صفحة الكاتب : لطيف عبد سالم

مَنْ بوسعه إيقاف التطاول على العراق ؟
لطيف عبد سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعوّدنا أن نتقبل الإساءات التي توجّه إلينا ممن يشار إليهم بعبارة الأشقاء، فالسيدة صفاء الهاشم - النائب في مجلس الأمة الكويتي -تقيأت في العام الماضي ما في مهجتها من أحقاد دفينة على الشعب العراقي، وأعلنت صراحة صيحتها المشهورة: " لا أتحمل حتى اللهجة العراقية "، ثم تلتها مطلع العام الحالي إساءة أكثر تأثيرًا في نفوس العراقيين حين تطاولت الفنانة الكويتية " ملاك " على هامش بطولة خليجي لكرة القدم بعبارات بذيئة أهانت بها العراقيين بشكل سافر حين أعلنت من جملة ما ضمنته في تغريدة على مواقع التواصل الإجتماعي " مساواتها العراقيين بحذائها "، فضلًا توجّهها إلى الجمهور العراقي قائلة " الخليج تاج على رؤوسكم ".

إذا كانت حصانة " الهاشم " النيابية - بمفهومها المتخلف الدارج في البلدان العربية - تحميها من مقاضاة الجهات المختصة لها بتهمة ترويج العنصرية وترسيخ مقومات الأحقاد والكراهية ومحاولة إقصاء الآخر، فيبدو أنَّ الفنانةَ " ملاك " لا تدرك غاية الفن الأساسية، ولا حتى الوظيفة الجمالية لما تباين من أشكاله؛ إذ أنَّ    مسؤوليتها الإنسانية تفرض عليها الارتقاء بأحاديثها لأخلاقيات المهنة، بوصفها تنتمي إلى الأسرة الفنية التي عرفت تاريخيًا برقة الأحاسيس، فضلا عن سعيها الدائم إلى احترام مشاعر الإنسان وبذل جهود سخية من أجل نبذ الأحقاد والكراهية والدعوة إلى التسامح والوئام والمحبة والسلام.

على الرغم من أني كتبت مقالًا استهجنت فيه التصرف غير المبرر الذي صدر حينها عن البرلمانية الهاشم، أجدني الآن غير ميال للعتب عليها لسببين: أولهما عملها في الميدان السياسي الذي يتطلب جملة من الممارسات والإجراءات التي بوسع آلياتها التأثير في الرأي العام من أجل كسب أصوات الشرائح الاجتماعية المعروفة في الأوساط العربية بتفاعلها مع العواطف. أما الأمر الثاني فهو المتمثل بخيبة الأمل التي نعيشها من جراء ضعف ردود الأفعال " الدبلوماسية " للجهات الحكومية المعنية بهذه الأمور، ولعل أحدثها الموقف الرسمي من واقعة تطاول الجمهور الجزائري على قداسة دماء شهداء العراق وكرامة العراقيين، فضلا عن الهتافات الجماعية العنصرية التي أساءت لطائفة مؤثرة في المجتمع العراقي والكثير من المجتمعات الإنسانية الأخرى. وأدهى من ذلك هزالة العذر الرسمي الذي قدمته وزارة الخارجية الجزائرية إلى نظيرتها العراقية على الرغم من حرصها على تأطيره بعباراتٍ عفا عليها الزمن مثل روابط التضامن، الصداقة بين الشعبين وعمق العلاقة الأخوية بين البلدين؛ إذ لم نسمع حتى اللحظة عن إجراء حكومي جزائري يتضمن إحالة أي شخص إلى القضاء الجزائري بفعل الحدث المذكور آنفًا. ويضاف إلى ذلك الموقف السلبي والسيئ الذي اتخذه الاتحاد العربي لكرة  - الذي يتبوأ فيه العراق منصب نائب الرئيس - إزاء ما رافق تلك المباريات التاريخية من أحداث أقل ما يقال عنها أنها مؤسفة، حيث أنَّ مواجهةَ مثل هذه الأمور يتطلب وعيًا وخبرة بمقدورهما التأسيس لقراراتٍ موضوعية من شأنها إذابة جليد الضغائن والكراهية التي أفضت إليهما تصرفات الجمهور الجزائري.

لا أظن أنَّ بطولةَ الأندية العربية لكرة القدم، ستضيف شيئًا للعبة في العراق، ولا اعتقد أننا بحاجة ماسة للمشاركة في بطولة خليجي، وأكاد أجزم أنَّ الانسحاب من تلك البطولات الإقليمية غير الرسمية، فضلًا عن مغادرة أروقة الاتحاد العربي لكرة القدم بشكلٍ غير مأسوف عليه من شأنه المساهمة في إزاحة الكثير من المشكلات العالقة، والتمهيد لمد وشائج التواصل المبني على الاحترام، فالواضح أنَّ مثل هذه السلوكيات لانهاية لها.

في أمان الله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف عبد سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/10/11



كتابة تعليق لموضوع : مَنْ بوسعه إيقاف التطاول على العراق ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net