صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

دولتنا آخر الدول ، هل قامت دول شيعية عبر التاريخ؟. 
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 صحيح ان دولتنا آخر الدول ولكن هذا لا يمنع ان يسعى الشيعة لإقامة كيان لهم يحكمون فيه انفسهم ويتحكمون فيه بثرواتهم. من الذي قال لا يجوز تأسيس دولة وانتظار دولة المهدي ؟؟ لا يوجد حديث بهذا المعنى بل يوجد حديث يدل دلالة واضحة على ان أي إمام من الائمة المعصومين لو تتوفر له عوامل قيام دولة العدل الإلهي لقام بها كما في رواية الامام الباقر عليه السلام عندما سأله الحكم : (أنك قائم آل محمد أم لا؟ فقال: يا حكم كلنا قائم بأمر الله، قلت: فأنت المهدي؟ قال: كلنا نهدي إلى الله، قلت: فأنت صاحب السيف؟ قال: كلنا صاحب السيف ووارث السيف، قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك أولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال: يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين [سنة]؟ وإن صاحب هذا الامر أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة). (1)

ففي علم الامام عليه السلام فإن التخطيط الإلهي يدل على ان الامور ستصل إلى قائم هذه الأمة ولكن لو حصل ذلك قبل ظهوره لتحقق على يد اي امام من الائمة عليهم السلام ومن هنا فإن الامام عليه عليه السلام طالب بحقه وتشدد في ذلك واقام دولة العدل الإلهي في الكوفة ثم قام بها الحسن بن علي عليه السلام ثم ثار الحسين للمطالبة بحقه ومحاربة طاغية زمانة يزيد ، وكل ذلك يدل على تحرك كل إمام نحو اقامة دولة العدل الإلهي واحياء دولة رسول الله (ص).

لم تقم دولة حق في التاريخ إلا وهجمت عليها قوى الشر والظلام في أي دين او مذهب. وكثيرة هي امنيات الانبياء الإلهية التي رسمت شكل الدولة العادلة التي تنعم البشرية فيها بالسعادة والرفاه الاجتماعي. وهذه الامنيات تقع ضمن المخطط الإلهي الهادف إلى الوصول بالبشرية إلى غايتها المنشودة في أن تكون الحاكمية المطلقة لله وخلافته بيد خلقه ووضع لهم قواعد ذلك وفتق لهم آفاق العقول للابداع بما فيه خير أنفسهم ، ولكن الخط الآخر كان بالمرصاد (لأقعدن لهم صراطك المستقيم). وهكذا قعد هذا الخط الشيطاني متربصا لهدم كل دولة خير تقوم، بعد ان جذبت اطماعه قسمٌ من البشر مع الاسف وهكذا نشأ الصراع الوجودي للدول، فكانت الدولة العميقة كامنة وسط كل كيان يقوم. (2)

فعلى طول التاريخ قامت للشيعة دول ابتداء من جنوب شرق آسيا وافريقيا وغيرها من اماكن. ففي العراق قامت قامت الدولة الحمدانية في الموصل ثم امتدت إلى سوريا وجنوب تركيا. ثم تلتها الدولة المروانية وهي من سلالة الاكراد فحكمت سوريا واجزاء من تركيا ، ثم الدولة النميرية ، وبعدها الدولة العقيلية ، ثم المرداسية وقد حكمت في لبنان وسوريا . ثم اسس الفاطميون دولتهم في المغرب واتخذوا من المهدية عاصمة لهم ثم اتجهوا إلى مصر فدام حكمهم ما يقرب من الثلاثمائة عام، لم يجرؤ الصليبيون من الدنو من فلسطين وما حولها نظرا لقوة الدولة الفاطمية إلى اسقطها صلاح الدين. وفي الجزيرة العربية قامت الدولة العصفورية وحكمت في عمان والكويت وشرق نجد وعاصمتها الاحساء. ثم تلتها الدولة الجروانية وعاصمتها القطيف وحكمت ايضا جزء من البحرين.

ثم قفز الشيعة إلى الشرق فأسسوا الدولة الجستانية وهي التي قامت في بلاد الديلم ابتداء من كَيلان وإلى سواحل بحر قزوين. ثم تلتها الدولة العلوية التي قامت في مازندارن طبرستان الحالية. ثم قامت الدولة العيسانية قام بها بعض اكراد الشيعة في شمال غرب إيران ثم امتدت إلى همدان وكرمان وصولا حتى الحدود العراقية.

ثم تأسست الدولة الزيارية الشيعية في مازندران وطبرستان وجرجان امتدادا إلى السواحل الجنوبية لبحر قزوين. ثم تلتها الدولة البويهية والتي قامت في فارس وجنوب العراق حتى اضطر الخليفة العباسي إلى الاعتراف بسلطنة امرائها ، ثم قام الشيعة الأكراد في غرب إيران وشمال العراق بتأسيس الامارة الحسنوية وكانت عاصمتهم في كرمانشاه. ثم قام الديلم بتأسيس دولتهم الشيعية في يزد واصفهان واطلقوا عليها إمارة آل كاكويه.وعلى انقاضها قامت الدولة الإيلخانية والتي اقامها الشيعة المغول في إيران وغرب باكستان ـ بلوشستان ـ وافغانستان وتركمناستان وآذربيجان وأرمينيا وتركيا وغرب العراق وشمال سوريا دولة قوية حضارية.

ثم قامت بعدها الإمارة السريدارية في سمنان وغرب خراسان. ثم عاد المغول الشيعة ليؤسسوا الدولة الجلائرية في شمال غرب إيران وشمال شرق العراق. ثم قام الاتراك الأويغور الشيعة بتأسيس دولة قراقويونلو وامتد حكمها من آذربيجان وأرمينيا وشمال إيران وشمال العراق وشرق تركيا وجنوب الخليج وصولا إلى الكويت.

ثم تلتها الدولة المشعشعية والتي قامت في الاهواز ثم اصبحت تابعة للصفويين.

وبرزت القوة الناهضة لتأسس الدولة الصفوية التي امتدت من باكستان وحتى روسيا وتركيا وبلاد ما بين النهرين وسوريا وشرق الاناضول. ثم تلتها الدولة الافشارية التي ورثت الدولة الصفوية. ثم قامت الدولة الزندية في إيران وعاصمتها شيراز.

ثم قامت الدولة القاجارية وهم من الاتراك وكانت عاصمتها طهران. ثم قامت الدولة البهلوية التي عملت انقلاب على آخر ملوك دولة القاجار وحكمها حاكم شيعي بصورة شكلية وهو رضا بهلوي ليخلفه ابنه محمد رضا الذي هرب إلى مصر ومات فيها.

لتليها دولة الجمهورية الاسلامية التي اسسها الامام الخميني رحمه الله بعد أن اطاح بالحكم الملكي البهلوي واسس دولة اسلامية ديمقراطية بنظام شعبي. ولو أردنا ان نعرف كيفية سقوط تلك الدول الشيعية التي قامت فيجب علينا ان ننظر لما تتعرض له إيران اليوم ومنذ أربعين عاما وقد قرر اعداء التشيع أن يكون مصير إيران كمصير الدول الشيعية التي تأسست ثم اطاحوا بها ولكن نسأل الله تعالى أن يمن على الشيعة بدولة كريمة يعز بها الاسلام واهله.

واما لو ذهبنا إلى افريقيا لراينا قيام الكثير من الدولة الشيعية وخصوصا في شرق أفريقيا : (كينيا والتي ظهر منها باراك اوباما الذي ينحدر من عائلة شيعية، ثم تنزانيا ، وموزمبيق ، وجزر القمر ونيجيريا.

ولو نظرنا إلى شبه القارة الهندية ، لأبهرنا ذكر تلك الممالك والدول الشيعية التي قامت هناك وامتدت لأكثر من خمسمائة عام وقد حكمت مناطق : (مهاراشترا ، وغوا ، وولاية كارناتاكا ، وأندرابراديش وبيدار ، ثم سلطنة جونبور، وسلطنة بيدار ، وسلطنة برار التي قامت وسط الهند ، وسلطنة أحمد ناغر قامت في ولاية ماديا براديش.ثم سلطنة عادل شاهي والمشهورة بسلطنة بيجابور . ثم سلطنة قطب شاهي ، ثم إمارة البنغال ومرشد آباد والتي حكمت بنغلاديش وغرب البنغال وحكمتها سلالة نجفي. ثم قامت إمارة أودة سنة 1858 وحكمت ولاية أوتار براديش وعاصمتها فيض آباد ثم انتقلت إلى لكنو.

نكتفي بهذا المقدار علما ان هناك الكثير من الدولة الشيعية في غرب افريقيا ومناطق أخرى وغايتنا من ذلك أن جميع هذه الدول منذ قيامها لم تر خيرا من المسلمين حيث استعانوا بقوى الشر والظلام المسيحية واليهودية وحتى البوذية من اجل اسقاطها وانهاء وجودها.وقد كان بداية ذلك من الدولة العميقة التي اشعلت حرب الجمل بقيادة عائشة ثم حرب الخوارج ثمختم ذلك معاوية ابن ابي سفيان لعنه الله لاسقاط دولة الخلافة الاسلامية للامام علي عليه السلام فاضطر معاوية إلى دفع الجزية لملك الروم من اجل ان يتفرغ لاسقاط دولة العدل الإلهي.

عن ابي جعفر عليه السلام قال : (دولتنا آخر الدول، ولن يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عز وجل: (وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ). (3)

المصادر : 
1- الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٥٣٦.
2- الدولة العميقة هي دولة داخل دولة تتحكم بمسير الدولة ويُعتبر الجيش أو المؤسسات المخابراتية و الأمنية أو الأحزاب الحاكمة ذات تأثير قوي على الحكم. ولربما توجد احزاب سياسية وجماعات مهيمنة على مؤسسات ومفاصل الدولة المدنية والعسكرية والسياسية والإعلامية والأمنية، فتقوم بتوجيه مؤسسات الدولة الرسمية وقراراتها السياسية وتتصرف كأنها دولة لكن ضمن حدود دولة معترف بها.
3- غيبة الطوسي ص٤٧٢-٤٧٣.
ملاحظة : خشية الاطالة حذفت اسماء ملوك هذه الدول وتواريخ قيامها واسباب زوالها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/10



كتابة تعليق لموضوع : دولتنا آخر الدول ، هل قامت دول شيعية عبر التاريخ؟. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net