صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

الرد على شبهة السماوات التسع.مع برنابا في إنجيله. 
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لدى كتابتي مقدمة لإنجيل برنابا الذي اقوم بتحقيقه وجدت أن الخيانة لهذا الإنجيل بدأت منذ زمن مبكر من عمر المسيحية ثم استمرت هذه الحملة الشرسة عليه حتى يومنا هذا والذي استوقفني هو أن من قام بالترجمات المعاصرة (الدكتور راك ، والدكتور خليل سعادة الذي اخذ عنه) قاموا أيضا بخيانة النص وترجمته بشكل مشوه من أجل دفع القارئ إلى النفور من هذا الإنجيل،فكل من انتقد هذا الإنجيل اعتمد على ترجمة هذين الدكتورين ولم يرجع إلى الأصل. ووجدت أن اعظم الاخطاء التي زعموا أنها وردت في هذا الإنجيل هي قول السيد المسيح (ع) او مؤلف الإنجيل بأن عدد (السماوات تسع). فحاولت أن أحقق فقط هذا النص لانه لو تهاوى وبان عواره لسقطت بقية الافتراءات على هذا الانجيل المظلوم هو وصاحبه.

وأقول:
استخدم الله الأمثال على لسان أنبيائه لتقريب المعاني للناس وهذا ما نراه واضحا في الكتب السماوية الثلاث ، أما في التوراة فهناك سفر كامل بإسم (سفر الأمثال).حوى بين دفتيه ثلاثة آلاف مثل، كما يذكر سفر الملوك الأول 4: 32.‏

وكذلك الإنجيل حافل أيضا بالأمثلة وكثيرا ما استخدم السيد المسيح (ع) الأمثال لتقريب وجهات نظره للناس ، وهذا الاسلوب استخدمه القرآن أيضا فقال :(وتلك الامثال نضربها للناس).(1) وكذلك قوله تعالى آمرا نبيه : (واضرب لهم مثلا).(2)

وبما أن حديثنا يدور حول ما جاء في إنجيل برنابا من قول السيد المسيح بأن (السماوات تسع) حيث استخدم من ترجم هذا الإنجيل او حققه ذلك ذريعة للطعن في إنجيل برنابا مدعيا بأن هذا من الاخطاء الكبيرة من أن السيد المسيح لا يدري أن السماوات سبع وليست تسع أو أن مؤلف الإنجيل اخطأ بذلك.

وهؤلاء المترجمون أو النقاد تعمدوا قلب الترجمة لتبدوا على شكل اتهام بالجهل للسيد المسيح او لكاتب الإنجيل، ولو أنهم تحلّوا بالنزاهة والامانة العلمية في الترجمة لأتضحت الصورة من أن السيد المسيح كان يُكلم الناس بأمثال حيث تبدو الصورة واضحة جدا في الإنجيل كما يقول متى :(كلم يسوع الجموع بأمثال، وبدون مثل لم يكن يكلمهم).(3) فقد كانت الأمثال وسيلة السيد المسيح لإيصال الفهم لقلوب الناس التي استغلقت بالكفر. ومن هنا أستغرب التلاميذ ذلك وسألوه : (فتقدم التلاميذ وقالوا له: لماذا تكلمهم بأمثال؟).(4) فأجابهم السيد المسيح قائلا:(أكلمهم بأمثال، لأنهم مبصرين لا يبصرون، وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون).(5)

وأكد مرقص هذا المعنى فقال أن السيد المسيح (كان يعلّمهم كثيرا بأمثال).(6) فلم يُكلمهم السيد المسيح بالامثال فقط بل كان يستخدم هذه الأمثال كوسيلة للتعليم وتقريب المعاني.أن السيد المسيح (ع) كان يُكلم الناس عن فرضية على شكل مثل وليست شيء مُسلّمٌ به. كان يقول لهم إن الله لا يُمكن قياسه او حدّه في مكان معيّن، فضرب لهم مثلا فقال : (إن الله لا يدركه قياس إلى حد أني أرتجف من وصفه ، ولكن يجب أن أذكر لكم قضية ، فأقول لكم إذاً أن السموات تسع وأنها بعضها يبعد عن بعض كما تبعد السماء الأولى عن الأرض التي تبعد عن الأرض سفر خمس مائة سنة ، وعليه فإن الأرض تبعد عن أعلى سماء مسيرة أربعة آلف وخمس مائة سنة ، فبناءا على ذلك أقول لكم أنها بالنسبة إلى السماء الأولى كرأس إبرة ، ومثلها السماء الأولى بالنسبة إلى الثانية وعلى هذا النمط كل السموات الواحدة منها أسفل مما يليها... حينئذ قال يسوع : لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن الكون أمام الله لصغير كحبة رمل).(7)

وهكذا نفهم أن السيد المسيح (ع) كان يذكر لهم قضية فرض وليس واقعا مثل قول القرآن:(إن الله لايستحيِ يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها).(8) فلو قال المسيح أن السماوات عشر او سبعين لكان ذلك فرضا. ولذلك نرى السيد المسيح يقول لهم في نهاية كلامه محذرا إياهم بأن يفهموا مقاصده فقال لهم :( انتبهوا إذن لتأخذوا المعنى،لا مجرد الكلام).(9)

ولكن مع الأسف الشديد أن يقوم المترجمون بتزوير قول السيد المسيح ، حيث جعلوا الفقرة هزيلة تعطي معنى آخر، فبدلا من أن يُترجموا النص كما هو : (يجب أن أذكر لكم فرضية). باستبدال الكلمة بقولهم : (أذكر لكم مسألة).فتشوّهَ المعنى الحقيقي لقول السيد المسيح حيث اصبح من فرضية إلى مسألة، كل ذلك من اجل أن يجعلوا من السيد المسيح جاهلا بحقيقة عدد السماوات أو أن كاتب الإنجيل يجهل عدد السماوات وهدفهم اسقاط إنجيل برنابا وتشويه صورته ليُنفّروا الناس منه.

الغريب أن الدكتور سعادة وهو المسيحي العالم المخضرم كيف عزب عنه أن الكتاب المقدس لا يذكر لنا كم عدد السماوات فلم يقل انها سبع سماوات، ولم يحدد عدد معين بل أن الدكتور سعادة شطح شطحة منكرة عندما قال : أن كاتب الإنجيل يجهل أن عدد السماوات سبع. فمن اين جاء سعادة بهذا العدد وهو لم يرد إلا في القرآن الكريم في عدة آيات ، منها : (الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا).(10) وكذلك قوله تعالى : (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن).(11)

فلا يوجد في التوراة والإنجيل ما يُفيد بأن السماوات كانت سبعة او تسع او عشرون. ومن هنا جاز لنا أن نقول أن السيد المسيح في إنجيل برنابا كان ينطق صدقا وحقا عندما قال أن(السماوات تسع). فاستنادا إلى ما جاء في سفر التثنية الذي يقول :(هوذا للرب إلهك السماوات وسماء السماوات والأرض).(12) فلم يُحدد عدد معين بل اطلاق الكلام اطلاقا فجعل السماوات عدد غير محدود ، فجعل هناك سماوات وسماوات السماوات، فإذا قال السيد المسيح انها تسع سوف نُصدقه لأنه هو فقط كان على اتصال بالوحي ومنه يأخذ. ولذلك نرى أكبر موقع مسيحي ــ تيكلا هوم ــ ينقل عن البابا شنودة الثالث قوله : (ويذكرون السماوات بصيغة الجمع ، لأنهُ توجد أكثر من سماء).(13)

فلو يعلم الحبر الأعظم عدد السماوات لذكرها ولم يطلق الكلام فيقول : (توجد أكثر من سماء). وبعد التدقيق والتحقيق لم نجد في طول المسيحية وعرضها ولا اليهودية من يقول بأن السماوات سبع غير المسلمين، وبهذا تسقط التهمة التي تقول : أن كاتب إنجيل برنابا مسلم ، لأنه لو كان مسلما لعرف أن السماوات سبع وليست تسع.

ومن هنا نُجزم أن السيد المسيح (ع) أو برنابا كانا صادقين لأنه لا يوجد تحديد يُفيد في أن السماوات كانتا سبع أو عشر، وهذا مثل قول المسيح تارة : (أباكم الذي في السماوات).(14) واخرى قوله : (أيها الآب رب السماء).(15) فهذه إشارة لعلوا المكان وليس تحديد جهة أو ذكر عدد.

المصادر:
1- سورة العنكبوت آية : 43.
2- سورة الكهف آية :32.
3- إنجيل متى 13: 34.
4- إنجيل متى 13: 10.
5- إنجيل متى 13: 13.
6- إنجيل مرقس 4: 2.
7- إنجيل برنابا ،الفصل الرابع بعد المئة. 
8- سورة البقرة آية : 26. فجعل الله ذلك مثلا ليرى من يؤمن ومن يكفر (وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا).
9- إنجيل برنابا،الفصل الرابع بعد المئة.
10- سورة نوح آية : 15.
11- سورة الطلاق آية : 12.
12- سفر التثنية 10: 14.
13- كتاب لماذا القيامة، عدد السموات في المسيحية،البابا شنودة الثالث . كتب قبطية.
14- إنجيل متى 5: 16
15-إنجيل متى 11: 25.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/04/19



كتابة تعليق لموضوع : الرد على شبهة السماوات التسع.مع برنابا في إنجيله. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net