صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

هولاكو لم يدخل بغداد
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رب ضارة نافعة، رغم أن ثمنها فادح، والدين صعب تسديده، لكن الأمر يستحق، فالحمل لا يقوم به إلا أهله، فالمضحى من جله ليس قطعا من الآجر، مرصوفة في جدار قديم، وليس إسما على خريطة ممزقة، في أطلس الجغرافيا، هو ليس كنية وهمية من السهولة التنازل عنها، ولا قطار خرج من الخدمة، يمكن التحويل الى غيره، إنه وطن .. وإسمه العراق.

وطن تكالبت عليه ذئاب الليل، فراحت تنهش فيه بمخالبها، تتقاسم خيراته مغانما بينها، تتصارع على سلبه إسمه وتاريخه وعنفوانه، فأثخنت فيه الجراح، وملئت دمائه الوديان والسهول، وصار صوته يئن من الألم، يشتكي الظلم والجور، وخيمت غيوم الشر في سمائه، فأحالت نهاره ليلا مظلما، تعصف به رياح الموت والخراب، وأهله بين ذبيح ومشرد، ونساؤه بين أرملة ثكلى وسبية، وصوت الموت ينادي ألا من مزيد، وبلاد السواد إجتاحتها الرايات السود، ولا ضوء ينير تلك العتمة.

كان الأمر يحتاج الى صرخة مدوية، وإرادة قوية، تجعل ذلك الأسد المنكأ بالجراح يقف على قدميه، يمتلك القدرة على الصمود، ويرد على الطعنات التي كادت تفتك به، تجعله يزأر في وجه أعدائه المدججين بالأسلحة، المعتلين صهوات خيولهم، المملوءة قلوبهم حقدا وغلا، فبدأ اليأس يدب في النفوس، والشك يملأ القلوب، وذكريات التاريخ المريرة حاضرة في الأذهان، فهاهو هولاكو على أسوار بغداد يستعد لدخولها، ليحرق بيوتها ويقتل أهلها، ويحيل ماء دجلة الى اللون الأحمر.

بعد أن عصفت بالجميع الحيرة، وغابت عن العقول الوسيلة، ولم يعد للقوم من حيلة، جاء ذلك الصوت الهادر : " وعلى الناس الجهاد من إستطاع إليه سبيلا " فجاء الرد بالهتاف والصياح : " حي على الجهاد .. حي على الفلاح " وتنادى الشيبة والشباب يتسابقون، هبوا للدفاع عن أرضهم ومقدساتهم، شحذوا سيوفهم فصارت تبرق على رقاب الظالمين، عروا صدورهم في مواجهة الموت فصار يخاف منهم، ساروا حفاة على المنايا، فأمست تمنحهم الحياة.

إصطفت الحشود على السواتر، تقاتل ذئاب الموت وغربان الشر، تدافع عن وطن تعطر ترابه بدماء زكية، وحملت أجسادهم جراحا، كانت أوسمة النصر ونياشين العزة والكرامة، وتشابكت أيدهم في رفع رايات الفخر والمجد، فتوحد الشيعي والسني، والكردي والعربي والتركماني والآيزيدي، وصارت الهوية الوطن والكنية العراق .. وتقهقرت عصابات البغي والقتل والإرهاب، وإنتصر العراق رغم التحديات والمصاعب، وتوحدت كلمة العراقيين وإجتمعوا تحت راية واحدة، بعد إن كادت أهوال الإرهاب تفت من عضدهم.

خاض العراق أشرس هجمة إرهابية شهدها العالم، وعلى أرضه حدثت أصعب معركة، قدم فيها العراقيون دماء طاهرة، سجلوا فيها أكبر نصر على قوى الشر، خرجوا منها موحدين متعاضدين، وأعلنوا للعالم كله، أن هولاكو لن يدخل بغداد مرة أخرى.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/13



كتابة تعليق لموضوع : هولاكو لم يدخل بغداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net