صفحة الكاتب : فؤاد المازني

العراق دولة تبحث عن حكومة وطنية
فؤاد المازني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الوطنية نظرة واقعية وفكر ريادي ومنهجية معمقة وسلوك ناضج وممارسة عملية وثقافة مجتمعية متسلسلة وتطبع تلقائي مترابط ، وليست شعار تتغنى بها الألسن وتطبل لها المزامير وتعتلي بها صروح المنابر ولا كلمة تملئ بطون الكتب أو رتوش يمتطيها الشعر وتتلاقفها الدواوين وتؤرشفها الرفوف  .

الوطنية تصل بقاماتها التطبيقية إلى العلوم الأخلاقية الرفيعة التي تتوائم مع السلوك الإنساني الحضاري والمفاهيم النبيلة لعناصر الحياة البشرية الصالحة .
منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة لم يشهد البلد مثل هذه الأوضاع التي يمر بها هذه الأيام بل ولا حتى في عهود الدولة العثمانية وما قبلها ، وبنظرة حقيقية فاحصة يعزى السبب في التدهور الحاصل الى جميع الأطراف المتواجدة في الساحة السياسية بعد عام ٢٠٠٣ المعلن منها والغير معلن الظاهرة والمتخفية الباقية منها والمنسحبة على حد سواء بعد أن نالت مرادها .
الأطراف الداخلية معتكفة على تأمين مصالحها الفئوية الخاصة والدفاع عنها والإقتتال دونها ومنها المرتبطة بأجندة خارجية إقليمياً أو دولياً  ، فهذه الأطراف التي يعتبر كل طرف نفسه أنه الأصوب في نظريته ورؤيته ومنهجه وتطبيقاته وبالتالي هو يتمسك بجزء من الوضع العام الذي يراه ضمن الساحة التي يعمل فيها ويؤثر عليها ولا يبالي بالأجزاء الأخرى التي يمسكها الآخرون ومؤثرين أيضاً ضمن المساحة الذي يتواجدون فيها ومؤثرين عليها ، وبالتأكيد مثل هكذا حال لا ينتج عنه إلا تقاطعات لا حصر لها ومزايدات بين أصدقاء الأمس وأعداء اليوم والعكس صحيح وتسقيط بين الأطراف كلما دعت الحاجة إلى تبنيها ومزيد من الإرباك في المشهد السياسي الغير مستقر على حال منذ بداية الديمقراطية التي جاءت بها الولايات المتحدة الأمريكية وركب موجتها (رجالات المعارضة) الذين لم يكن حلمهم أبعد من تناول قرص الرغيف بيسر ورغم طول فترة تربعهم على مقدرات البلد لكنهم لا زالوا يتعاملون بفكر المعارضة والتقاطع مع بعضهم البعض والأنانية المتأصلة فيهم ونزعة التسقيط التي تربوا عليها وإعتادوا عليها ولم يلتفتوا يوماً إلى هذا البلد المستباح وإلى هذا الشعب المنهك بل لم يقتنعوا يوماً أن القيادة تضامنية وعليهم مسؤولية الراعي والرعية ،  ومثل هكذا أوضاع طيلة سنين عجاف تجاوزت حد الصبر المطاق آلت الأمور بهؤلاء إلى أن أوصلوا البلاد إلى نفق مظلم بلا هوادة وتأني ومحاسبة للضمير والحال مسخت عنهم نتيجة أفعالهم الدنيئة في الإستحواذ على المال العام ونهب البلاد وإنهاك العباد كل مبادئ وقيم الوطنية التي تنادي بها كل الأعراف والتقاليد والعقائد والمذاهب والأديان والملل .
اليوم العراق بلد تتخطفه الأهواء وتتجاذبه المصالح وتستباح فيه الثروات ويعيش شعبه حالة من عدم الإستقرار البته وتهدر فيه أرواح أبناءه بلا حسيب أو رقيب وكل طرف يرمي الأسباب على الطرف الآخر ليتنصل عن المسؤولية ،  متفقون على المصالح والمكاسب والمغانم إن نالوا منها  ومختلفون على إدارة الدولة فكل منهم يريد الوصل بليلى ، ومادامت الوطنية غائبة عن الحسابات وميتة في الضمائر قتبقى الدولة العراقية تبحث عن حكومة وطنية . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فؤاد المازني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/12/31


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • الذكرى الثالثة لوفاة العالم الرباني حجة الإسلام والمسلمين السيد علي الصافي (طاب ثراه)  (المقالات)

    • في الذكرى السنوية الأولى لوفاة حجة الإسلام والمسلمين السيد علي عبد الحكيم الصافي (قد)  (المقالات)

    • جامع الفقير .. بالأمس إحتضن جمال جعفر ( أبو مهدي المهندس) يافعاً.. واليوم يؤبنه شهيداً  (المقالات)

    • القيادة الرشيدة .. الشهيد القائد أبو مهدي المهندس إنموذجاً  (المقالات)

    • في كربلاء المقدسة ... المفتي والشذر يتبنيان جدار الحرية  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : العراق دولة تبحث عن حكومة وطنية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net