صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

هل اتاك حديث هوكينغ
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل خمسين عاما قطع له الاطباء موعدا مع الحياة لا يتجاوز السنتين لاصابته بمرض عضال بالغ التعقيد اصاب جهازه العصبي الحركي في المقتل . ومع عجز كامل عن الحديث والحركة اصبح صاحبنا وهو في الثانية والعشرين من العمر جليس كرسي متحرك ، يتأمل في ظواهر الكون عليه ويأكل عليه ويتخلص من فضلات جسده عليه ايضا. ترى، ماذا عسى ان يفعل انسان فقد اهم عنصرين في حياته واعني بهما الحركة والكلام معا، سوى الاستسلام للقدر المكتوب على الجبين الذي لازم تشوفو العين ؟ وباطراف معطلة تماما عن العمل وفم خارج عن سيطرة صاحبه ،استطاع هوكينغ ان يمرر ويحلل وينظـّرَ في اعقد نظريات الفيزياء والعلوم الطبيعية في ذهنه حتى تفوق على جميع اقرانه من الذين كانوا يتمتعون بلسان ويدين . هذه المثابرة التي تقترب من تخوم الخرافة قفزت بصاحبنا الى مراتب في العلم عجز الاخرون عن اللحاق بها . واستطاع من خلالها ان يصيب حظا وافرا من الانجازات العلمية تبوأ بسببها ارفع المراكز في أرقى المؤسسات العلمية بالعالم وفي مقدمها جامعة كمبرج البريطانية العريقة . وحسبه منجزا انه حظي بذات اللقب وكرسي الأستاذية الذي حظي به من قبل الفيزيائي الكبير إسحق نيوتن. امس الاحد الثامن من يناير/  كانون الثاني احتفلت حاضنته العلمية جامعة كمبردج بعيد ميلاده السبعين من خلال ندوة نظمتها في احدى قاعاتها وكان من المتوقع حضوره فيها . لكن اصابة هوكينغ بوعكة صحية الاسبوع الماضي حالت دون حضوره الندوة ، لان الاطباء ارتأوا حاجته لفترة اطول ليتماثل للشفاء . لكن صاحبنا لم يترك هذه المناسبة تمر عليه مرور الكرام دون ان يترك اثره فيها . فقد وجه رسالة علمية للحاضرين ورد فيها ما نصه :
" تذكروا أن تنظروا الى النجوم لا الى اقدامكم. حاولوا أن تجدوا معنى لما ترونه وتفكروا فيما يجعل الكون موجودا. كونوا فضوليين." وكانت شركة انتل الاميركية لانتاج المعالجات والنظم الرقميه قد بادرت الى تطوير نظام حاسوب خاص متصل بكرسي يستطيع هوكينغ به التحكم بحركة كرسيه والتخاطب باستخدام صوت مولد الكترونيا وإصدار الأوامر عن طريق حركة عينه ورأسه وحركة العينين. ورغم كل هذه المعاناة فقد نجح العالِم خلال ستة عقود في فتح آفاق جديدة في نظريات الزمن والنسبية في الفضاء والثقوب السوداء. وانا اكتب هذه السطور عن هذه الشخصية النادرة تذكرت قولا للامام علي عليه افضل الصلاة والسلام يحثنا فيه على مواصلة الحياة طالما كان في الصدر نفس يصعد وينزل . يقول الامام "امش بدائك ما مشى بك" وهذا القول ببلاغته المعجزة ليس بعيدا جدا عن قوله  "اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا" . رحمك الله يا ابا الحسن كانك كنت تتحدث لقوم آخرين يفقهون ما تقول لكنهم ليسوا عربا ، وهوكينغ هو احدهم فقد مشى - وما زال - بدائه المعجز خمسة عقود من الزمن قدّم خلالها انجازات في حقل فيزياء الكون جعلته في مصاف البرت اينشتاين واسحق نيوتن ساخرا بتحد سافر ما حدده له الاطباء من البقاء على قيد الحياة سنتين فقط عندما كان في بداية العقد الثالث من حياته المريرة. 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/09



كتابة تعليق لموضوع : هل اتاك حديث هوكينغ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net