صفحة الكاتب : الشيخ محمد رضا الساعدي

بحوث في فقه الشعائر المعاصرة (1) حق الولاء في مشي النساء الى كربلاء  (دراسة في الأدلة الخاصة والقواعد العامة)
الشيخ محمد رضا الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لماذا هذا البحث :
لا شبهة ان المشي الى مراقد اهل البيت عليهم السلام من اعظم المستحبات سواء كان من المؤمنين او المؤمنات رعاهم الله تعالى , فلا يحتاج لبحث ولا لبيان لأنه من توضيح الواضحات ومن الاستدلال على المسلمات ... كيف وقد جاءت النصوص فيه مستفيضات بل متواترات...
ولكن للضرورة احكام ...
ففي الآونة الأخيرة أثيرت بعض الشبهات والاشكالات حول هذه المشية المقدسة ـ خصوصا من أماكن بعيدة ـ التي هي مشية لإسعاد السيدة الزهراء عليها السلام كما جاء في الروايات منها : (ما في الأرض مؤمنة إلا وقد وجب عليها أن تُسعِد فاطمة ‘  في زيارة الحسين×) .
وكان المثير لها من داخل الوسط الخاص :
معتمدا على بعض النقول غير الدقيقة ...او المبالغ فيها ...
او مستشهدا ببعض الأخطاء الفردية الحاصلة من بعض الزوار والتي هي لا بد منها في كل التجمعات ...
او مستدلا ببعض الأدلة المردودة والتي هي مجرد استحسانات ومخصصات عملية ذوقية لا تنهض امام الدليل الصريح .
والحال ان كل اجتماع او ممارسة لطاعة قد يكتنفها بعض السلبيات او المحرمات كما هو حاصل في كل العبادات والمعاملات الجماعية سواء كانت واجبة او مستحبة او مباحة كما في الحج والعمرة وصلاة الجمعة ودخول الأسواق والبرلمان والجامعات ... الخ .
 وهذا لا يلغي هذه الممارسات ولا يقلل من أهميتها او وجوبها او استحبابها او اباحتها , فان الحق اذا شابه شيء من الباطل لا نترك الحق لأجله ولو تركناه لأجله لفاتت الحقوق ولضيعت ولم يبق أي حق  .
 وهذه قاعدة عامة متصيدة من الروايات منها الصحيح عن الامام الباقر عليه السلام ( ... فلو أنا إذا رأينا شيئاً من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم ...) . فكيف بحق الحسين عليه السلام علينا يا مانعين ؟
فكان هذا الرد والبيان العلمي بالأدلة الخاصة والقواعد العامة... 
لدفع شبهات المشككين والمانعين ... 
وليزداد الذين امنوا ايمانا بمسير المؤمنات الى قبر الشهيد الحسين ... 
          والله من وراء القصد .
                                                محمد رضا الساعدي 
                                    غرة محرم الحرام 1435 هـ/ النجف الاشرف 
توطئة
إحياء الذكريات ـ الأحزان و الأفراح , وكذلك سيَر العظماء , وحركاتهم التحررية والتغييرية والنهضوية ـ هي عادةً نابعة من اعتقادات البشر عموماً، والعقلاء خصوصاً،  وربما كان ذلك من وازع فطري في نفوسهم،  فيقومون بعمل مراسيم تناسب الذكرى المطلوب إحياؤها؛ ولأجل ذلك تُمارس بعض الشعائر والطقوس التي تتميز بأمرين أساسيين:
الأول: إبراز حجم الولاء والحب لصاحب الذكرى، وأهمية السير على نهجه.
الثاني: الحفاظ على الجوانب الإعلامية, والحركات الفكرية, والاستفادة منها في واقعهم المعاصر وللرأي العام بجميع طبقاته وتوجهاته؛ ولكي يصدروا أفكارهم وعظمائهم إلى الطرف الآخر, اعتقاداً منهم بأنَّ فكر ـ وشخصية وحركة صاحب الذكرى ـ مؤهّل أن تنهل منه البشرية ذلك العطاء والتضحية، وتدين له بالتبجيل، بل وبالانتماء أيضاً.
والمراجع لتاريخ الأُمم والأديان يرى ذلك واضحاً في أدبياتهم وسيرهم، وتصرفاتهم في إقامة هذه المراسيم.
كما أنَّ المسلمين ـ كسائر الأُمم والأديان ـ مارسوا شعائر الانتماء والولاء لعظمائهم، وخلدوا ذكراهم وتضحياتهم، ومواقفهم التي تقف الإنسانية حائرةً أمام عظمتها، وكبير تأثيرها على مسار الإنسانية.
ولعلَّ تخليد ذكرى الامام الحسين× ونهضته كان أرحب وأوسع أنواع التخليد كمّاً وكيفاً؛ إذ كانت طقوس وشعائر الحسين× هي الأكثر وضوحاً وتطبيقاً بين إقامة الشعائر عند المسلمين، والأكبر تأثيراً في النفوس والعقول, حتى أصبحت شعائره تُمارَس في أرجاء المعمورة وفي بلدان العالم كافة تقريبا.
وموضوعنا الذي نحن بصدد بحثه يُعدُّ من أهم تلك الممارسات والطقوس، التي تجمع بين الجنبة الإعلامية والوجدانية والعقلية والارشادية, هو موضوع (المشي إلى كربلاء المقدّسة) بمظاهرة مليونية تكتنفها الكثير من الطاعات، والبركات المعنوية، والمادية.
ومن صغريات المسائل المتعلقة بفقه الشعائر الحسينية ـ هي مسالة متفرعة على موضوعة المشي إلى كربلاء ـ هي (مشي النساء بالخصوص) .
فبالرغم من التسالم على ثبوت هذه الشعيرة عند الإمامية إلاّ أنَّه قد أُثيرت مؤخراً بعض الإشكاليات والاستفهامات حول مشروعيتها وشعيريتها ؛ بسبب بعض التصرفات أو الممارسات التي قد تصدر من بعض السائرين والسائرات، والتي ربما تكون خاطئة فعلا او خاطئة بنظر بعضهم, بالرغم من وجود نصوص خاصة وعامة دالة على أصل المشروعية ـ مشروعية مشي النساء ـ والاستحباب، فضلاً عن وضوح دخولها في عنوان الشعائر الحسينية .
فضلا عن أهمية الزيارة في ابراز الولاء لإل البيت عليهم السلام وإعطاء صورة إعلامية عالية المدلول لمذهب ال البيت عليهم السلام ومدى ولائهم ودورة مكثفة لإصلاح النفس وتهذيبها والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح ونشر الفضائل والقضاء على الرذائل , الى غير ذلك من الفوائد والثمرات التي تعرضت لها في بحثين مستقلين قد يكتب يكتب لهما النشر الأول : دور زيارة الأربعين في صناعة الشخصية المهدوية , والثاني دور زيارة الاربعين في الإصلاح .
ثم من يدعو النساء الى عدم الذهاب الى الزيارة بسبب الاختلاط فليدعوهن الى عدم الذهاب للجامعات او للمستشفيات للعمل او لمجلس النواب او للأسواق او غيرها من مراكز الاختلاط ... وهل يفتي بذلك احد ؟ .
تنويع البحث :

بدايةً سنتكلّم حول المشي في اللغة, والحكم الشرعي، وعلاقة بذل الجهد فيه, ونتحدث حول مدخلية حمازة الأُمور في استحقاق الثواب, ومن ثَمّ نبحث في الآيات والروايات التي تناقلت المشي وفضله عموماً, ونتكلّم حول المشي للحج أيضاً, ونورد بعدها تاريخية مشي النساء مطلقاً, وكذلك الأدلة التي نستدل بها لمشروعية مشي النساء إلى كربلاء, ونستعرض  أخيراً أدلة المعارضين لمشي النساء والإجابة عنها والخروج بنتيجة , ولا يخفى ان هناك فوائد صناعية في طيات البحث .

المشي لغة مع الاستفادة من بعض الآيات : 
المشي لفظاً ومعنًى من الأُمور الواضحة عند الجميع، ولا بأس أن نقف على حقيقته تعريفه عند اللغويين.
قال الراغب: «المشي: الانتقال من مكان إلى مكان بإرادة»( ).
وقال ابن فارس: «الميم والشين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على حركة الإنسان وغيره، والآخَر النَّماء والزيادة»( ).
وفي المصباح المنير: «مَشَى: (يَمْشِي) (مَشْياً) إذا كان على رجليه ـ سريعاً كان أو بطيئاً ـ فهو(مَاشٍ) والجمع (مُشَاةٌ)، ويتعدّى بالهمزة والتضعيف»( )
ويستخلص من ذلك ومن بعض الايات أمور :
الأول : ان المشي هو مطلق الذهاب بالقدم او ما يقوم مقامها .
الثاني : ان المشي قد يختلف من دابة الى أخرى كما في مشي على اثنين او على اربع او على بطنه كما نصت الاية : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلىٰ بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلىٰ رِجْلَيْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلىٰ أَرْبَعٍ).
الثالث : ان المشي قد يكون معنويا كما في المشي بالنور والاتمام بامام كما فسرت الروايات هذه الاية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) والاية : (أَ وَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَ جَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) .
الرابع : ان المشي قد يكون مشيا لامر ايجابي كالمشي لقضاء حوائج الناس , وقد يكون لامر سلبي لقتل انسان برئ , وهذا ما يحدده القصد والنية  , وقد يكون مشيا خاطئا كالمشي بتبختر وتمايل وعدم مراعاة للادب , وقد يكون مشيا صحيحا كالمش هونا .
وهذا ما إشارات اليه مجموعة من الايات : (وَ لٰا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً     ـ   وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ-  فَجٰاءَتْهُ إِحْدٰاهُمٰا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيٰاءٍ- . الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً- . أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلىٰ وَجْهِهِ أَهْدىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ-  وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) 
فالایان تبین لنا لزوم رعاية الضوابط العامة في المشي ومراعاة الاداب والأخلاق وان يكون مشيا معتدلا لا عن تبختر ومرح وتكبر وانما بهون واستحياء واعتدال  .

الحكم الشرعي واستحقاق الثواب عند بذل الجهد :

إنَّ الأحكام الشرعية الإلهية تُلحظ فيها جنبتان متغايرتان من حيث طبيعة الحكم وخصوصيته:
الجنبة الأُولى: وهي جنبة التشريف؛ إذ إنَّ الأحكام الشرعية هي تشريف للعبد المكلف؛ لأنَّ مَن كلّفه أراده أن يرتبط به روحياً ويُصبح منتمياً إليه ومضافاً إلى اسمه وموصوفاً بأنه (عبد لله) لا لغيره, فينال شرف العبودية لله ويخرج من براثن عبودية الغير وإذلاله.
الجنبة الثانية: جنبة التكليف؛ وذلك لأن الأحكام الشرعية هي تكليف وتحميل للمكلف بها, وهذه الجنبة التعبوية إنما هي لمصلحة من كُلف بها, وأن الله تعالى هو العالم بهذه المصالح أكثر من المخلوقين,  قال تعالى: يايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد( )؛ إذ إنها في إطار إعطاء نظام لتربية وإعداد المكلف وتنظيم علاقاته العامة والخاصة وإدخاله في حيّز السعادة في الدارين؛ فقد روى النوري في المستدرك عن أبي القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن النبي ’ أنه قال في خطبته: > أيها الناس، ما علمت شيئاً يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به< .
 فإن الأحكام ـ كما يقول العدلية ـ تابعة لمصالح ومفاسد واقعية، فما من أمر إلا وفيه خير للمكلف المأمور به، وما من نهي إلا وفيه شر للمكلف المنهي عنه، وغاية تلك التكاليف والجهود هو الوصول إلى الدرجات المعنوية واليقين العلمي والطاعاتي، كما قال تعالى: (واعبد ربك حتى ياتيك اليقين)  .
وهذه الأحكام كلما كانت أشد وأتعب كلما كان مردودها المعنوي والتربوي أكبر وأرحب؛ فإن أفضل الطاعات أشدها وأحمزها.
وبما أن المشي هو بذل للجهد أيضاً, بل لعله جهد كبير , وخاصة إذا اتّصف بالعبادية؛ فإنه سيكون أحب وأقرب, كالمشي للحج المندوب والمشي لزيارة النبي والأئمة سلام الله عليهم أجمعين؛ فهو بلا شك محبوب عند الله تعالى, كما سيأتي المزيد من البيان.

حرص المسلمين على أحمز الأعمال:

تنقسم العبادات في التشريع الإسلامي على ثلاثة أقسام: منها ما يكون جهدياً بحتاً كالصلاة والصيام, ومنها ما يكون مالياً بحتاً كالخمس والزكاة, ومنها ما هو مشترك كالحج والجهاد, وكلما كانت العبادة أجهد وأتعب كانت ثمراتها المعنوية أكبر وأعظم؛ ولذا ورد في الرواية المشهورة بين الخاصة والعامة عن النبي الأعظم’ أنه قال: >أفضل الأعمال أحمزها< .
ومعنى أحمزها كما في كتب اللغة هو:> أشدها وأمتنها، وأكثرها مشقة< .
والمشي ـ كما سيأتي ـ أشد وأصعب وأكثر جهداً من الركوب؛ فيكون أفضل قطعاً، وكلما كانت مسافته أطول فهو أشد جهداً ومشقة فيكون أفضل، بل وكلما كانت الظروف أصعب كان المشي أعظم أجراً، فالماشي في زمن الخوف أو الحر أو البرد الشديد أو غير ذلك من الظروف الصعبة أكبر منفعة وثمرة دنيوية وأُخروية من المشي بغير تلك الظروف، عملاً بالحديث النبوي الشريف؛ لذا فإن العبادات التي فيها مشي ـ كالحج والجهاد والزيارة ـ لها أهميتها على سائر العبادات إلا ما خرج بالدليل.

المشي في النصوص الشرعية

ورد المشي في النصوص الشرعية كثيراً؛ إذ إن الآيات والروايات حافلة بهذا المعنى، إما صراحة أو على نحو التلازم بين المشي وبين ما ذكر, وبما أن بحثنا عن مشي خاص ـ لا مطلق المشي ـ أحببنا ذكر المشي بصورة مجملة وسريعة في النص القراني والروائي:
أولاً: المشي في النصوص القرآنية
ورد المشي في آيات عديدة وبموضوعات مختلفة، وفي بعضها إشعار بأنه نعمة من النعم الإلهية، وأنه ممدوح لأجل الوصول إلى شيء مطلوب, أو للخروج من واقع قاسٍ أو منحرف, وقد مر ذكر بعضها في كلام سابق ونضيف هنا  ذكر بعض  الآيات:
الآية الأُولى: (و اقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير) 
الآية الثانية: والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على اربع يخلق الله ما يشاء ان الله على كل شي قدير  
وقد مر بعض بيانها .
الاية الثالثة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
وقد مرت الاشارة اليها .
الآية الرابعة: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً ... }  , وسنقف عند هذه الآية ببحث مفصل لاحقاً إن شاء الله تعالى؛ لقربها من موضوع البحث .
وأما قوله تعالى في الآية التي تُشير إلى ذم خروج النساء من بيوتهن: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} . فسوف يأتي تفصيل الكلام حولها عند التعرض لأدلة المانعين الذين استدلوا بها لمنع خروج النساء مشياً، وسوف نُبيّن أنها ليست مانعة من أصل الخروج.
ثانياً: المشي في الروايات
وردت روايات كثيرة في مدح المشي إما مطلقاً أو لغاية وطاعة وهدف إيجابي, ويمكن ذكر ذلك من خلال الطوائف التالية: 
الأُولى: ما دل على عبادية المشي بذاته, وهذا ظاهر بعض الروايات التي تُحمل على المشي المعهود المادي، لا المشي المعنوي , كما في الرواية ـ المروية بعدة طرق وفي عدة موارد ـ عن أبي عبد الله × قال: >ما عُبد الله بشيء أفضل من المشي< .
الثانية: الروايات الحاثة على  السفر إما مطلقا أو لغايات مادية أو معنوية مستحبة أو مباحة؛ لاشتماله ـ خصوصاً في الازمان الغابرة ـ على المشي راجلاً , ومن تلك الروايات:
 1 ـ ما دل على استحباب مطلق السفر  
منها: ما روي عن جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه^، قال: قال رسول الله ’: >سافروا تصحوا، وجاهدوا تغنموا، وحجوا تستغنوا<  . 
ومنها: ما رواه أحمد بن أبي عبد الله البرقي في ( المحاسن ) عن أبي عبد الله× قال: >سافروا تصحوا، سافروا تغنموا<  .
2 ـ ما تضمن الحث على المشي للتواصل والتزاور الاجتماعي
منها: ما رواه الصدوق بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه^، عن النبي’ ـ في حديث المناهي ـ قال: >مَن مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله ليصل رحمه أعطاه الله أجر مائة شهيد، وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة، ومحا عنه أربعين ألف سيئة، ورفع له من الدرجات مثل ذلك، وكان كأنما عبد الله مائة سنة صابراً محتسباً< .
3- ما دل على خروج النّساء في المأتم لقضاء الحقوق
فقد روي عن أبي الحسن× حين سئل عن ذلك، فقال: >عَنِ الْحُقُوقِ تَسْأَلُنِي، كَانَ أَبِي يَبْعَثُ أُمِّي وَأُمَّ فَرْوَةَ تَقْضِيَانِ حُقُوقَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ< .
ولا شك في أن هذه الموارد بإطلاقها ـ بل بصراحة بعضها ـ تشمل الاستحباب للنساء أيضاً.
المشي إلى الحج 
لا خلاف في جواز المشي للحج للرجال والنساء من أماكن بعيدة، كما دلت الآيات القرآنية والروايات كذلك, وإنما الخلاف  بين الفقهاء في أفضلية المشي على الركوب في طريق الحج, فذهب المشهور إلى أفضلية الحج ماشياً على الحج راكباً للرجال والنساء عن حد سواء ؛ لأنه أكثر مشقة وتواضعاً وأحمز من الركوب,  بل تمسكاً منهم ببعض الروايات الآتية الذكر: 
الروايات الحاثة على المشي
هناك مجموعة من النصوص الشرعية الدالة على أفضلية المشي على الركوب:
1- المشي إلى الحج الواجب أو المندوب خضوعاً وخشوعاً وطلباً للأحمز، فقد ورد عن الإمام الصادق× في‌ خبر ابن سنان, وغيره: «ما عُبد الله بشيء أشد من المشي ولا أفضل< .
2- ما ورد عن الإمام الصادق أيضاً× قوله: «ما عُبد الله بشيء مثل الصمت والمشي إلى بيته< .
3- ما أورده الحر العاملي في الوسائل بقوله: >روي أنه ما تقرب العبد إلى الله عز وجل بشيء أحب إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين‌< . 
4- ما روي عن الصادق× حين سُئل عن فضل المشي فقال: >إن الحسن بن علي ‘ قاسم ربه ثلاث مرات حتى نعلاً ونعلاً، وثوباً وثوباً، وديناراً وديناراً، وحج عشرين حجة ماشياً< . 
5- ما روي في خبر أسامة قال: «خرج الحسن بن علي‘ إلى مكة ماشياً فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك هذا الألم. فقال: كلا< 
6- وروى أبو المنكدر عن أبي جعفر× قال: «قال ابن عباس: ما ندمت على شيء صنعته ندمي على أن لم أحج ماشياً؛ لأني سمعت رسول الله’ يقول: مَن حج بيت الله ماشياً كتب الله له ستة آلاف حسنة من حسنات الحرم، قيل: يا رسول الله، و ما حسنات الحرم؟ قال: حسنة بألف ألف حسنة. وقال: فضل المشاة في الحج كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم. وكان علي بن الحسين÷ يمشي إلى الحج ودابته تُقاد وراءه< .
الروايات الحاثة على الركوب:
مع أن الروايات المتقدمة واضحة الدلالة على ما ذكرنا سابقاً إلا أن في مقابل ذلك روايات تدل على أفضلية الركوب تأسياً بالنبي الأعظم’، ومن بينها:
1- رواية رفاعة قال: «سأل أبا عبد اللّه× رجل: الركوب أفضل أم المشي؟ فقال: الركوب أفضل من المشي؛ لأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركب< .
2ـ رواية ابن بكير، عن أبي عبد الله×: «أنّه سُئل عن الحج ماشياً أفضل أو راكباً؟ فقال: بل راكباً؛ فإن رسول الله صلّى الله عليه و آله حجّ راكباً» .
3- وعن رفاعة أيضاً قال: >سألت أبا عبد الله× عن مشي الحسن× من مكة أو من المدينة؟ قال: من مكة. وسألته: إذا زرت البيت أركب أو أمشي؟ فقال: كان الحسن× يزور راكباً. وسألته عن الركوب أفضل أو المشي؟ فقال: الركوب. قلت: الركوب أفضل من المشي؟ فقال: نعم؛ لأن رسول| ركب<.
الجمع بين روايات المشي والركوب
ويمكن أن نجمع بين هاتين الطائفتين من خلال القرائن الآتية ـ والتي تُعطي نتيجةً مفادها أن الأفضلية محفوظة للمشي ـ: 
القرينة الأُولى: ما ورد في روايات أُخر تُبيِّن إن الأفضلية للمشي إلا في بعض الحالات الخاصة:
الحالة الأُولى: إذا كان المشي لأجل كونه أقل نفقة مع العلم أن هذا الحاج في يسر ومكنة؛ فيكون الركوب أفضل في حقه، لقول أبي عبد الله× في خبر أبي بصير: وقد سئل عن المشي أفضل أو الركوب: «إن كان الرجل موسراً فيمشي ليكون أقل لنفقته فالركوب أفضل< .
الحالة الثانية: إذا كان المشي يؤدي إلى تعطيل الحاج عن الدعاء أو العبادة أو أداء المناسك فيكون الفضل للركوب, كما في رواية سيف التمار قال: >قلت لأبي عبد الله: إنا كنا نحج مشاة فبلغنا عنك شيء، فما ترى؟ قال: إن الناس ليحجون مشاة ويركبون. قلت: ليس عن ذلك أسألك. قال: فعن أي شيء سألت؟ قلت: إيهما أحب إليك أن نصنع؟ قال: تركبون أحب إلي؛ فإن ذلك أقوى لكم على الدعاء والعبادة< .
الحالة الثالثة: إذا كان الحج ماشياً موجباً للاستخفاف والمهانة من قِبل الآخرين، فقد روى سليمان قال: >قلت لأبي عبد اللّه ×: إنا نُريد أن نـخـرج إلى مكة مشاة. فقال: لا تمشوا واخرجوا ركباناً. فقلت: أصلحك اللّه, بلغنا عن الحسن بن عـلـي‘ أنـه حج عشرين حجة ماشياً, فقال: إن الحسن بن علي‘ كان يحج ماشياً وتُساق معه الرحال < .
والنتيجة المتحصلة ـ لدى الباحث بعد هذا الجمع هي ـ: أن المشي إلى الحج واجباً أو مندوباً أرجح من الركوب إلا في الموارد المذكورة أعلاه؛ فإذا أراد المكلف تحصيل ثواب أكثر في الحج المندوب كان المشي هو المتعين, وكذا الحكم في الطاعات الأُخر كالجهاد أو الزيارة أو غيرها، إلا إذا دلّ الدليل الخاص على الاستثناء، وكان مفاده: أن العبادة الأقل مشقة هي الأرجح؛ فعند ذلك يؤخذ بالدليل الخاص.

تاريخية مشي النساء

إن المتتبع لتاريخ الإنسانية ـ وخصوصاً تاريخ العرب ـ يجد ظاهرة المشي من يوميات الإنسان رجلاً كان أو امرأةً, حيث إن كثيراً من الأعمال والمهن تُمارَس مشياً على الأقدام, ولعل ظاهرة الرعي والزراعة من أهم تلك المهن التي تحتاج إلى المشي, ونحن نجد أن المرأة كانت ولا زالت تُمارَس هاتين المهنتين وباستمرار, والقرآن يحكي لنا أن نساء مقدسات وبنات أنبياء كنَّ يُمارِسن ذلك, كما في قصة ابنتي النبي شعيب× والتي أصبحت إحداهما زوجاً لكليم الله النبي موسى×, حيث كانتا تمارسان الرعي وسقي الغنم؛ إذ قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } .
وكذلك يحكي لنا القرآن سير موسى مع أهله: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} .
بل إن بعض النساء المقدسات ـ ومنهن السيدة الطاهرة خديجة ـ كانت تمارس الخروج من البيت والمشي بسبب طبيعة عملها في التجارة, وقد تزوّج منها النبي الأعظم صلى الله عليه واله وهي تاجرة.
كما إن السيرة التاريخية العامة تذكر مئات النساء اللاتي ذاع صيتهن وقد اكتنف عملهن بالمشي, خصوصاً المشي للأُمور المهمة والتواصل الاجتماعي والثقافي والعلمي والأدبي.
وامتدت تلك السيرة إلى زمن الإسلام وخروج المرأة في بعض الحروب لمساعدة الرجل في الأُمور الطبية واللوجستية وغيرها، وتحملها لبعض المهام والمشاغل العامة.
كما أن مسالة خروج المرأة المعاصرة أصبح شيئاً واضحاً ولا غبار عليه، خصوصاً بعد أن عملت بسلك الطب والتعليم والهندسة والتربية وغيرها من ميادين الحياة.
نموذج من مشي النساء : 
السيدة مريم العذراء 
ولنقف على الأحداث التي يذكرها القرآن المختصة بالسيدة مريم العذراء رضوان الله عليها؛ لارتباطها الواضح بموضوع هذا البحث:
قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيّاً*فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً*... فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً} .
 حيث إن الآية تحكي قصة السيدة العذراء مريم وما جرى من مراسيم تحضيرية لأجل الولادة, ومن أهم تلك المراسيم هو خروجها لوحدها مكاناً قصياً, والقصي: هو المكان البعيد القاصي المحتجب عن الأهل والأقارب والبلدة, فخرجت لوحدها لتأتي بالمولود المقدس.
وقد ذكر بعض العلماء المعاصرين اساتذتنا ( ) في قصة خروجها أُموراً تفيدنا في المقام:
الأول: إن خروجها كان لوحدها؛ وهذا يدل على مشروعية الخروج ما دام الخروج مطابقاً للموازين الشرعية مع كامل الحجاب والعفة وما دام لغاية سامية وهي طاعة الله.
الثاني: إن خروجها كان لمكان بعيد عن أهلها؛ وهذا يدل على مشروعية الخروج إلى مكان بعيد ما دامت مأمونة على نفسها ومعروفة بعفتها وشرفها.
الثالث: إن الكلام مع الأجنبي بحد ذاته ليس محرماً، ما دام مطابقاً للموازين الشرعية، وليس فيه خضوع بالقول ولا يحتوي على كلام غزلي ولا تعمد الإسماع.
وبذلك يتضح أن ظاهرة مشي النساء ظاهرة قديمة وممتدة وعامة، وبمرأى ومسمع من الأنبياء والأئمة والصلحاء، ولم يعترضوا على أصل الظاهرة، وإنما هناك أحكام وشروط تشريعية تنظم الخروج والمشي، وتجعله في حيز الجائز الذي لا فساد ولا إفساد فيه.
نموذج مستقبلي :  النساء في زمن الحجة عليه السلام :
حيث ورد في الروايات ان هناك 13 امراة وفي رواية 50 امراة تمارس دورا مهما وقياديا كما هو ظاهر الروايات , ومنها ممارسة الطبابة والعلاج وهذا بحضور وامر الامام الحجة عليه السلام , ومنها هذه الرواية ما روي في إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات؛ وبإسناده عن المفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يكن مع القائم (عجل الله فرجه) ثلاث‏ عشرة امرأة، قلت: وما يصنع بهن؟ قال: يداوين الجرحى ويقمن على المرضى كما كان مع رسول الله (ص) «الحديث» وفيه ذكر أسمائهن(‏ ).( )
اقول :
فهذه الرواية تعطي تميزاً خاصاً لطبقة من النساء تمارس الأعمال اللوجستية والاعدادية كالأعمال الطبية كما مثلت الرواية، ولا يكمن حمل الرواية على الحصر في المقام وانَّما نحملها على التمثيل فحسب وهو أنَّ أحد وظائف المرأة في زمن الظهور هو كونها كادر طبي وعلاجي.


أدلة مشي النساء إلى كربلاء :
عرضنا فيما سبق الأدلة ـ القرآنية والروائية ـ المجوزة للمشي مطلقاً, بل والحاثة عليه لأجل بعض الطاعات والتواصل الرحمي والاجتماعي والحقوقي.
 والآن نعرض بعض الأدلة الخاصة التي تدل على جواز واستحباب مشي النساء (بالخصوص) لزيارة قبر سيد الشهداء والوفاء لحق الولاء للنبي وأمير المؤمنين والصديقة الطاهرة والسادة النجباء من أبنائها سلام الله عليهم أجمعين.
ونذكر ذلك في أدلة منها:
الدليل الأول: قاعدة الاشتراك
من جملة القواعد الفقهيّة المشهورة بين الفقهاء قاعدة الاشتراك , والتي مفادها في أحد معانيها: «اشتراك المكلّفين في الأحكام الشرعية رجالاً ونساءً إلى قيام يوم القيامة, سواء كانت أحكاماً إلزامية، كالوجوب والحرمة، أو غير إلزامية، كالاستحباب والكراهة, إلا في الموارد التي ثبت خصوصية للرجل أو المرأة فيها؛ فتكون خارجة عن القاعدة تخصيصاً< .
وبما أن هذه قاعدة ـ وكل قاعدة تمتاز بأنها كلية ـ لها تطبيقات وأفراد عديدة؛ فيكون المشي إلى كربلاء تطبيقاً وفرداً من أفرادها؛ مما يعني أن الاستحباب الوارد في الأدلة والروايات منصب على الرجال والنساء على حد سواء , ولم يرد في الروايات ما يدل على حصر استحباب المشي بالرجال, بل يبعد احتمال الخصوصية جداً.
وما ذكر من المنع من خروجهن مطلقاً ـ ولو لأجل الطاعة ـ مدفوع كما سيأتي بيانه تفصيلاً.
ولهذه القاعدة أدلتها وتطبيقاتها, وتفصيل ذلك في محلّه من كتب القواعد الفقهية, والذي يفيدنا منها هو حكم الاستحباب المشترك بين الرجال والنساء الموجود في أدلة المشي إلى سيد الشهداء×.
الدليل الثاني : اطلاق الروايات 

وردت مئات النصوص الحاثة على المشي والمبينة لأجر الماشي وعظيم الثواب الذي يحصل عليه, وآداب المشي وسننه وما ينبغي أن يكون عليه الماشي, وما لا ينبغي, وقد ذكر هذه الروايات أصحاب المجامع الروائية وكتب الأدعية والزيارات( ), وقد أجاد صاحب كتاب (نور العين في المشي لزيارة الحسين) ( ) حيث جمع الروايات المتعلقة بالمشي لزيارة الإمام وبوبها تبويباً رائعاً, والمطلع على تلك الروايات يجد الإطلاق والعموم واضحاً تجاه مطلق المكلفين رجالاً ونساءً، بل شامل حتى لغير المكلفين؛ وبذلك يكون الاستحباب منصباً على الرجال والنساء على حد سواء, بل إن في بعض الروايات تصريحاً واضحاً لزيارة النساء وأنها من باب إسعاد فاطمة÷.
ولنقف على بعض الروايات المطلقة:
1- عن الحسين بن عبيد الله، عن الحسن بن علي [بن أبي عثمان، عن عبد الجبار النهاوندي، عن أبي سعيد، عن الحسين]  بن ثوير بن أبي فاختة، قال: قال أبو عبد الله×: >يا حسين، مَن خرج من منزله يريد زيارة الحسين× إن كان ماشياً كتبت له بكل خطوة حسنة، وحُطّ بها عنه سيئة، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتى إذا أراد الانصراف ناداه  ملك فقال: إن رسول الله’ [يقرئك السلام و]  يقول لك: استأنف العمل؛ فقد غفر الله لك ما مضى< 
 2- عن الحسين بن محمد، عن حميد بن زياد، عن عبيد الله بن نهيك، عن محمد بن فراس، عن إبراهيم بن محمد الطحان، عن بشير الدهان، عن رفاعة النخاس، عن أبي عبد الله× قال: >أخبرني أبي أن مَن خرج إلى قبر الحسين× عارفاً بحقه غير مستكبر، وبلغ الفرات ووقع في الماء وخرج من الماء، كان مثل الذي يخرج من الذنوب، وإذا مشى إلى الحسين× فرفع قدماً ووضع أُخرى، كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات<  .
     3- عن محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن أم سعيد الأحمسية، قالت: قال لي أبو عبد الله×: >يا أُم سعيد، تزورين قبر الحسين×؟ قالت: قلت: نعم. قال: يا أُم سعيد، زوريه؛ فإن زيارة الحسين واجبة على الرجال والنساء< .
 ثم قال صاحب الوسائل: >أَقول: وروى ابن قولويه هذا الحديث من عدة طرق بأسانيد كثيرة، وقد تقدم ما يدل على ذلك عموماً، ويأتي ما يدل عليه<.
4-  روى الحسن بن علي بن فضال، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي÷ قال: >مرو شيعتنا بزيارة الحسين بن علي÷ فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع، وزيارته مفترضة على من أقر للحسين عليه السلام بالإمامة من الله عز وجل< .
5- عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي المعزا، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله× قال: >مَن لم يأت قبر الحسين× حتى يموت كان منتقص الإيمان، منتقص الدين... دون المؤمنين فيها < .
إلى غيرها من عشرات ـ بل مئات ـ الروايات المبثوثة في بطون الكتب: كالبحار, وكتب المزار, تحكي لنا مشروعية مشي  النساء للزيارة والحث عليها كثيراً, ونستفيد هذا من إطلاق الروايات والأدلة.
ولذا؛ أفتى اکثر الأعلام المتقدمين والمتاخرين والمعاصرين باستحباب مشي النساء؛ تمسكاً بإطلاقات الأدلة.
الدليل الثالث: الروايات التي تخص النساء 
ما تقدم معنا من أدلة إنما كان مفادها الحث على المشي للزيارة بصورة مطلقة , والآن نورد بعض الروايات التي تدل على الاستحباب ـ بل إن في بعضها ما يدل على الوجوب بوضوح كما ذهب إليه بعض الفقهاء, وإن حملها أكثرهم على الاستحباب وبيّن أن الوجوب يراد منه شيء آخر انسجاماً مع الروايات الواضحة الدلالة على الاستحباب ـ بخصوص النساء.
وهذا السفر للزيارة سواء كان سفرا قريبا ام بعيدا كما نص على ذلك الاعلام , وكما هو نص بعض الروايات كالرواية الأولى الاتية فلا يصح ما نقل عن بعض التفريق بين السفر القريب والبعيد بمنع الثاني دون الأول .
ومن جملة عباراتهم : ما ذكره صاحب الوسائل من فتوى باب عقده في ذلك : (بَابُ اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْحُسَيْنَ ع وَ سَائِرَ الْأَئِمَّةِ ع وَ لَوْ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ )( )   , ووافقه عليها الاعلام .
وهي على طائفتين: 
الأولى: روايات حاثة على الزيارة:
ولعل أشهر تلك الروايات رواية أُم سعيد الأحمسية المعاصرة والصحابية والموالية للإمام الصادق×، وغيرها:  
1-    روى ابن قولويه بسناد عن أُم سعيد الأحمسية قالت: >جئت إلى أبي عبد الله× فدخلت، فجاءت الجارية فقالت: قد جئتكِ بالدابة. فقال×: يا أُم سعيد، أي شيء هذه الدابة، أين تبغين، أين تذهبين؟ قالت: قلت: لأزور قبور الشهداء. فقال: ما أعجبكم يا أهل العراق! تأتون الشهداء من سفر بعيد وتتركون سيد الشهداء ولا تأتونه؟! قالت: قلت له: مَن سيد الشهداء؟ فقال: الحسين بن علي÷ قالت: قلت: إني امرأة. فقال: لا بأس بمن كانت مثلك أن تذهب إليه وتزوره. قلت: أي شيء لنا في زيارته؟ قال: تعدل حجة وعمرة واعتكاف شهرين في المسجد الحرام وصيامهم< .
فان الرواية الشريفة دالة على مشروعية واستحباب الزيارة من قبل النساء لسيد الشهداء عليه السلام ولو كان من سفر بعيد فلا يتم ما ذهب اليه البعض من التفريق بين السفر القريب والبعيد كما اشرنا , وقد افتى بذلك الاعلام منهم , منهم الشيخ الحر العاملی , فقال :(يستحبّ زيارة النساء الأئمّة عليهم السّلام و لو من سفر بعيد لما مرّ من العموم و لما يأتي من العموم و الخصوص) وغيره من الاعلام . ( ) 
فلم يفرق الامام بزيارة المراة من بعيد او قريب وانما جعل المدار على كونها مامونة وموثوقة والا ليذهب معها محرم ولو كانت قريبة دفعا لفسادها او تعرضها لمخاطر , فالمدار لا على طول المسافة بل على المامونية .
فالمناط الذي بنى عليه الامام الحكم بالحث على الزيارة كون المرأة كام سعيد مأمونة لا كون المسافة قريبة او بعيدة , فما قيمة البعيد او القرب وما مدخليته في فساد او صلاح المرأة , فالمرأة المأمونة والصالحة هي صالحة وان سارت الى الحسين من الصين والفاسدة فاسدة وان سارت من اطراف كربلاء .  
فمن منع انما عول على مخصصات ذوقية او استحسانية نابعة من موقف عملي لا من مخصص متصل او منفصل لم يذكر في الرواية ولا في خارجها بل ظاهر الرواية والروايات غير ذلك كما عرفت .

2ـ عن زرارة عن أحدهما ( ) × أنه قال: >يا زرارة، ما في الأرض مؤمنة إلا وقد وجب عليها أن تُسعِد فاطمة‘ في زيارة الحسين×< .
فالرواية توجب ـ من باب الولاء ـ ان تزور النساء سيد الشهداء عليه السلام فان ذلك اسعاد لسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام , ولم يقيد الامام كون المؤمنة شابة او عجوز , ولم يقيد كون معها محرم مادامت مأمونة والطريق امن , خصوصا وان السفر في تلك الاعصار اما سيرا او ركوبا على الحيوانات , فتطول الأوقات وقد يحصل الاختلاط , ومع ذلك وجه الامام لها عتابا ولكل اهل العراق والعراقيات اذا ما تركوا زيارة الحسين وجاءوا لزيارة الشهداء في المدينة المنورة فحسب .

3 ـ في كتاب فضل زيارة الحسين لمحمد بن علي العلوي, حدثنا محمد بن جعفر بن محمد النحوي، قال: نا محمد بن علي بن شاذان، قال: نا حسن بن محمد بن عبد الواحد، قال: نا عباد بن جعفر، قال: أخبرني محمد بن عبدويه، عن يحيى بن مساور، قال: كان جعفر بن محمد÷ جالساً فأقبلت امرأة من العرب فقال: >ما لي لم أركِ منذ أمس؟! قالت: كنت عند قبور الشهداء. قال: تركت سيد الشهداء عندك! قالت: مَن هو؟ قال: الحسين×. قالت: أزوره؟ قال: نعم زوريه؛ فإنه أفضل من حجة وحجة حتى عد عشراً. فقلت: فما لمن زاره ماشياً ؟ قال: له بكل خطوة حجة وعمرة < .
فإن هذه الروايات وغيرها حثت أُم سعيد الأحمسية  ( ) ونساء أُخر على الزيارة وحددت لهن أجر المشي وهو بكل خطوة حجة وعمرة ولم يقيد بالمشي عن قرب بل وعاتبتها على ترك الزيارة بالرغم من انها لوحدها .
الثانية : روايات ممضية لزيارة النساء :
منها : 
1 ـ ما رواه صاحب كامل الزيارات بإسناده  عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْأَبْزَارِيِّ عَنْ قائد [فَائِدٍ عَنْ عَبْدٍ صَالِحٍ ع قَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الْحُسَيْنَ ع قَدْ زَارَهُ النَّاسُ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ وَ مَنْ يُنْكِرُهُ وَ رَكِبَتْ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَ وَقَعَ حَالُ الشُّهْرَةِ- وَ قَدِ انْقَبَضْتُ مِنْهُ لِمَا رَأَيْتُ مِنَ الشُّهْرَةِ قَالَ فَمَكَثَ مَلِيّاً لَا يُجِيبُنِي ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ يَا عِرَاقِيُّ إِنْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ فَلَا تَشْهَرْ أَنْتَ نَفْسَكَ فَوَ اللَّهِ مَا أَتَى الْحُسَيْنَ ع آتٍ عَارِفاً بِحَقِّهِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ).
تقريب الاستدلال : فان الامام لم يعترض على زيارة النساء بل أمضاها وشمل جميع الزائرين بذلك الثواب رجالا ونساء , غاية الامر ان الامام امره بالابتعاد عن الاشتهار ( ) والوضوح اذا كان يضره مراعاة للوضع الأمني في ذلك الحين كما هو ظاهر الرواية .

2 ـ وروى كامل الزيارات أيضا بإسناد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع  ( ... ثُمَّ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً يَأْتُونَهُ مِنْ نَوَاحِي الْكُوفَةِ وَ نَاساً [أُنَاساً] مِنْ غَيْرِهِمْ وَ نِسَاءً يَنْدُبْنَهُ  وَ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَمِنْ بَيْنِ قَارِئٍ يَقْرَأُ وَ قَاصٍّ يَقُصُّ وَ نَادِبٍ يَنْدُبُ وَ قَائِلٍ يَقُولُ الْمَرَاثِيَ فَقُلْتُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ شَهِدْتُ بَعْضَ مَا تَصِفُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي النَّاسِ مَنْ يَفِدُ إِلَيْنَا وَ يَمْدَحُنَا وَ يَرْثِي لَنَا وَ جَعَلَ عَدُوَّنَا مَنْ يَطْعُنُ عَلَيْهِمْ مِنْ قَرَابَتِنَا وَ غَيْرِهِمْ يَهُدُّونَهُمْ [يُهَدِّدُونَهُمْ] وَ يُقَبِّحُونَ مَا يَصْنَعُونَ).
فان الرواية واضحة الدلالة على امضاء هذ الفعل من النساء والرجال وهو الندبة ( ) والزيارة , وان كل من يطعن بهم سواء كان بعيدا او قريبا فهو مبغوض من ال البيت عليهم السلام وعدو من اعدائهم .

الدليل الرابع: سيرة الزهراء 
إن السيدة الزهراء‘ وهي سيدة العفة والحشمة وقدوة النساء جميعاً ولا تضاهيها أي امرأة لا من الاولين ولا من الاخرين ـ خرجت في مواطن عديده ماشية في زمن رسول الله وزمن امير المؤمنين صلوات الله عليهما وعلى الهما  .
منها : ما هو واجب كتصديها للخطبة أمام المهاجرين والأنصار لنصرة أمير المؤمنين والدفاع عن حقه× بالخلافة وحقها في فدك التي غصبها الظالمون. 
ومنها : ما هو مستحب كما في خروجها كراراً لزيارة قبر سيدنا حمزة بن عبد المطلب وبعض الشهداء وزيارتها لقبر أبيها الأعظم’, ولا شك في أن فعلها حجة وسنّة تقتدي بها نساء العالمين .
وفي هذا الصدد نذكر بعض الروايات الدالة على خروجها مشياً:
 1 – قال الكليني&: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله× قال: سمعته يقول: >عاشت فاطمة‘ بعد رسول الله’ خمسة وسبعين يوماً لم تُرَ كاشرةً ولا ضاحكةً تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الإثنين والخميس، فتقول: ها هنا كان رسول الله’، وهاهنا كان المشركون< .
ثم قال بعد ذلك&: >وفي رواية أبان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله× أنها كانت تصلي هناك وتدعو حتى ماتت÷< .
وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أنّ خروج النساء لزيارة قبور الموتى لا ينافي‌ العفّة والوقار؛ إذ إن الزهراء ـ وهي المعصومة من كل خطأ ـ خرجت ماشية لزيارة القبور؛ فيكون فعلها حجّة , ولا شك في أن الخروج لزيارة قبر سيد الشهداء لهو أعظم من زيارة قبور المؤمنين؛ فما تفعله المؤمنات السائرات لقبر الحسين إنما هو اقتداء بسيرة ومسيرة الزهراء, كما إنه إسعاد ومواساة لها كما تقدم ذلك .
 بالإضافة لروايات أخرى تدل على اتيانها قبر حمزة عمي النبي عليه السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولم ينهها النبي منها:
2  ـ وروى الشيخ الطوسي في التهذيب عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَسِّنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ ع كَانَتْ تَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ فِي كُلِّ غَدَاةِ سَبْتٍ فَتَأْتِي قَبْرَ حَمْزَةَ وَ تَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَ تَسْتَغْفِرُ لَهُ. ( ) 
3 ـ وفی الدعائم عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ كَانَتْ فَاطِمَةُ ص تَزُورُ قَبْرَ حَمْزَةَ وَ تَقُومُ عَلَيْهِ وَ كَانَتْ فِي كُلِّ سَنَةٍ تَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ مَعَ نِسْوَةٍ مَعَهَا فَيَدْعُونَ وَ يَسْتَغْفِرْنَ ) ( ) 
وغيرها من الروايات.


الدليل الخامس: قاعدة الشعائر العامة
واضح لدى الجميع أن قاعدة الشعائر العامة تدل على أهمية تعظيم الشعائر الدينية , وأن من مصاديق الشعائر الدينية هو إبراز الشعائر الحسينية. ولا شك في أن المشي للزيارة من أبرز مصاديق تلك الشعائر، وهذا المشي للزيارة غير مختص بالرجال، بل هو شامل للنساء أيضاً كما هو واضح؛ فخروج هذا الجمهور الإيماني ومن كل الطبقات والأصناف والأجناس مظهر عالمي يبرز شعيرة إعلامية واضحة للجميع.
وعليه؛ فلا داعي للتدليل أو إقامة البراهين والشواهد على ذلك، بعد أن أصبح القريب والبعيد على علم واطلاع بهذا الشأن، وبعد أن أفرد العلماء كتباً مختصة بالبحث عن الشعائر الحسينية( ).

الدليل السادس: ما ورد من الحث على المشي إلى بعض المواطن مع اشتمالها على الاختلاط :
وهذا له أمثلة كثيرة:
أولاً: خروج المرأة إلى الحج لوحدها
 عقد الحر العاملي في وسائل الشيعة باباً خاصاً لخروج المرأة إلى حج بيت الله، وذكر في عدة روايات، نورد بعضاً منها:
1ـ محمد بن علي بن الحسين، بإسناده عن البزنطي، عن صفوان الجمال قال: >قلت لأبي عبد الله×: قد عرفتني بعملي، تأتيني المرأة أعرفها بإسلامها وحبها إياكم، وولايتها لكم ليس لها محرم؟ قال: إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها؛ فإن المؤمن محرم المؤمنة، ثم تلا هذه  الآية: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}<  .
وروى الشيخ بإسناده عن موسى القاسم، عن عبد الرحمن، عن صفوان بن مهران نحوه(  ).
2ـ محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم ،عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله× في المرأة تريد الحج ليس معها محرم، هل يصلح لها الحج ؟ فقال: > نعم، إذا كانت مأمونة. ورواه الصدوق بإسناده عن هشام مثله< .
3ـ محمد بن الحسن، بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله×: عن المرأة تحج  إلى مكة بغير ولي ؟ فقال: >لا بأس تخرج مع قوم ثقات<.
ورواه الصدوق بإسناده عن معاوية بن عمار( ). 
 4 - وعنه، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله× عن المرأة تحج بغير ولي ؟ قال: >لا بأس، وإن كان لها زوج أو أخ أو ابن أخ فأبوا أن يحجوا بها وليس لهم سعة، فلا ينبغي لها أن تقعد، ولا ينبغي لهم أن يمنعوها...< .
وروى الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار نحوه( ).
 5 - وعنه، عن عبد الرحمن، عن مثنى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله× قال: سألته عن المرأة تحج بغير وليها، فقال: > إن كانت مأمونة تحج مع أخيها المسلم, وغيرها<( ).
وهذه الروايات تدلل على جواز خروج المرأة من دون اصطحابها لشخص من محارمها، وأنها مأمونة ومصونة ما دامت مع أخيها المؤمن، وبذلك أفتى مشهور الفقهاء أيضاً، وهي عامة تشمل الخروج للطاعات الأُخرى بهذه الحالة؛ إذ ليس فيها ما يُبيّن خصوصية للحج على غيره.
واليك جملة من كلماتهم : 
فی شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌1، ص: 204 (الرابعة لا يشترط وجود المحرم في النساء بل يكفي غلبة ظنها بالسلامة  ...).
ولم يشترطه  في المسالك  وعلق على الشرائع قائلا : (المعتبر عدم الخوف على البضع أو العرض بتركه )
وقال فی الجواهر ( )  معلقا على الشرائع : بلا خلاف أجده فيه بيننا، لصدق الاستطاعة بعد جواز خروجها مع عدم الخوف نصا و فتوى بدونه،


وقال السيد اليزدي في العروة (مسألة 80): لا يشترط وجود المحرم في حجّ المرأة إذا كانت مأمونة على نفسها و بضعها، كما دلّت عليه جملة من الأخبار، و لا فرق بين كونها ذات بعل أولا... ) ( ) 
ووافقه كل المحشين تقريبا في الطبعة التي فيها حاشية (41 ) من الاعلام .


ثانياً:  تعاليم النبي’ لكيفية مشي النساء
فقد ذكر صاحب الوسائل أيضاً باباً في مشى النساء مع الرجال في الطريق إلى المسجد، تضمن بعضها الكيفية المثلى لمشيها مع الرجال الأجانب، وإليك بعض هذه الروايات:
عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله× قال: >قال رسول الله’: ليس للنساء من سروات الطريق شيء، ولكنها تمشي في جانب الحائط والطريق< . 
محمّد بن عليّ بن الحسين قال: ذكر النساء عند أبي الحسن × فقال: > لا ينبغي للمرأة أن تمشي في وسط الطريق، ولكنها تمشي إلى جانب الحائط< .
 فلم تمنع الروايات النساء من الخروج، ولكن بيّنت أن ليس لهن أن يذهبن في وسط الطريق، بل إن في النص الثاني ورد التعبير بقوله×: لا ينبغي. ومعناه أن مشيها في وسط الطريق وإن كان أمراً مرجوحاً وغير محبذ لها إلا أنه جائز , وهذا يدل على جواز خروجهن .
ثالثاً:  الخروج لأجل طلب العلم
فقد صرحت الروايات بأهمية طلب العلم وأنه فريضة على كل مسلم ومسلمة( ). ولا إشكال في أن طلب العلم في حالاته الغالبة مشتمل على الاختلاط، ولو على مستوى سماع الصوت من قبل الطالبات للأُستاذ أو الخروج لمسافات ذهاباً وإياباً إلى مراكز التعلم.
رابعاً: الخروج لأداء الفرائض والواجبات الكفائية
إن الخروج لممارسة بعض الواجبات الكفائية أو تحصيل مقدماتها ـ كالطب النسوي والتعليم النسوي وتضميد الجرحى في الحروب وغيرها  ـ من الأمور المتسالم على ضرورتها وبكثرة كاثرة، وهذه التخصصات لا شك في أهميتها، بل إن بعضها داخل في حفظ النظام العام.
خامساً:  ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لا شك في أن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الوظائف الإلهية الواجبة على الرجال والنساء, وبمقتضى هذه الوظيفة وما يكتنفها من كلام وأفعال قد يستلزم بعضها الكلام مع الطرف الآخر أو اتخاذ مواقف عملية تجاهه، وهذا قد يستدعي حصول اختلاط بين الجنسين في سبيل تحقيق بعض مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خصوصاً في الأماكن العامة، كالجامعات والأسواق.
فإذا توفرت شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جاز أن تتصدى المرأة لذلك، خصوصاً في حالات الضرورة والانحصار .
 وأبرز مصاديق التصدي لذلك من النساء هو تصدي الزهراء عليها السلام لأداء الأمر بالمعروف والوقوف بوجه مَن غصب الخلافة وخطبت خطبتها الشهيرة بوجه الظالمين .
 وما تصدت له الحوراء زينب‘ في الدفاع عن البيت النبوي أيضاً وعن الثورة الحسينية وحقانيتها , فمارست دوراً مهمة في ثورة الامام الحسين الاصلاحية بل اصبحت الشخصية الثانية في حجم انجاح واستمرار الثورة بعد شخصية قائد الثورة الاول الامام الحسين (عليه السلام), وكانت القائدة لما بعد الثورة وسطرت مواقفا قل نظيرها في التاريخ البشري عندما فضحت السلطة الجائرة بخطبة غراء: فقال لها ابن مرجانه: الْحَمْدُ الله الَّذِي فَضَحَكُمْ وقَتَلَكُمْ وأَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ.َ (قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِمُحَمَّدٍ (ص) وطَهَّرَنَا تَطْهِيراً إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ ويَكْذِبُ الْفَاجِرُ وهُوَ غَيْرُنَا) فَقَالَ كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ الله بِأَهْلِ بَيْتِكِ. (قَالَتْ مَا رَأَيْتُ‏ إِلَّا جَمِيلًا هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وسَيَجْمَعُ الله بَيْنَكَ وبَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وتُخَاصَمُ فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ هَبَلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَة...)( ).
, وكذلك ما تصدت له العذراء من الدفاع عن نفسها وكرامتها وشرفها عندما أقدمت مع روح الله على قومها .
 وكذلك ما تصدت له اسية بنت مزاحم للدفاع عن عقيدتها, فاستحقت ان يضرب بها القرآن مثلاً للمجتمع الإيماني برجاله ونسائه، قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ الله مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين﴾( ).
فصبرها كان من جهتين: الأولى : الصبر على ما تحب: وهو الصبر على ترك الرفاه والنعم المادية والجاه العريض الدنيوي داخل البيت الفرعوني وكونها سيدة مصر الأولى. الثانية : الصبر على ما تكره: وهو الصبر على العذاب والقتل الذي تعرضت له من قيل الجبروت الفرعوني الذي عذبها أشد التعذيب وربطها على جذوع النخل ( ).
, .
فوظيفة الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر لا تكتمل إلا بأن يمارسه كلا الجنسين إما منفرداً أو جماعياً إذا اقتضت الضرورة وتوفرت الموازين, وهذا واضح من الآية الشريفة: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ...} .

الدليل السابع : اجماع الفقهاء .
اجمع الفقهاء على الجواز بل الاستحباب لزيارة النساء الا من شذ وقال بالكراهة الا مع مراعاة بعض الشروط فلا كراهة .
قال المحقق النجفي في جواهر الكلام عارضا استحباب زيارة مطلق القبور وقبور ال البيت : (استحباب زيارة النساء للقبوركما نص عليه بعضهم خلافا للمصنف في المعتبر، فكرهه لهن، بل ظاهره أو صريحه نسبته ذلك فيه إلى أهل العلم، و لكن علله بمنافاته للستر و الصيانة، و هو يومي إلى أن كراهته لأمر خارج عنه، و هو حسن مع استلزامه ذلك، و كذا استلزام الجزع و عدم الصبر لقضاء الله، بل ربما يصل إلى حد الحرمة، و أما بدون ذلك فالظاهر الاستحباب للعموم و خصوص بعض الأخبار و من العجيب دعواه الكراهة حتى بالنسبة إلى زيارة الأئمة (عليهم السلام) مع كثرة العمومات الدالة على رجحانها المنجبرة بعمل الأصحاب و غير ذلك، فتأمل جيدا) . ( ) 
فهو قد اعترض و استنکر على صاحب المعتبر تعميمه الكراهة لزيارة مراقد ال البيت من قبل النساء لانه منافي للستر , فلو سلمنا قبوله في زيارة القبور فلا نسلم ذلك في زيارة ال البيت فانها مستحبة مطلقا الا مع خوف ارتكاب الحرام او معرضية الحرمة .
الى غير ذلك من الوجوه التي تصلح للاستدلال ورد المنع .
أدلة المانعين لخروج النساء مشياً للزيارة:
إن ما يمكن أن يُستَدل به على مانعية زيارة النساء مشياً إلى كربلاء المقدسة هو مجموعة من الأدلة التي يظهر منها ـ بواسطة عمومها ـ  أنها تمنع النساء من الخروج، وسوف نستعرضها على التوالي، مع ذكر الردود الواردة أو ما يمكن الرد به عليها:
الدليل الأول: ممنوعية خروج النساء مطلقاً 
ذكرنا في حديث متقدم ـ وبشكل مختصر في مقام ذكر الآيات القرآنية ـ أن هناك آية يظهر منها نهي النساء عن الخروج من بيوتهن بصورة مطلقة، وهذه الآية هي قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلٰا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجٰاهِلِيَّةِ الْأُولىٰ} .
لو قلنا بمانعية خروج النساء مطلقاً فإن هذا الحكم الكلي سيشمل أيضاً منع خروجهن مشياً إلى كربلاء، خصوصاً إذا كان خروجهن طويل الأمد نسبياً، كما هو حاصل لبعض السائرات، فهل يمكن إثبات دلاتها على المطلوب أو لا؟
تقريب الاستدلال:
إن الآية تأمر المرأة ـ من خلال فعل الأمر الذي في صدر الآية ـ  بأن تقر في بيتها، بمعنى أنها لا تخرج منه مطلقاً، من جهة وتنهى عن تبرج الجاهلية الأُولى؛ فيكون خروجها مشياً إلى الزيارة منافياً للآية الشريفة المانعة من الخروج.
مناقشة الدليل الأول:
 لو أخذنا بظاهر الآية المباركة ـ ومن دون النظر إلى مناسباتها وأسباب وشأن نزولها ـ لكان الكلام فيها تاماً، إلا أنه لا يمكن الأخذ به لجهات ثلاثة:
الجهة الأولى: من خلال السياق الذي يكتنف الآية المباركة يتبين لنا أن المخاطب بها ـ صريحاً ـ هو نساء النبي، وأن هذا الحكم مختص بهن دون غيرهن، أو لا أقل يحتمل ظهورها بذلك, وهذا الاحتمال ـ الظاهر بظهور جلي جداً ـ مبطل للاستدلال بها على مانعية خروج باقي النساء.
وتوجد قرينتان على ذلك:
الأُولى: وهي قرينة داخلية؛ فإن الآية التي قبلها ظاهرة بأن الخطاب لنساء النبي لخصوصية فيهن؛ وأنهن لسن كباقي النساء من حيث بعض الأحكام، ومنها منعهن عن الخروج ومضاعفة العذاب على مخالفة الله ورسوله, حيث قالت: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} .
فصريح الآية يُبين لنا أن نساء النبي لسن كبقية النساء، بل لهن خصوصيات ميزتهن عن غيرهن؛ وبطبيعة الحال تكون لهن أحكام خاصة بهن.
الثاني: وضوح خروج النساء مطلقاً بمرأى ومسمع من النبي والأئمة، ومن دون أن يمنع النبي أو يردع  عن ذلك, فلو كانت الآية شاملة لمطلق النساء لبان المنع واتضح في عصر النبي والأئمة وسائر العصور الأُخرى, وحيث لا يوجد منع من قبلهم^ فهناك إقرار بذلك . 
بل إن هناك تسالماً ووضوحاً  بعدم المانعية، ولم يخالف أحد في جواز خروج المرأة تمسكاً بالآية.
وقد مر في الدليل السادس المتقدم موارد لخروج المراة منصوص عليها في الروايات .
الجهة الثانية: لو سلمنا شمول الآية لمطلق النساء, فهي في صدد المنع من خروج خاص للمرأة، وهو الخروج الذي يشاكل خروج المتبرجات بتبرج الجاهلية الأُولى، لا عن مطلق الخروج حتى لو كان خروج طاعة أو إباحة؛ لوضوح جواز الخروج شرعاً للحج وغيره من الطاعات؛ وللعرف المتشرعي القائم على ذلك.
الجهة الثالثة: لو تنازلنا عما تقدم في الجهتين السابقتين فلا أقل من القول: بأن الآية مخصصة أو مقيدة بأدلة خروج المرأة للواجبات والمستحبات كالحج الواجب والعمرة المفردة والطاعات، بل ومطلق ما كان راجحاً، كالكسب الحلال والتعلم والتعليم, ولا شك في أن الخروج للزيارة من أهم الطاعات والشعائر.
وعليه؛ فلا مانع من خروج المرأة من بيتها إذا كانت غير متبرجة، وكان خروجها بإذن زوجها إن كان لها زوج، ولم نجد ممانع من ذلك بين الأعلام فيما لو كان خروجها طبقاً للموازين الشرعية: غير متبرجة، وغير متهتكة، وكانت مأمونة على نفسها.
وعليه؛ فلا بأس بتصدي المرأة للشؤون الإدارية والتربوية والطبية بقيود وشروط ذكرها الفقهاء في محلها ، بل إن بعضها داخل في عمومات وإطلاقات أدلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما في قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ...} .
الدليل الثاني: المنع من الاختلاط
إن بعضاً من الأُمور التي دفعت بالمانعين من خروج النساء مشياً لزيارة سيد الشهداء هو ما يذكر من اختلاط مع الرجال، وبما أن الاختلاط ممنوع شرعاً ـ وقد يوجب سلب الطاعة من عنوانها ـ فلا بد من الوقوف أمام حصول عمل كهذا.
تقريب الاستدلال:
لقد ورد الدليل على مانعية مطلق الاختلاط في جملة من الأخبار، ومنها خبر غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله× قال: «قال أمير المؤمنين ×: يا أهل العراق، نُبّئت أنّ نساءكم يُدافعن الرجال في الطريق، أما تستحون؟!». و بطريق آخر زاد: «لعن الله من لا يغار» .و في رواية أُخرى عن أمير المؤمنين × قال: «أما تستحيون ولا تغارون على نسائكم يخرجن إلى ‌الأسواق، ويزاحمن العلوج ؟!» .
و يؤيد المنع ـ ما يظهر منه المنع عن حضور النساء صلاتي الجمعة والعيدين ـ ما رواه محمّد بن شريح، قال: سألت أبا عبد الله× عن خروج النساء في العيدين؟ فقال ×:«لا، إلّا العجوز عليها منقلاها»  يعني الخفّين.
وموثّق يونس بن يعقوب، قال: سألت أبا عبد الله× عن خروج النساء في العيدين و الجمعة؟ فقال ×: «لا، إلّا امرأة مسنّة» .
مناقشة الدليل الثاني:
ويرد على هذا الدليل أُمور عدة: 
أولاً: إن الأدلة المذكورة في البين ظاهرة في الكراهة لا في التحريم؛ ولا أقل من كون إعراض المشهور عن العمل بمضمونها صارفاً لها من الظهور التحريمي إلى الكراهتي.
ثانياً: إن الاختلاط الممنوع هو الاختلاط بكيفية خاصة لا مطلق الاختلاط, أي: لا بدّ من تفسير الاختلاط المذكور بالتداكّ والتدافع بين الجنسين الملازم للالتصاق ولو من وراء الثياب؛ وهذا ظاهر من التعبير بالمدافعة والمزاحمة الواردين في الروايات، فلو خلت التجمّعات المذكورة من هذه الحالة لسعة الطرق عمّا كانت عليه سابقاً، وتعدّد مسالك الدخول إلى الصالات ومسارات الحركة، والتجمّع في التظاهرات والاعتراضات لم يكره الحضور المذكور، بل ربّما استحبّ إن فرض وجود غرض راجح أو واجب في ذلك، كما في مثل الاجتماع في مناسك الحجّ من سعي وطواف ووقوف بعرفة ورمي جمرات وغير ذلك.
ثالثاً: من المحتمل جداً أن يراد بالاختلاط معنى آخر، وهو المعاشرة والخلطة للرجال، كما يحصل في المدارس والدوائر الحكوميّة وغيرها بحيث تحصل مخالطة وعلاقة حميمة بين الجنسين، ولعل مَن أفتى بمنع هكذا اختلاط قد حمل الأدلة على الاختلاط الحميمي.
وهذا ما يظهر من بعض الأساطين المعاصرين:
1ـ السيد أبو القاسم الخوئي
ذكر السيد الخوئي في جوابه على استفتاء موجّه إليه حول جواز العمل للمرأة ـ طبيبة أو ممرّضة ـ مع استلزام ذلك للاختلاط بالرجال في أيّام الدراسة أو العمل قال: «لا يجوز إلّا مع الضرورة المبيحة للمحرّمات» .
وفي استفتاء آخر ـ عن اختلاط الصبيان والبنات في المدارس الحكوميّة التي يتعلّم فيها العلوم الدينيّة ـ أجاب: «لا يجوز اختلاط الجنسين مع كونهم في سنّ المراهقة»  .
2ـ السيد روح الله الخميني
وممن أفتى بذلك أيضاً هو السيد الخميني&، ففي إجابة عن سؤال حول عمل المرأة في المؤسسات قال: >لا بأس بالعمل للمرأة مع رعايتها للتكاليف الشرعيّة الثابتة في حقّها، ومنها تجنّب الاختلاط الكثير بالأجنبي < .
وعلى هذا الأساس؛ تحمل الروايات الناهية عن الاختلاط على الكراهة ما لم تكتنفه بعض المحرمات أو يكون سبباً لخوف الوقوع في الحرام.
 ومن بين هذه الروايات الرواية المشهورة عن فاطمة الزهراء‘  للنبي’: «خير للنساء أن لا يرين الرجال، ولا يراهنّ الرجال»، فقال’: «فاطمة منّي».
وما ورد من قول أمير المؤمنين× في رسالته إلى الحسن×: «... فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك من الرجال فافعل» .
فإن هذه الروايات لا تدلّ على أكثر من الكراهة؛ ولربما يكون هذا المعنى هو الذي جعل بعض الفقهاء يفتى ـ وهو الصحيح ـ بالجواز مع الوثوق بعدم الوقوع في المفاسد الدينيّة والأخلاقيّة.
وقال السيد الگلبايگاني في جواب استفتاء عن الدراسة في الجامعات المختلطة: > نظام التعليم المختلط ليس إسلاميّاً، وأضراره الاجتماعيّة و الأخلاقيّة وخيمة ... لكن يجوز لمن يثق من نفسه عدم تأثير ذلك على تديّنه مشروطاً بصيانة نفسه عن الوقوع في المحرّمات الملازمة لهذا الاختلاط غير المشروع <. وهو تام وصناعي جداً.
وعليه؛ فلا مانع من الاختلاط الحاصل في أثناء المشي أو الزيارة قرب المرقد الشريف، ما لم يكتنفه النظر المحرم أو المماسة، أو الكلام الممنوع أو خوف الوقوع في الحرام.
وعلى فرض وجود بعض الأفعال الصادرة من بعض السائرين والسائرات ـ التي ربما تكون خاطئة بنظر بعضهم او هي خاطئة فعلا  ـ فهو أيضاً لا تمنع من حقانية الطاعة ولا تصيّرها ممنوعة كما توهموه , ويمكن أن يستدل لذلك بقاعدة مقتبسة من الروايات والتي مفادها: (لا يترك الحق إذا شابه منكر).
ثم من يقول بمطلق المنع فعليه ان يمنع الاختلاط في كل مرافق الحياة الذي اصبح ضرورة لا بد منها .

 فائدتان : قاعدة فقهية وفائدة رجالية .
1ـ  قاعدة فقهية :
 تأسيس قاعدة فقهية في المقام : (لا يترك الحق إذا شابه منكر).
مفاد القاعدة :
إن المراد من القاعدة المذكورة في باب الطاعات: (لا يترك الحق لشوبه بالباطل) هو أن وجود بعض الممارسات السلبية في التجمعات العامة التي فيها طاعة ـ كالحج والعمرة، وصلاة الجماعة أو الجمعة، والأعياد والاحتفالات بالمولد النبوي، أو الزيارات للأئمة الأطهار أو المشي خلف الجنائز او غيرها ـ لا يعني ترك تلك التجمعات من راس، والحكم بحرمة الذهاب أو الحضور عندها , وإلى هذه القاعدة يُشير الحديث الشريف التام سنداً ودلالة.
مدرك القاعدة : 
 ما رواه الكليني في الكافي بسند صحيح : >عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : حضر أبو جعفر× جنازة رجل من قريش وأنا معه، وكان فيها عطاء، فصرخت صارخة، فقال عطاء: لتسكتن أو لنرجعن. قال: فلم تسكت، فرجع عطاء، قال : فقلت لأبي جعفر×: إن عطاء قد رجع. قال: ولم؟ قلت: صرخت هذه الصارخة، فقال لها: لتسكتن أو لنرجعن. فلم تسكت فرجع، فقال: امض بنا؛ فلو أنا إذا رأينا شيئاً من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم! قال: فلما صلى على الجنازة قال وليها لأبي جعفر×: ارجع مأجوراً رحمك الله؛ فإنك لا تقوى على المشي. فأبى أن يرجع < .
تقريب الاستدلال :
فالملاحظ من هذه الرواية ـ الصحيحة ـ هو أن الإمام استمر على ما هو عليه بالرغم من أن المشي خلف الجنازة من الأُمور المستحبة، وليس من الواجبة، فلم يتركه لوجود صرخات وأصوات النساء اللاتي يشيعن معهم، مع أن هذه الصرخات كان فيها نحو من الباطل على مستوى الحرمة أو الكراهة بالنسبة للصارخة, بل أكد ذلك صراحةً بقوله:> فلو أنا إذا رأينا شيئاً من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم<، فوجود هذه الممارسة المحرمة أو المكروهة بالنسبة إلى المرأة الصارخة لا يبرر ترك الطاعات المستحبة فضلاً عن الواجبة, وهذه القاعدة تصح أن تكون دليلاً عاماً يتمسك به في كل الطاعات التي قد يشوبها باطل من بعض الممارسين لتلك الطاعات، كوجود اختلاط أو كلام باطل أو نظر محرم من بعض الحاضرين للآخرين, ولكن هذا الباطل ليس معناه أن تحرم وتمنع هذه المستحبات بالجملة على النساء.
بعض تطبيقاتها : 
ومن أبرز الطقوس التي طبق الفقهاء هذه القاعدة فيها هو الحج، كمثال للواجب الذي يشوبه بعض التصرفات من بعض من حضر الحج, وكذلك العمرة الواجبة والمستحبة , وحضور الجمعة والجماعة , والمشي خلف الجنائز ودفن الأموات , وهكذا من الموارد المشابهة ,  وهو منطبق أيضاً على الحضور الهائل من كل فج عميق في زيارة العتبات المقدسة ، سواء كان حال المشي إليها أو حال التواجد قربها كمثال للطاعة المستحبة.
ومن هذه القاعدة يتضح عدم مانعية بعض الممارسات الخاطئة التي تصدر من بعض الذاهبين مشياً إلى أبي عبد الله الحسين× عن خروج النساء , وتصبح دليلا ثامنا يضاف الى ادلة الجواز الماضية .
2 ـ فائدة رجالية : 
في توثيق إبراهيم بن هاشم :
لا اشكال في اعتبار الرواية الماضية الا انها صحيحة بناء على توثيق إبراهيم بن هاشم او انها حسنة بناء على مدحه لا توثيقه .
والصحيح انه ثقه وفاقا لجملة من الاعلام فنحكم بصحة الرواية .
ادلة توثيقه : 
ويمكن الاستدلال على توثيقه بعدة امارات منها :
فانه لم يرد فيه توثيق خاص في كتب الرجاليين ,وانما ورد مدحه فقط , فمقتضى ذلك تكون رواياته حسنة لا صحيحة كما هو الميزان في علم الرجال .
ولكن الصحيح القول بوثاقته لعدة قرائن نذكرها اجمالا , منها :
1ـ توثيق ابن طاووس له في كتابه (فلاح السائل) فقد أدعى الاتفاق على وثاقته( )  وهذا يستكشف منه أن القدماء من الأصحاب وثقوه ولكن لم يصل إلينا توثيقه .
ولكن الكلام في نفس حجية توثيق ابن طاووس , لانه من العلماء المتأخرين , والحال ان المناط في التوثيق الصادر من اصحابنا القدماء .
ولكن يجاب: اننا وان لم نقبل توثيق ابن طاووس له باعتباره من المتأخرين , الا  اننا نقبل نقله الاتفاق على توثيقه وهذا يكفي في اثبات التوثيق , ففرق بين التوثيق وبين نقل التوثيق , فلاحظ.
2ـ أن أبنه (علي) يروي عنه في تفسيره ,بل أكثر الروايات عن أبيه , فيكون الاب ثقة لان الابن لا يروي في تفسيره الا عن ثقة كما ذكرنا في الرواية الاولى.
3ـ قول النجاشي: (ابو اسحاق القمي له كتب , أول من نشر حديث الكوفيين بقم)  ( )   والحال أن القميين يتشددون في الرواة وهذا كاشف أنه ثقة  وإلّا لم يقبلوا رواياته.
4ـ انه وقع في أسانيد نوادر الحكمة ( )  ولم يستثنيه ابن الوليد , فيكون ثقة بناء على كبرى توثيق رجال نوادر الحكمة كما حقق في محله من تنقيح رجال الوسائل .
5ـ انه وقع في أسانيد كتاب(كامل الزيارات ) ( )  بناءً على صحة  الكبرى القائلة (أن كل رجال أسانيده ثقات) , كما حقق في محله من كتابي تنقيح رجال الوسائل .

الدليل الثالث: الضرر على الزوج أو الأطفال بخروجها
من الأمور التي يظهر منها منافاة المشي إلى زيارة أبي عبد الله× هو وجود الضرر الذي يتسبب على الزوج والأطفال بخروج النساء مشياً, خصوصاً إذا كان من مكان بعيد .
مناقشة الدليل الثالث:
ويرد على هذا الدليل:
1 ـ ليس الضرر بإطلاقه محرماً، وإنما يحرم منه الضرر الشديد أو الإضرار الشديد بالغير.
2ـ إن المتتبع للروايات الواردة في خصوص زيارة الإمام الحسين× يرى أن عنوان الضرر قد أُخذ في بعضها؛ مما ينتج لنا بأن الضرر الذي يترتب على الأهل أو الأطفال لا يمنع من الاستحباب؛ لأنه نوع إيثار للمصلحة العامة  وتقديمها على المصالح الخاصة؛ لذا وردت الإشادة والمدح للذين آثروا الالتزام بهذه الشعيرة على مصلحة أبنائهم وأزواجهم؛ ففي الرواية التي رواها سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب قال: دخلت على أبي عبد الله × وهو في مصلاه، فجلست حتى قضى صلاته، فسمعته وهو يناجي ربه ويقول: >...واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، واصْحَبْهُم واكْفِهم شر كل جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر شياطين الإنس والجن، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم ...< .
كما أن هناك عشرات الروايات التي تُبيّن اكتناف بعض الشعائر بالضرر وبقاء الاستحباب ومضاعفة الأجر،  كما في الروايات الدالة على استحباب المشي حال الخوف من الظالم، أو الروايات الدالة  على استحباب  المشي في الحر أو البرد وغيرها من موارد الضرر.
3 ـ إن كثيراً من روايات المشي فيها ظهور يشير إلى أن الذهاب إلى الزيارة مشياً خارج ـ موضوعاً أو حكماً ـ من أدلة الضرر, أو ملاحظ فيها الضرر المناسب لهذه العبادة لا مطلق الضرر, على غرار الخروج إلى الجهاد أو الحج؛ لأنه أُخذ في نفسيهما عنوان الضرر، أو لا أقل أُخذ فيهما الضرر المناسب لهما. 
4 ـ إن المصالح المترتبة على خروج النساء وإبراز هذه الشعيرة أهم من الضرر العادي الذي يقع على الأطفال والزوج. 
نعم؛ لو كان الضرر شديداً أو يؤدي إلى الوقوع بالمحرم أو تضييع الحقوق الواجبة فهو مانع من استحباب الزيارة. 
كما ان الزوج يمكنه ان يرفع الضرر من خلال نهيها عن الذهاب .
تتمة  :
إن تعظيم الشعائر أهم من بعض الإشكالات أو الأخطاء الشخصية أو الضرر الشخصي، فإن الحث الوارد على إحياء الشعائر وبالخصوص شعيرة المشي رغم وجود إمكانية الاختلاط وما يكتنفه من سلبيات يفترضها المانع من المشي ـ كما هو الحالة الطبيعية لكل اختلاط ـ يشعر بأن الشعائر أهم ملاكاً من الضرر الشخصي أو حصول بعض السلبيات التي هي حالة طبيعية لكل اختلاط, وهذا لا يعني أن نحكم بمبررية هكذا سلبيات أو محرمات، بل هي باقية على حرمتها، وإن مرتكبها ربما يكون قد تحمل وزراً آخر غير وزر المخالفة في بقية الأوقات, ولكن هذا لا يبرر منع هكذا طاعات ذات ملاكات عالية وفوائد معنوية عظيمة بما كسبت أيدي البعض من المخالفات المزعومة , ولعمري ان فوائد الزيارة والمشي لها لهي من اعظم النعم على المؤمنين والمؤمنات اجرا واصلاحا وتوفيقا وطاعة و مولاة لإل محمد صلوات الله عليهم اجمعين , وهي من اعظم سبل التربية والتمهيد لظهور صاحب الامر كما بينت في بحث مستقل ( ) بل هي من اعظم سبل الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي والتربوي والثقافي والسياسي كما فصلت ذلك في بحث مستقل لم ير النور بعد  .

النتيجة :
النتيجة هو الحكم باستحباب مشي النساء إلى كربلاء المقدسة وباقي المراقد المطهرة، وترتب الأجر والثواب على هذا المشي، وأنه كمشي الرجال إستحبابا واجرا ومشروعية , سواء كان من مكان قريب او من بعيد ـ كما هو صريح الروايات ـ وسواء كانت الذاهبة شابة او كبيرة في السن تمسكا باطلاق الروايات العامة والروايات الخاصة والسيرة الجارية واجماع الفقهاء . 
نعم، يشترط أن يكون ذلك الخروج طبقاً للموازين الشرعية ومراعياً للحجاب والستر التام، والابتعاد عن الاختلاط إذا اكتنفته بعض المحرمات, وأخذ إذن الزوج بالنسبة للمتزوجات، وعدم الخروج في حال تحقق أذى أو حصول نهي الوالدين بالنسبة لغير المتزوجات.
والأفضل إن لم يكن واجباً أحيانا مراعاة المرأة للآداب العامة التي تحفظ حشمتها أكثر، كالابتعاد عن الرجال لمسافة، ولبس النقاب ـ مثلاً ـ وعدم التكلم بصوت عال، والمحافظة على الوقار والسكينة والمشي بهدوء وتجنب مواطن الشبهات  , وان تسعى المؤمنات جاهدات في اسعاد السيدة الزهراء ـ كما عبرت الرواية ـ بزيارة الحسين عليه السلام وهي بتمام وقارها وعفتها والتزامها وان لا تغضب الزهراء وتحزنها بفعل ما يشين او يذهب بكرامتها وسمعتها او ما يعطي مبررا لنيل الاعداء من تلك الشعيرة المقدسة او لقيام البعض من التشكيك فيها او الطعن وبذلك يحققن بعض مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر  .
وقى الله المؤمنات من مصائد شياطين الجن والانس , ودفع شبهات المشككين والمانعين من صلة ال البيت عليهم السلام وخصوصا الامام الحسين عليه السلام , هدانا الله لحب الحسين ولزيارته ورزقنا شفاعته ...والحمد لله أولا واخرا .


فهرست البحث : 
لماذا هذا البحث ......................
توطئة ......................................
تنويع البحث ............................
المشي لغة ..............................
حرص المسلمين على أحمز الأعمال....
المشي في النصوص الشرعية ......
أولاً: المشي في النصوص القرآنية ..........
ثانيا : المشي في الروايات ............
المشي إلى الحج .....................
تاريخية مشي النساء.................
أدلة مشي النساء إلى كربلاء.............. 
الدليل الأول: قاعدة الاشتراك.............
الدليل الثاني : اطلاق الروايات .............
الدليل الثالث: الروايات التي تخص النساء ....
الدليل الرابع: سيرة الزهراء ‘.....
الدليل الخامس: قاعدة الشعائر العامة.......
الدليل السادس: ما ورد من الحث على المشي إلى بعض المواطن مع اشتمالها على الاختلاط .....
أدلة المانعين لخروج النساء مشياً للزيارة.....
الدليل الأول: ممنوعية خروج النساء مطلقاً ....
مناقشة الدليل الأول .......
الدليل الثاني: المنع من الاختلاط..............
مناقشة الدليل الثاني ..............
فائدتان : قاعدة فقهية وفئدة رجالية ..........
 1 ـ تأسيس قاعدة فقهية في المقام : (لا يترك الحق إذا شابه منكر) .............
 2 ـ فائدة رجالية :  في توثيق إبراهيم ابن هاشم ......
الدليل الثالث: الضرر على الزوج أو الأطفال بخروجها ........
مناقشة الدليل الثالث..........
تتمة  ..........................
 نتيجة  .............


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد رضا الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/11



كتابة تعليق لموضوع : بحوث في فقه الشعائر المعاصرة (1) حق الولاء في مشي النساء الى كربلاء  (دراسة في الأدلة الخاصة والقواعد العامة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net