صفحة الكاتب : علي علي

الرقيب والمختلس "دافنيه سويه"
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    بقدر اعتياد العراقيين على مفردة (السلام عليكم) او (الله بالخير) هناك مفردة باتوا معتادين عليها أيضا، تلك هي مفردة (اختلاس) او (تلاعب بالمال العام) إذ لطالما جرت على مسامعنا، لاسيما في عصر الانفتاح والديمقراطية والحرية بأشكالها وأصنافها التي انهالت على العراقيين كالمطر، بعد عام السعد 2003. وبمجرد سماعها تتبادر الى أذهاننا بضعة أسماء لأشخاص تبوأوا مناصب او مواقع وظيفية، سوّلت لهم انفسهم من خلالها خيانة الشرف والضمير والمبادئ، فكان لهم نصيب وافر في أشياء عدة. وأول ماكان لهم من ذاك النصيب هو قيمة من المال غير المشروع لم يكونوا يحلمون به، حيث تمتعوا بحصة الأسد منه بانواعه كافة من العملات المحلية والأجنبية والصعبة، فضلا عن الذهب بأشكاله ومسكوكاته الخالصة، فاقت بمجموعها عند البعض ميزانيات دول مجتمعة. وبطبيعة الحال أثمرت و(فرّخت) تلك الأموال في ليلة وضحاها، عقارات وفللا وشركات داخل العراق وخارجه، بمباركة البنوك العالمية التي لايدخل ضمن حساباتها سؤال؛ (من أين لك هذا؟!) لعملائها وأصحاب الأموال المستثمرين لديها.

  وثاني ماتحقق لهم من ذاك النصيب هو وفرة الداعمين لهم والـ (حبايب) من المتنفذين والمسؤولين في مفاصل الدولة، فالأخيرون محتاجون الى من يسندهم بالمال ويساندهم بالأصوات، لاسيما مع قرب موسم الانتخابات، لديمومة النفوذ والمنصب، فنراهم والأولين (دهن ودبس) فيما لو كان الظرف يصبّ بالمصلحة الشخصية، اما لوكُشف أمر المختلسين فسيكونون وإياهم (حيّة وبطنج) ويعلنون البراء منهم ومن كل متلاعب بالمال العام فهم شرفاء (من الوريد للوريد).

  اما النصيب الثالث الذي لايُحسَد المختلِسون عليه، هو الشهرة في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، التي تلقي الضوء على ما تكشفه لجان رقابية مختصة في حالات كهذه، حيث تسلط عليهم الأضواء في بداية كل نشرة أخبار، كذلك تظهر أسماؤهم بالـ (مانشيت العريض) في واجهات الصفحات الأولى للصحف الرسمية وغير الرسمية. اما مقياس هذه الشهرة فله شبه كبير بمقياس (رختر) لقياس شدة الزلازل، حيث يرتفع المؤشر فيه طرديا مع شدة الزلزال، كذلك كلما زاد المبلغ المختلَس؛ ازدادت مؤشرات الأخبار و (سبتايتلاتها) وبـ (سينوغرافيا) عالية، ذاكرة بهذا أسماء مرتكبيها. فمن يختلس عشرة او عشرين مليونا، له من نصيب الإعلام النسيان، اما اختلاس الملياريات، فلمرتكبها قدر كبير من الإعلام والإهتمام، حيث تخصص لجريمته ساعات إخبارية وحلقات لسرد تفاصيل عمليته، بل قد يصدر كتاب خاص عن قضية اختلاس حصلت في البلاد، ومقامي هذا لايكفي لذكر أسماء تعج بها ملفات القضاء والنزاهة، التي يبدو انها تتناسل في بلد الحضارات.

   لست ادري فيما اذا كان قد شُرِّع مكيال جديد يُكال على ضوئه ما اذا كان المختلس مشمولا بالحد الأدنى من هذه التهمة؟ ام يتوجب عليه ان يُجهد نفسه و (يشد حيله) لاختلاس مبلغ أكبر، ليصل الى الحد الأعلى منها فتشمله الشهرة. ولكن..! في كلا الحالتين يبدو ان المختلسين يمضون من دون حساب او عقاب، بل قد يكون الثواب مكافأة مجزية لهم، مادام الرقيب والمختلس (دافنيه سويه) والأمثلة كثيرة وعلى مرمى البصر.

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/31



كتابة تعليق لموضوع : الرقيب والمختلس "دافنيه سويه"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net