صفحة الكاتب : جواد كاظم غلوم

إنّما الدنيا لِمَن وهَبا
جواد كاظم غلوم


لمّـا رأيت الـذي يـجري بموطنـنا

 

خلوتُ وحدي لأني أعرفُ السببا

الزيـفُ في وطـني يـسْودُّ متسعـا

 

والمـوتُ صارَ أخانا والدمـوعُ أبا

أذوقُ مـن حصرم الآلام ألذعهُ

 

وغـيرنا يـتـشهّـى الخـمرَ والعـنـبا

أسيرُ كالضائعِ الوسنانِ دون هدى

 

أجـول فـي بلـدي حـيران مكـتئـبا

تـمـزّق القـلبُ أشـلاءً مبـعْــثرةً

 

العـظمُ هيظ ولحمي قـد غـدا إرَبا

ماذا أحدِّث يا بغدادُ عن ولَهي

 

أضحى الحبيبُ رمادا والهوى خشَبا

أرنو على طللِ الأجدادِ منكسِرا

 

يحوطني الحشدُ لكنْ لاأرى العرَبا

وكيف أحملُ جمْراً في كفوفِ يدي

 

مـثل التـي وُصـِفـتْ:حمّـالةًً حـطبا

نحـن ابتـليـنا بإبـليسٍ وزمـرتِهِ

 

أشـاعَ فيـنا الأسى والفقرَ والجَـرَبا

ضاقَ الفضاءُ بهم من فرطِ لوثتهمْ

 

وأطفئوا الشـمس والأقمار والشهبا

ما ضرّني جمرةٌ تجثو على جسدي

 

بل شاقني صحبةٌٌ صاروا لها لَهَبا

أين النجوم التي كانت تلاحقنا

 

تحدو الزمان إلى الأمجاد والحقبا؟

أين العراق الذي ناخ الجميع له

 

وأنبت الطّهْرَ والأطهار والنجبا؟

رشَّ الحضارات عطرا وافرا ثملا

 

تضوّعَ المجدُ منه حيثما سكبا

قاد الرّيادة في الأصقاع منفردا

 

وأجزلَ الكرَمَ المعطاءَ ما وهبا

دارُ المهابةِ بغدادُ الندى أبَدا

 

تزيحُ أجنحةَ الظلماءِ والحجبا

وتفرش الأرض عشب الخير من يدها

 

ليستريحَ بها من كان قد تعبا

بغدادُ دمعة أيامي ولوعتها

 

وفي ثراها أرى الحلاّج قد صُلبا

دموعُ يعقوبَ تجري في مرابعنا

 

دماءُ يوسفَ ما كانت دماً كذبا

يا خمرة الرَّوْح والريحان تُسكرني

 

فأنهلُ الزِّقَّ حتى ألعقَ الحببا

تشدو المقاماتُ في أفيائنا نغَما

 

كرْداً ،بياتاً ،نهاونْدا، وثم صَبا

أكاد أربأُ من قولٍ حوى سفَها

 

يقضي بأنّ الدنى تأتي لمن غلبا

وفي السماواتِ أذكارٌ وأدعيةٌ

 

تقول لي إنما الدنيا لِمن وهَبا

لكنما السعْدُ لا يبقى إلى أمَدٍ

 

ففي الحنايا بكاءٌ لامسَ الطرَبا

وفي الجوانحِ قلبٌ هدّهُ ظمأٌ

 

لا يرتضي الماء إلاّ زمزماً عذِبا

وفي المنافي حبيبٌ أنَّ مبتعداً

 

وترقص الروحُ جذلى كلما قربا

كأننا في رحيل دائمٍ أبدا

 

يبقى فتانا يعيش العمر مغتربا

لا مستقر له في أرضه وطرا

 

يضيع كالتائهِ الولهان مضطربا

يا لَلأعاصير تعرونا وترعدنا

 

وتأخذ الصبرَ منا غيلةً نهَبا

تؤرجح الريحُ أحلامي وتحملني

 

إلى الطفولةِ أُملي سوحَها لعِبا

وتستبيحُ هزيعَ العمْرِ، آخرَهُ

 

تذيقني الشهْدَ والأطيابَ والرطَبا

لكنها الريحُ مهوى حبِّها قلِقٌ

 

ترى رضاءً وحيناً تلمحُ الغضبا

لا للدماء ولا للسيف يحكمنا

 

إنّ البطولة فيمن يُحْكمُ العصبا

دع العقاربَ تحبو في خرائبها

 

لكنْ عليكَ بأنْ تستأصلَ الذنَبا

ملّ الكلام وغام الحزن في كبدي

 

حتى يئست، مللت اللوم والعتبا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جواد كاظم غلوم

jawadghalom@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جواد كاظم غلوم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/12



كتابة تعليق لموضوع : إنّما الدنيا لِمَن وهَبا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net