صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

في اي كهف موبوء تعلّم "اسلام" الاسلام
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في كل مرة يضرب الارهاب ابرياء في بلاد الغرب اضع يدي على صدري - ومعي ملايين المخلصين - مترقبا الاعلان عن اسم منفذ العملية ، وحتى ان التفكير بهوية الفاعل يصرفني في الكثير من الاحيان عن النظر في ملابسات الجريمة وعدد ضحاياها. ولاني اعمل في حقل اعلامي وتردنا الاخبار اولا باول لكن بالتقطير ، فاني اشعر بالاستنزاف البطىء لحين الكشف عن هوية الفاعل . فاتنفس الصعداء في بعض الاحيان واموت كمدا في احايين كثيرة . آخر مرة من هذه المرات التي لم اتمالك اعصابي فيها كان نبا محاكمة شاب مسلم قبض عليه العام الماضي وهو في مقتبل العمر لكنه  اقرب الى الوحش الكاسر منه الى الانسان . وصاحبنا البريطاني الذي يقول انه من عائلة متدينة هو في الثالثة والعشرين من العمر وهو السن الذي يفترض بالانسان السوي - اي انسان - وضع اللمسات الاخيرة من رسم مستقبله ، وهو السن الذي يوشك فيه الطالب الجامعي على التخرج في تخصصات علمية كالطب والهندسة فيفيد ويستفيد . الادهى والامر ان صاحبنا هذا لم يترك اي فرصة لمستمعي خبر جرائمه للتشكيك بهويته الدينية فان في اسمه "ساني اسلام" من الكفاية ما يشي بمعتقده . و يبدو ان "اسلامنا" هذا فهم فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطريقة التي تمليها عليه غريزته الجنسية فقط ، ويكون بذلك قد اصاب اكثر من عصفور بحجر واحد . فهو من جهة ارضى الله ورسوله والمشايخ باحياء فريضة معطلة من فرائض الله ، ومن جهة اخرى استطاع ان يشبع الى حين نهمه الحيواني من فتيات كل ذنبهن الذي اقترفن انهن في بلادهن يمشين في المساء لوحدهن من دون محارم ، وكانت احدى ضحاياه اللاتي اعترف بارتكاب الرذيلة معها فتاة في مقتبل العمر لم تكن تتجاوز الخامسة عشرة من العمر، وقد اتضح فيما بعد انها وفقا لقوانين "اسلام" كانت غير مشمولة بالعقوبة لانها عندما بطش بها "آمرنا بالمعروف " كانت تمشي مع صديقتها ، وقد اطلقت في اذنيه كل صرخات الاسترحام بما في ذلك انها ادعت انها في الحادية عشرة من العمر عل شيئا من الرحمة سيوقظ ضميره . لكن هيهات، اين الرحمة من سود الضمائر، فصاحبنا كان يزيد من الضغط على رقبتها بكلتا يديه كلما زادت هي من صرخات استغاثتها . اتساءل اي ثقافة اجرامية قدمت سفاحا بشريا يحمل اسم "اسلام" الى المجتمع ، اي مجتمع . اكاد اجزم انه لو لا سوق الفتاوى الرائجة وغير المنضبطة والتي يتاجر فيها كل من هب ودب من شيوخ آخر الزمان ، لكان "اسلام" واترابه الان يخوضون منافسة لصيقة وشريفة مع زملائهم في الجامعات البريطانية ليبرهنوا لهم انهم اقرانهم في كل شيء علما وادبا واحتراما للقانون . لكن من اين ياتي هذا العلم والادب والاحترام لهؤلاء المجرمين اذا كان مشايخنا تحولوا من عباد الله الى ظل الله في الارض يكفرون ويفسقون ويحللون ويحرمون ويهدرون ويستبيحون وينتهكون بلا رادع من ضمير ولا مانع من تقوى . ومن خلفهم تقف انظمة اصبح شلال الفتاوى هذا مصدر الهامها الذي به يتقوم سلطانها وتستقيم امورها . فكيف لنا ان نتوقع من هذه الانظمة ان تغلب مصلحة الدين وحرمة البشر على مصالحها الدنيوية الخاصة فتمسك بألسنة هؤلاء الابالسة وتقطعها امام الملأ كما تقطع رؤوس الابرياء بالسيوف البتارة ، ليكونوا عبرة لمن اعتبر . ساترك القارىء مع نموذج لهذه الفتاوى التي تعبر عن مدى الانحطاط الذي وصل اليه مشايخنا ليقرر بنفسه النازعة الى الحق ، الزاوية المعتمة التي يريد لنا هؤلاء المشايخ ان ننحصر بها فيخلو لهم الجو ليبيضوا ويصفروا كما يحلو لهم ، يدفعهم الى ذلك انهم في اسوأ الاحتمالات سيحصدون اجرا واحدا من رب العزة في حال خطأهم ، تقول الفتوى : " الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم حرامٌ، لأنه يتضمن النظر الحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام. باعث الداعين إلى هذا الاختلاط أمران : الأول النزعة إلى حياة الغرب الكافر، والثاني : اتباع الشهوات ، ومن استحل هذا الاختلاط فهو مستحل لهذه المحرمات ، ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتدا، فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فإن رجع وإلا وجب قتله ". بهذه البساطة يُقرَرُ قتلُ النفس التي حرم الله الا بالحق . هذه عينة متواضعة لابداعات شيوخ التكفير والقتل . ولك ان تحصي الان كم من البشر في البلدان العربية فقط ، مسلمين وغير مسلمين ، من يستحقون عقوبة القتل وفقا لفتوى هذا الشيخ الذي لا شك انه جليل . وبدلا من ان يُحشى فم هذا الشيطان الرجيم بالكوفية الحمراء التي يعتمرها كي لا يعود لامثال هذه الفتاوى ، يطل علينا من يسعى الى الخروج من هذا المازق ليدخلنا في متاهة رضاعة الكبير التي ستحل لنا - بعون الله - مشكلة الاختلاط ، فثلاث رضعات من اي سيدة لسائقها او مديرها او زميلها في المكتب او خادمها ستضع اقدامنا نحن العرب على اعتاب المدنية التي ستعيد لنا مجدنا السابق ، فتسهل علينا اعادة احتلال الاندلس من جديد !!! كل الارهابيين الذين شوهوا اسم الاسلام والمسلمين هم خريجو هذه الكهوف المظلمة التي يصدر المقيمون فيها مثل هذه الفتاوى المسمومة التي اول ضحاياها هو سمعة الاسلام واسم النبي محمد "ص" والقرآن الكريم . بدءا من النافق اسامة بن لادن وصولا الى فتانا الجديد ارهابي لندن "اسلام" . وبين هذا وذاك طابور طويل من الارهابيين كالزرقاوي والبغدادي والمصري وسواهم من الذين ظنوا انهم احسنوا صنعا ، لكن سعيهم خاب وهم الان في الدرك الاسفل من الجحيم يتجرعون مر اعمالهم وقد وردوا على رب العزة وكلهم طمع في تناول وجبة افطار شهية مع سيد الخلائق اجمعين النبي محمد عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام ، فاذا بهم يتجرعون الحميم والغساق غصة بعد غصة خالدين فيها بانتظار من سيلحق بهم من مشايخ الارهاب والتكفير ليروا مغبة فتاواهم الشنيعة . ترى كم شيخا من  شيوخ الارهاب والتكفير هؤلاء قرأ او سمع بتفاصيل فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي احياها طبقا لفتاواهم ابنهم البار في لندن ؟ لا يساورني ادنى شك بان هؤلاء المشايخ ممن سمعوا بتفاصيل هذه الجريمة المروعة لن يتوانوا عن الدفاع عن همجية فاعلها المجرم وسيتسابقون على الحاقه بهم ولعلهم سيسارعون في اصدار مرسوم ارساله الى الجنة راضيا مرضيا ، لان ما انجزه هو تطبيق عملي شجاع لفتاواهم التي تدعو الى فصل رؤوس الغالبية العظمى من المسلمين ، اما وقد نفذ اوامرهم في بلاد الغرب فان اجره سيكون مضاعفا من دون شك ، ولعلهم سيعطونه علامة نجاح غير كاملة لانه لم يذبح ضحاياه وفقا للشريعة الاسلامية ذبحا حلالا سائغا ، وانما اكتفى بانتهاك اعراضهم فقط ، وسيبررون له بان الله لا يكلف نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت . ايها الاباء الكرام ، واخص اولئك النفر الذين وقع حب محمد "ص" الخالص في قلوبهم ، انظروا في اسماء اولادكم من الان ، ولا تضيفوا مهانة جديدة لهذا الاسم العظيم ولدينه القويم، فنحن مقبلون على زمان قلـّب بفضل فتاوى شيوخ التكفير والقتل التي يبدو انها باقية ما بقيت السماوات والارضون ، وكاني بهم يتعمدون في تصيد ما حُمّدَ من الاسماء لتحويل حامليها الى قتلة ومجرمين ، حتى لقد اصبح هذا الاسم الجميل قرينا بالارهاب وسفك الدماء ، بالضبط على العكس من مبادىء شرعته السمحاء التي افنى حياته الكريمة في نشرها في مشارق الارض ومغاربها
 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/28



كتابة تعليق لموضوع : في اي كهف موبوء تعلّم "اسلام" الاسلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net