الديمُقراطِيَّةُ والوَعِي..مَن يَسبِقُ مَن؟! [٣]
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
٣/ صحيحٌ أَنَّ صُندوق الإِقتراع هو من أَهمِّ وأَوضح أَدوات النِّظام الديمقراطي في البلاد إِلَّا أَنَّهُ ليس كلَّ شَيْءٍ وهو لوحدهِ لا يؤَسِّس للديمقراطيَّة، فلقد كان موجوداً مثلاً في زمنِ نظام الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين كما أَنَّهُ موجوداً الآن في عدَّ نُظُم شموليَّة منها نظام ما باتَ يُعرف بـ [محمَّد مِنشار] وأَقصد بهِ نظام القبيلة الفاسد والإِرهابي الحاكم في الجزيرة العربيَّة! فهل يمكنُ القول أَنَّ صُندوق الإِقتراع هذا دليلٌ على وجودِ الديمقراطيَّةِ في البلادِ؟!.
إِنَّ صُندوق الإِقتراع في أَحيانٍ كثيرةٍ هو لذرِّ الرَّماد في عيونِ النَّاس ولخداعِ الرَّأي العام ولتضليل المُغفَّلين أَو لإِرضاء المنظَّمات الدوليَّة الحقوقيَّة!.
كما أَنَّهُ أَنتج في بعضِ الأَحيان ديكتاتوريَّات دمَّرت العالَم كما هو الحال في أَلمانيا عندما أَفرز صُندوق الإِقتراع عام ١٩٣٣ زعيماً مثل هِتلر الذي ورَّط العالَم بحربٍ مدمِّرةٍ حصدت أَرواح عشرات ملايين البشر!.
إِنَّ الديمقراطيَّةَ منظومةٌ كاملةٌ تبدأ بصُندوق الإِقتراع ولا تنتهي بشيءٍ محدَّدٍ لأَنَّها من المُفترض أَن تكون عمليَّة مُتطوِّرة باستمرارٍ لترسيخِ النِّظام وتكريسِ أُسُسهِ.
فمثلاً؛ فإِنَّ مهمَّة صُندوق الإِقتراع لا تنتهي في يوم التَّصويتِ وإِنَّما تبدأ مِنْهُ، فالَّذين يتصوَّرونَ بأَنَّ واجبهُم الوطني وحقَّهم الدُّستوري ينتهي لحظة التَّصويت ليعودُوا إِلى منازلهِم بانتظارِ الإِستحقاقِ الإِنتخابي القادم بعد [٤] سنوات مثلاً! فإِنَّهم واهمُون، لأَنَّ صوتهُم يُلزِمهُم بالرَّقابةِ والمُحاسبةِ لازالَ المُرشَّح الفائِز في سدَّة المسؤُوليَّة لأَنَّ الصَّوت الإِنتخابي شارَكَ بإِيصالهِ إِلى المَوقع بشَكلٍ أَو بآخر، ولذلكَ يُعتبر النَّاخب مسؤُولٌ إِلى جانبِ المُرشَّح الفائز!.
حتَّى الَّذين يقاطعُون الإِنتخابات مسؤُولونَ لأَنَّهم حجبُوا قدرتهُم على إِسقاطِ مرشَّحٍ يرَونهُ لا يصلح ولَم يمكِّنوا آخر يرَونهُ يستحقَّ الفَوز!.
صُندوق الإِقتراع، إِذن، جوهرهُ الرَّقابة والمُساءلة وتالياً المُعاقبةِ للمُساهمةِ في تحقيق النَّجاح، وهو ليسَ صوتٌ يضعهُ النَّاخب ليستلمَ ثمنهُ {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ}، أَبداً!.
وكلُّ ذَلِكَ بحاجةٍ إِلى خبرةٍ تتراكم في وعي النَّاخب وفِي المُجتمع لتتحوَّل إِلى ثقافةٍ وأَعراف ديمقراطيَّة تُساهم في تكريسِها بمرورِ الوقتِ لتحسينِ أَدائِها يوماً بعد آخر!.
*يتبع...
٢٩ تشرينُ الثَّاني ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat