صفحة الكاتب : حيدر محمد الوائلي

التظاهر بهدف والا فلا
حيدر محمد الوائلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كثرة التركيز في الفترة الحالية على منشورات الشهداء المغدورين وصور القتل والدماء وحوادث العنف في التظاهرات العراقية التي اندلعت في تشرين الأول ٢٠١٩، كل ذلك سيزرع بالنفس غريزة طلب الثأر والغضب وعن طريقها سيسهل تمرير الشائعات والتلاعب بالمشاعر وكذلك سيستسهل بعض الناس ارتكاب عمليات عنف مضاد أو تبرير العنف أو تقبله أنه شيء مقبول سلبي.

قلت كثرة التركيز وليس الاتيان على ذكرهم.

بل حتى يصل لأرتكاب أو قبول حصول حوادث عنيفة بشعة كتمثيل بجثة وتصويره لأنه بنظر البعض عنف مبرر او مقارنة بعنف غيره او لماذا سكت احد عن عنف قبل هذا العنف وغيرها من طرق التفكير التي تصب في خانة الغضب والثأر والحقد والكراهية.

قد سكنت عقول الناس صور ومنشورات عنف بحق متظاهرين وشهداء فصار من السهل طلب الثأر من اي احد حتى ولو بنشر اشاعة او خبر مفبرك او بصورة متلاعب بها او فديو قديم يبث انه حصل في واقعة حديثة او فديو حقيقي او صورة حقيقية يتلاعب بتفسيراتها ايضاً.

 

وحتى في النقاشات صار من السهل رمي تهم الخيانة والعمالة والجهالة والتبعية وغيرها لمجرد خلاف في الرأي.

صار الخلاف في الرأي يتلف الود ويخرب النفوس ومنهم من يتكلم بعصبية وبتشنج ومنهم من يستخدم عبارات بائسة وغاضبة وحقيرة ومنهم من يستند لمعلومات كاذبة ومزيفة وملفقة وعندما ينتهون جميعاً يرددون المقولة التافهة (الخلاف لا يفسد في الود قضية)!!

كل ذلك يجعل من القتل والعنف والشتم والقاء التهم والغضب مسألة فيها تبريرات بل فيها وطنية!

إن أسهل طريق للوقوع بالنفاق هو التبرير.

ولكي لا يصبح الغرض من التظاهرات مجرد عملية تنفيس غضب أو فك غلّ النفوس فيجب التركيز على مطالب المظاهرات العظمى التي سترسم مستقبل بلد وجيل بأكمله.

أليس غرض المظاهرات إصلاح الوضع السياسي والخدمي والمعيشي في العراق ام صار غرض التظاهرات هو تظاهر لغرض التظاهر فقط؟!

تظاهر لغرض ترديد الهتافات أياً كانت او النقاشات الجانبية او الاشتباك.

تظاهر لغرض أهداف حتى أن بعض المتظاهرين البسطاء لا يفهم وسائلها واليات تنفيذها.

تظاهر لغرض الفيسبوك وتويتر وانستغرام وواتساب.

 

لا يوجد بلد في العالم فيه ثروات كبيرة وفساد كبير مثلما في العراق وبنفس غزارة ثرواته الهائلة فكذلك كم الفساد فيه غزير وهائل.

لا يوجد بلد فيه إهمال خدمي وبيئي وصحي واجتماعي وتعليمي رهيب مثلما في العراق. إهمال متعمد ومن سيء إلى أسوأ حتى صار العراق في حضيض ترتيب دول العالم سمعة سيئة تلازمه.

لا يوجد في العالم اجتماع طبقات سياسية مختلفة ومتعارضة فكرياً ولكن فيها مشترك يربطها ببعض بمحاصصات توزيع مناصب فاسدة وبتمرير صفقات وقوانين فاسدة مثل ما في العراق.

لا توجد في العالم طبقة سياسية فاسدة لا تعترف بخطأها وترمي التهم على غيرها مثل ما في العراق.

لكن هنالك ثغرة مهمة يجب عن طريقها الدخول للإصلاح وهي الانتخابات بعد الضغط لتشكيل مفوضية جديدة مستقلة كلياً وتعديل قانون الانتخابات ليكول اكثر انسيابية مناطقياً وفردياً لتمثيل رقع جغرافية بعينها ومن ثم حل البرلمان لنفسه واجراء انتخابات مبكرة بإشراف دولي كبير ومباشر من الأمم المتحدة.

التظاهرات وسيلة للتعبير عن الرأي للضغط لتحقيق مطالب معينة مثلما الإضراب عن العمل أو الطعام والكتابة والرسم والحملات الاعلانية والندوات وغيرها. نعم، كلما كثر نشاطها واتسعت دائرتها فسيقوي منها ويُعجل بتحقيق اهدافها فالمظاهرات وسيلة وليست هي الغاية.

ركزوا على مطالب لإنقاذ البلد بمفوضية جديدة مستقلة فعلياً وانتخابات بمراقبة دولية ضخمة بعد تعديل قانون الأنتخابات ومن ثم تنتهي التظاهرات والاضرابات وتعود الحياة لمجاريها ولينتخب الناس بحرية من يريدون.

ماعداه فسيتم تشتيت الانتباه والتلاعب بالعقول وبث الإشاعات ونشر الفتن وكثرة النقاشات الجانبية والنتيجة طول مدة التظاهرات ومن ثم انحدار هيبتها وكثافتها من دون تحقيق نتيجة كبيرة سوى استقالات لبعض المسؤولين ومن ثم تصبح المظاهرات باهتة ومملة.

تذكروا ان اكثر الفساد هو الفساد المستشري في دوائر الدولة في المحافظات كافة وليس الفساد في الوزارات فقط. فالتغيير المنشود تغيير جذري وكبير وبالانتخابات يكون الحل.

ولكن لو لم يشارك كل الناس بالانتخابات القادمة المفترضة او فاز من هو ليس كفوء، أو أعاد بعض الناس انتخاب نفس السياسيين والمسؤولين من نفس دائرة العملية السياسية التي حكمت العراق أو أنتخبوا اخرين غيرهم ولكن طاعتهم لنفس تلك الجهات التي مارست العمل السياسي في العراق سابقاً فعندها يجب احترام رغبة الناخبين بكل حرية وبكل ادب ولا يلومن الشعب الا نفسه وليتظاهر ضد نفسه هذه المرة وليضرب راسه بالف حائط على طريقة تفكيره تلك وليقمع شغب نفسه بنفسه من دون الحاجة لشرطة مكافحة شغب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر محمد الوائلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/12/16



كتابة تعليق لموضوع : التظاهر بهدف والا فلا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net