستوى يكون مصدراً لتغيير الحاجات ويمكن أن يزيد دافعية العاملين نحو الأفكار الإبداعية، أما عند غياب الصراع فيعد إشارة لجمود العاملين وعدم مشاركتهم، وإن المنظمة تعيق عملية التطور وطرح الأفكار الإبداعية، أما زيادة حدة الصراع فقد تؤدي إلى تحطيم معنويات العاملين ومنعهم من إنجاز أعمالهم بكفاءة، فضلاً عن تأثيرها على التنسيق وبذلك فإن إدارة الصراع بالشكل الملائم لا تمنع فقط الأذى بل يمكن أن تدعم جهود المنظمة للحفاظ على الميزة التنافسية Competitive Advantage.

اما موضوع استراتيجيات إدارة الصراع التنظيمي التي تحقق للمنظمة ميزتها التنافسية ؟ هذا ما سيتم مناقشته في المقال القادم ان شاء الله.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صلاح الاركوازي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/06



كتابة تعليق لموضوع : مفهوم الصراع   The Concept of Conflict
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net