صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

هل كانت معاجز السيد المسيح من الله أم من الشيطان؟ 
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من أغرب ما قرأت أن طبيبا يُداوي الناس ولكنه عاجز أن يُداوي نفسه ، والعجيب أن المرض الذي يشكو منه الطبيب هو نفس المرض الذي يُشفي الناس منه . فقد اجمعت الأناجيل الحالية على أن احد مهام السيد المسيح هو أنه جاء لكي (يشفي جميع المتسلط عليهم إبليس). (1) وينقذهم من حبائل الشيطان، وأنه لم يكن وحده الذي يفعل ذلك بل أعطى تلاميذه ــ حوارييه ــ القدرة على شفاء الناس من تسلط إبليس. ولكننا نرى الأناجيل تُناقض نفسها فتأتي بعكس ذلك .

أن هذا الطبيب ــ المسيح ــ الذي جاء ليُنقذ الناس من حبائل إبليس وقع هو شخصيا في حبائله وتسلط عليه يقوده لأربعين يوما في الصحراء والجبال ويدور به الوهاد والآجام كما يقول لوقا : (أما يسوع فكان في البريةِ أربعينَ يوما يُجرّب من إبليس). (2) فلم يستطع المسيح الفكاك من إبليس أربعين يوما يدور به إلى أن انهكه الجوع والعطش ولما جاع واوشك على الانهيار تركه إبليس. (ولم يأكل شيئا في تلك الأيام. ولما تمت جاع أخيراولما أكمل إبليس فارقه إلى حين).(3) وعلى ما يبدو أن إبليس اشفق على المسيح فتركه فترة ليستريح ثم يعود إليه مرة أخرى وهذا ما نراه يلوح في قول لوقا : (فارقهُ إلى حين).

يضاف إلى ذلك أن ابليس أوقعَ باقرب المقربين إلى السيد المسيح تلميذه المخلص (يهوذا الاسخريوطي) فجعلهُ يخون سيّده المسيح ويُسلّمهُ إلى اليهود والرومان ليقتلوه ، أو بالأحرى باعه بالقليل من القطع الفضية. يقول نص سفر الاعمال : (يسوع .. الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس). (4) فإذا كان يسوع قادرا على أن يشفي جميع المتسلط عليهم إبليس ماله عجز عن معالجة تلميذه الذي يقول عنه يوحنا : (ألقى الشيطان في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يسلمه).(5) كيف تسلط الشيطان على قلب يهوذا الحواري الذي يُراد منه أن يكون النموذج الذي تقتدي به الأمة بعد السيد المسيح ولماذا لم يقم المسيح بمعالجة تلميذه من مكائد ابليس؟

لم يكن يهوذا وحده من عجز السيد المسيح عن علاجه من ابليس بل هناك الكثير من اتباعه المخلصين ممن كان يعتمد عليهم عجز المسيح عن شفائهم لا بل قام بوصفهم بأنهم هم الشياطين كما يقول متى : (فالتفت ـ يسوع ـ وقال لبطرس: اذهب عني يا شيطان! أنت معثرة لي). عجيب لماذا تصفه بالشيطان وانت من اختاره ليكون تلميذك وحواريك ؟! فبدلا من أن تُشفيه مما به تصرخ بوجهه (ياشيطان)!! (6)

والأعجب من ذلك أن الأناجيل كلها تزعم أن السيد المسيح قبل رحيله اعطى لتلاميذه القدرة على شفاء الناس من الشياطين كما ورد في لوقا : (ودعا تلاميذه الاثني عشر، وأعطاهم قوة وسلطانا على جميع الشياطين وشفاء أمراض).(7)

ولكننا نرى عجز التلاميذ عن ذلك بل الادهى ان تلاميذه كانوا يقتلون من يعمل بعمل الشياطين ولا يُشفونهم كما نقرأ أن بطرس عجز عن شفاء حنانيا وتسبب بموته هو وامرأته : (فقال بطرس: يا حنانيا، لماذا ملأ الشيطان قلبك ؟ فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات ثم بعد ثلاث ساعات، دخلت امرأتهُ،فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب؟ فوقعت في الحال عند رجليه وماتت. فحملوها ودفنوها بجانب رجلها).(8)

عجيب والله أمر هذه الأناجيل. لا المسيح ولا تلميذه بطرس يستطيعان انقاذ الناس من مكائد ابليس الشيطان (9) بل يقومان بقتل كل من يتسلط عليه الشيطان . بينما الإناجيل تؤكد في نصوص صارخة أن أحد مهام دعوة السيد المسيح هي (شفاءالناس من ابليس الشيطان)، وأن السيد المسيح قبل رحيله أعطى لتلاميذه ــ حوارييه ــ القوة على شفاء الناس من مكائد الشياطين ولكننا رأينا عكس ذلك فلا تلاميذه تمتعوا بهذه الخاصية لابل أن المسيح نفسه وقع في احضان الشيطان. ولكن يزول عجبنا إذا رأينا (بولص) يصف معجزات السيد المسيح بانها عمل شيطان فيقول : (ثم نسألكم أيها الإخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه..الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة، وبآيات وعجائب كاذبة).(10)

ولم يكن بولص وحده من يتهم المسيح بأن معاجزه واعماله العجيبة كانت بواسطة الشيطان فقد أشاع المعاصرون له ذلك بكل قوة، ولكن الغريب أن يدرج تلاميذه هذه التهمة في أناجيلهم كما أجمع متى ومرقص ولوقا : (فقالوا: برئيس الشياطين يخرج الشياطين). (11) في إشارة إلى قول الإنجيل بأن إبليس أخذ المسيح أربعين يوما يجول به في الصحراء يُلقنهُ كيف يصنع هذه المعاجز. 
جائهم بالحق والخير العميم ، فجعلوه حليف الشياطين ، هذا ما حصل عليه السيد المسيح من امته.

المصادر : 
1- سفر أعمال الرسل 10: 38. 
2- إنجيل لوقا 4: 2 ــ 13.
3- إنجيل لوقا 4: 2 ــ 13.
4- سفر أعمال الرسل 10: 38.
5- إنجيل يوحنا 13: 2.
6- إنجيل متى 16: 23.
7- إنجيل لوقا 9: 1.
8- سفر أعمال الرسل 5: 3 ــ 10.
9- دأب الإنجيل على الدمج بين التسميتين (الشيطان وإبليس) على انهما واحد كما يقول في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 12: 9 (التنين العظيم، المدعو إبليس والشيطان، الذي يضل العالم كله). 
10- رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي 2: 1ــ 9. بولص هو الذي زعزع اركان المسيحية ونسب للسيد المسيح كل عقيدة فاسدة .
11- انظر: إنجيل متى 9: 34. و إنجيل مرقس 3: 22. و إنجيل لوقا 11: 15.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/04/01



كتابة تعليق لموضوع : هل كانت معاجز السيد المسيح من الله أم من الشيطان؟ 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net