صفحة الكاتب : خالد الناهي

حتى الأرض تستحي من دفنهم
خالد الناهي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ربما بعد مئات السنين، عندما تتناقل الأجيال قصص البطولات التي سطرها العراقيون لتحرير أراضيهم من براثن داعش، من يسمع تلك القصص يتصورها من وحي الخيال، ولا تعدوا كونها تتحدث عن اشخاص أسطوريين مثل هرقل واخيليوس عند الاغريق.

أشلاء تتطاير، ودماء تتدفق من شرايين الرجال كأنها نافورات، واختلاط رائحة الموت والبارود حتى أصبحت كالعطر المعتاد لدى المقاتلين، لا يوجد فرق بين الليل والنهار، ان اردت الحياة يجب ان تبقي عينيك وذهنك مفتوحتين في كل وقت.

شباب كتب عليهم الموت، مرة مكرهين كما حدث في الحرب مع إيران وحرب الكويت، وأخرى هم من هرول للموت، ولبوا نداء الوطن العاق بهم، عندما استصرخهم لنصرته.

عطلة رسمية بمناسبة النصر على داعش، نعم من حق الشعب ان يفرح بهذا النصر، ومن حق أمهات الشهداء ان تفخر بأن بطونهن حملت رجالا يقبلون على الموت كالليوث الكواسر، وكل الفخر للأب الذي سجد لله شكرا عندما أخبر بأن فلذة كبده سقط في الميدان.

من حقك يا سيدتي ان ترفعي هامتك، وتقولي انا زوجة الشهيد التي لم تمنع زوجها من الذهاب لنصرة الوطن والدين، كما فعلن الأخريات، انا من تخليت عن وطني الصغير من اجل العراق، انا من قبلت لزوجي ان يحتضن الأرض ويجعلها ضرة لي، بل قبلت ان يهجرني فيبقى عندها، وأبقى انا وحيدة، تقتلني هواجسي وخشيتي من مستقبل مجهول.

اما انت يامن فقدت والدك في الحرب، ففقدت بذلك الأمان والمستقبل والحياة، من حقك ان تقول انا ابن العراق وبفخر.

خمسة أعوام مضت لسقوط المناطق الغربية، وعام منذ اعلان النصر على داعش، مما يعني أربعة أعوام من الدماء، حتى أصبح وادي الغري يعج بصور الشباب المرفوعة على قبورهم.

ارامل، ايتام، شيبة قدموا أغلى ما لديهم، فماذا قدم لهم الوطن والقائمين عليه؟!

رفع كثير من السياسيين شعارات قبيل الانتخابات التشريعية، فسمي هذا شيخ المجاهدين، وذاك صكار الدواعش، واخر راح يلبس زي عسكري، فيما راح أخر يضع خلفه صورة لشهيد، لكن على ما يبدو ان المصلحة انتهت، او ان السنتهم الجهادية قد ابتلعها الطير، فأصبحت المغانم في الحكومة شغلهم الشاغل.

نحتفل بالنصر على داعش، وهناك اسر شهداء لا سقف لها يحميها من برد الشتاء، او حر الصيف.. نحتفل بالنصر ونسمع كل يوم في وسائل التواصل اب لشهيد ينتظر الخيرين للتصدق عليه، لان حقوق ولده الشهيد، لم تنجز لغاية اليوم.

من حقنا ان نحتفل بالنصر، لكن من حق ذوي الشهداء ان ينصفوا في ارض اشتريناها بدمائهم.

" اخذت منا الحروب رجالاً .. تستحي من دفنهم الأرض "


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد الناهي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/09



كتابة تعليق لموضوع : حتى الأرض تستحي من دفنهم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net