صفحة الكاتب : عبد الحسين بريسم

مدينة 00 المياه والاسماك والشعراء
عبد الحسين بريسم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العمارة 00 تنام على ثروات هائلة وتأريخ عريق  00  تلبس ثوب التجديد والاعمار


 المدينة التي تنام مبكرا وتصحو من الجوع تسير فوقها الاموال وتحتها بحيرات النفط   وعلى الرغم من ذلك فانها اكثر مدينة تعرضت للاضطهاد والحرمان وعلى مدى تاريخها الطويل والتي  انتظرت طويلا   الامل والخير بعد تلك العقود السوداء0 والان المدينة تلبس حلة الازدهار والاعمار والتجديد شوارع معبدة ومجسرات حديثة وارصفة ومجاري وكل ما يسر الناظرين
يعود تأريخ مدينة العمارة إلى ما يقارب3000 سنة، وقد ذكرت أولى الدراسات التي تشير إلى ذلك، انه في عام1035 ق.م أسس ملك من ملوك البحر الأسرة الخامسة في بابل مدينة ميسان وحكم فيها ثماني عشرة سنة، إزدهرت ميسان في العصر الفرثي وكانت فيها مدن تجارية وطرق تمر بها القوافل إلى تدمر وغيرها، وكانت ميسان دولة مستقلة في القرن الثاني قبل الميلاد.
أما ياقوت الحموي فيقول عن ميسان، إنها كورة واسعة، كثيرة النخيل بين البصرة وواسط وقصبتها ميسان، جاء ذلك في معجم البلدان، أما إبن جرير فيقول ان ميسان ليلة أربع عشرة أي ليلة إكتمال البدر قمراً ويقال انها سميت ميسان لكونها أرضاً خصبة كثيرة الحشائش والأعشاب التي كانت تميس وتتمايل مع النسيم.
هكذا تكلمت المصادر عن تأريخ ميسان القديم، أما تأريخها الحديث فتكلم عنه مؤرخ العمارة عبد الجبار عبد الله الجويبراوي حيث قال:
ـ أسست مدينة العمارة الحديثة في عام1861م وقد أسسها عبد القادر الكولمندي، جاء ذلك في قصيدة الشاعر المعروف عبد الغفار الأخرس التي بعثها إلى حاكم العمارة ومؤسسها قال في مطلعها:
عمرتموها فغدت عمارة
كما أردتم لمراد الخاطر
فقل لمن يسأل عن تأريخها
قد عمّرت أيام عبد القادر
 السوق المسكوف
أما سوقها المسقوف الذي يعد مفخرة معمارية فريدة والذي باشر بناءه الوالي العثماني محمد باشا الدياربكرلي سنة1870 وإستمر العمل به سنوات وعلى عدة مراحل، كان يحتوي في ذلك الوقت خانات ومحال متنوعة تبيع إلى أبناء الريف والمدينة مايحتاجونه من ألبسة ومواد غذائية ومواد تدخل في صناعة القوارب وغيرها، وكان السوق يحتوي في مقدمته على مقهى للتجار اليهود وآخر للتجار العراقيين المسلمين.
السوق المسقوف مشهور بسقفه الواقف بلا أعمدة ويعتمد على مهارة المعماريين القدامى وتقنيتهم العالية وهو من أهم المعالم والمواقع الأثرية في العراق، وقد عملت فيه عدة أجيال، وما زال السوق المسقوف المركز التجاري الأول في مدينة العمارة والمكان الوحيد للتجارة والنزهة في ذات الوقت وأغلب أهالي العمارة يأتون صباحاً ومساءً إلى السوق المسقوف لأنه أصبح طقساً من طقوسهم اليومية.
السوق المسقوف يحتاج الآن إلى صيانة وإهتمام من قبل هيئة الآثار لأنه يعد من أهم الآثار الباقية من مدينة العمارة القديمة، وما بقي من ذلك الزمن الجميل، بعدما طال الإهمال وعوادي الزمن آثاراً إخر لم يبق منها سوى جدار هنا وجدار هناك مثلما حصل ـ للتوراة ـ مكان العبادة لليهود حيث لم يبق منه سوى جدار واحد 
أقدم كنيسة.. تعاني الإهمال
طالما سحرتني دقات ناقوس كنيسة أم الأحزان أيام القداس وأنا صغير أمر في سوق العمارة المسقوف، لذلك إتجهت إليها في جولتي في المدينة ، حيث إستقبلني جلال دانيال توما، ممثل الطائفة المسيحية في ميسان، تعد كنيسة أم الأحزان في العمارة من أقدم الكنائس في جنوب العراق ويعود تاريخ إنشائها إلى عام1870، حيث بادرني بقوله: نريد دعماً لترميم الكنيسة لأنها من أقدم الكنائس في المنطقة الجنوبية. وتحتاج إلى رعاية الدولة لما لها من قيمة دينية وأثرية، وعندما سألته عن عدد المسيحيين في العمارة قال، لا يتجاوز عدد العوائل المسيحية في العمارة الآن17 عائلة، بعدما كانت37 عائلة، أغلبها هاجر في سنوات الحصار، على الرغم من ذلك مازالت الطقوس الدينية تقام كل نصف شهر والمناسبات الأخرى المعروفة التي يقوم بها المطران جبرائيل كساب راعي أبرشية المنطقة الجنوبية، بعدها قال لي دانيال أطلب مرادك من الكنيسة ففعلت، أرجو أن يتحقق ما طلبت.
شارع التربية.. وأقدم مكتبة
من يزر مدينة العمارة لا تحسب له الزيارة إذا لم يمر بشارع التربية، الشارع التجاري الوحيد أو رئة العمارة، هنا يلتقي الجميع للشراء أو الفرجة أو للقاء الأصحاب فالزائر لايستطيع الحركة بسهولة في هذا الممر البشري، ذلك الشارع الذي كان يطلق عليه حتى وقت قريب (شارع المعارف) نسبة إلى التسمية البريطانية وتحول بعدها إلى إسمه الحالي شارع التربية، صادفت زيارتي الأخيرة إلى مدينة العمارة أيام عاشوراء فكانت المدينة وشارع التربية يرتديان السواد، وأصوات قراء المنبر الحسيني تسمع في كل مكان، وبالأمس فقط كان مجرد رفع راية سوداء أو سماع صوت قارئ حسيني أيام النظام الدكتاتوري يؤدي بصاحبه إلى ما وراء الشمس أو إلى إحدى المقابر الجماعية، يبدأ شارع التربية من سوق الذهب وينتهي في وسط السوق المسقوف، أخذتني خطاي إلى أقدم مكتبة في العمارة المكتبة العصرية التي تأسست عام1920، هناك وقفت مع صاحبها حيدر حسين أبو سعد الذي زودني بالكثير من الكتب التي تتحدث عن تأريخ العمارة.
تعدالمكتبة العصرية في مدينة العمارة من أقدم المكتبات حيث تعود إلى عام1920 وهي ذات أثر بالغ في نشر الوعي الثقافي في المدينة، ومنها تخرّج الكثير من المبدعين العماريين في الشعر والنثر والعلم، وكان من أهم روادها الجواهري الكبير أيام نقله إلى أرياف العمارة في زمن مضى، تحتوي المكتبة العصرية على أهم الإصدارات الإبداعية التي خطها أبناء العمارة في مختلف مجالات الإبداع، إضافة إلى دور المكتبة في نشر الوعي العام من خلال توزيع أغلب الصحف العراقية.ومن اللافت للنظر أن موقع المكتبة الجغرافي يقع بين قوسين هما سوق العمارة المسقوف حيث هو الرابط ما بين الفضاء وشارع التربية.
مدينة عريقة..
في المدينة التي فتحت في زمن الدولة الإسلامية وتحديداً أيام خلافة عمر بن الخطاب (رض) الذي أطلق عليها اسمها الثاني ـ الفرات ـ وكانت في ذلك الزمن مضرب الأمثال في خصوبة أرضها وكثرة بساتينها ووفرة مياهها، ولابد أن نذكر من فتح تلك المنطقة ـ العمارة ـ وهو عتبة بن غزوان الذي ولى عليها النعمان بن عدي، ومن ولاياتها المذار التي يوجد فيها حالياً ضريح عبيد الله بن علي بن أبي طالب(ع) وهي قلعة صالح، وتضم الآن قضاء العمارة المركز وعدداً آخر من الأقضية والنواحي وهي العزير، قلعة صالح، المجر الكبير، الميمونة، السلام، المشرّح، كميت، علي الغربي، علي الشرقي، وهي تمتد بين البصرة وواسط، ذي قار، والحدود الإيرانية.
جولة في جنة عدن
يعد مشروع فندق ومنتجع جنة عدن السياحي من المشاريع الاستثمارية والسياحية في مدينة العمارة وهو مشروع خدمي وترفيهي وسياحي حيث افتتح ودخل حيزا تنفيذ الخدمة في بداية أيام عيد الاضحي المبارك الماضي وهو الآن يستقبل النزلاء والوفود والشركات الاستثمارية وان هذا المشروع وجد من اجل تنشيط حركة الاستثمار في ميسان
 في جولة برفقه الاعلامي مؤيد ألساعدي مسؤول العلاقات والإعلام في المنتجع  حدثنا عن المنتجع قائلا إن المشروع يقع على مساحة(14) دونم وعلى ضفاف نهر دجلة وهو يضم فندق 5 نجوم ومطعما وجناحا رئاسيا وشققا سياحية وكازينو ومطعما عائما وكازينو عائليا للنساء بإدارة كادر نسوي لأول مرة يحدث في العراق وقاعات للمؤتمرات والمناسبات والاجتماعات ومركزا لرجال الأعمال وكل جوانب الحياة وقسما لملاعب الأطفال وقسما للتسوق ومضيفا للعشائر وهناك خدمات سياحية أخرى متقدمة والعمل على إنشاء جناح خاص للتراث الشعبي في المستقبل يحتوي على نفائس ونوادر التراث الميساني الأدبي والاجتماعي
مضيفا إن هذا المشروع وجد من اجل تنشيط حركة الاستثمار في ميسان بالنظر لعدم وجود أماكن تحتضن
الاهوار عالم من سحر واساطير
لايمكن ان تزور مدينة العمارة دون ان يهزك الحنين من اجل زيارة سرها الكبير وعالمها الطبيعي الساحر الاهوار  هكذا كان
 و مع أول خيط ذهبي انسلخ من لحظات الفجر المتسارعة في الطلوع  على وجه الماء الذي يعلوه القصب يرتفع ضباب الاهوار ويخترق الصمت خليط من أصوات الطيور والحفيف والجاموس وسكان الماء الأصليين العائدين بعد رحلة الجفاف . الاهوار أغنى بقاع الأرض التي شكلها الله بقدرته بصورة لا تقبل الخطاء ألا عند تدخل اليد الشيطانية  التي سعت في الأرض فسادا   في أسفل الاهوار توجد اكبر كميات النفط المخزون في الجنوب والتي عملت المياه فوقها كمنظومة تبريد لغليانه ثروة وطنية كبيرة إلى ألان لازالت تعاني الإهمال والتضييع رغم أنها من امن مناطق العراق .
حكايات وأساطير
 عندما سالت  ابو مسلم الجابري المختص في عالم الاهوار ومدير مؤسسة الهدى عن الاسطورة في الاهوار اجاب هناك الكثير من الحكايات والأساطير التي تروى عن الأهوار عموماً وعن (اليشن) خصوصاً، تتراوح بين الواقع والخيال، الأسطورة والموروث الديني وهنا يطرح سؤال نفسه بشدة ما العلاقة بين الحضارات القديمة والألهة التي حكمت تلك المدن قبل 5000 سنة وهل مازالت أرواح تلك الألهة التي نصفها بشر والآخر اله
جريمة واكثر
 التغيرات التي أوجدها النظام البائد شكلت تحولا كبيرا في حالتها الجيولوجية ولعل أثارها بدأت بالظهور مع حصول الهزات الأرضية الأخيرة التي وقعت في محافظة ميسان والتي ينسبها بعض العلماء إلى جفاف منظومة التبريد المائية الأمر الذي أدى إلى زيادة درجة حرارة النفط المخزون إلى حد أدى إلى تحرك طبقات الأرض وحصول العديد من الهزات الأرضية . هذا ماقاله الدكتور علي عبدالحسين بريسم الاستاذ في جامعه ميسان


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الحسين بريسم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/24



كتابة تعليق لموضوع : مدينة 00 المياه والاسماك والشعراء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net