صفحة الكاتب : ادريس هاني

عن الأحزاب السياسية والحكومة وسراق الله
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حتى لا يكون الموقف عدميّا راقبت الأحزاب السياسية الفائقة الصيت والمنحطّة في بلدنا، فخلصت بعد رويّة وسعة صدر وعدم التسرع في الأحكام إلى استنتاج لا رجعة فيه: إنها بمواصفاتها وشروط عملها والغالب على طبائع قادتها أوكار للنّصب والاحتيال، وشهادة الزّور، وقلّة الوفاء والتربية، والغدر والمفيوزية، والتملّق والحقارة..أوكار لصناعة كائنات لا تنتمي إلى الجنس البشري، بل هي حيوانات لافظة..أي تلفظ من دون جمل سياسية مفيدة ومن دون لغة يعرفها النّاس..أحزاب راطنة..

داخل هذه الأوكار يحسب الإنسان نفسه داخل جمهوريات قائمة..صراع على النفوذ، على السلطة، على المكاسب، تآمر، دسائس..مثال مصغّر عن جمهوريات فاسدة..يحسب قادتها أنهم على معرفة بدواليب الأمور بينما حكايتهم أخفّ وأخسّ من ذلك..مزاعمهم كثيرة وأحلامهم كبيرة وآمالهم طويلة..إنّ أوّل قرار يجب أن يتخذ والحالة هذه هو اقتياد كل هذه الأحزاب إلى سجن أوطيطة..فلقد أساؤوا في حقّ الحقيقة والسياسة والقيم..ولكن في المقابل إنّ ضحاياهم هم جزء من اللعبة..فالزعيم السياسوي لا يملك من سلطة على من حوله سوى سلطة التوهيم..لا يوجد ضحية بقدر ما هناك تشاركية في علاقة الموهم بالخاضع للوهم..
أمام الأحزاب السياسية مساحات واسعة للفعل..ولكن عين الزعيم على الحكومة..حتى لو كان حزبا "زغيتورا" فآماله طويلة..يستقيل الحزب من مهامه ويتملص من مسؤولياته لأنه ظاهرة انتخابية تتحول إلى خلية وهم نائمة بين انتخاب وآخر..درجة تأطير المواطنين تصل إلى الصّفر..ما دورها إذن؟
وداخل هذه الخرائب السياسوية توجد العدوى: تشابه في الحركة والقهقهة وباقي التمثّلات البليدة..وتخشى هذه الأحزاب من سورة المثقّف لأنه يحمل معه سلطته وحريته وقراره وشقاوته..تضيق الأحزاب بمثقفيها فيختارون النوم على الرصيف والهامش..المثقف طائر حرّ..وحين يحطّ لا يحطّ إلاّ على أغصان المعنى..أعني بالمثقف غير المهرولين..مثقفون بلا كرامة كجسد بلا روح..أحناط مثقفين..أشباح مثقفين في زمن القوادة السياسية..
أذكّر بأنها ليست عدمية..فلقد تحمّلت تفاهتها وإن لم أصبر عليها إلاّ لماما..لا بدّ من الحكم على الواقع بالممارسة..يخافون من لغة الإصلاح..من التغيير..من الحقيقة..يلهثون خلف القطيع..إذا أردت أن تثير لهاث زعيم سياسوي فأوهمه بالقطيع..إنّها مأساة حقيقية، ثم نكابر ونقول: ماذا في وسعها أن تعمل؟
أنا أنتقد الـ(بي جي دي) ولا أراعي فيهم إلاّ ولا ذمّة لا سيما حين حكموا وطغوا..ولكن ما بال أحزاب تهجوهم وهي مثلهم بل مثال لهم..هل يوجد أملس في مزرعة القنافذ؟ ارم بكل الشعارات والأنغام الأيديولوجية وركّز على السلوك والموقف والمزاج..ليست العدالة والتنمية إلاّ مثال آخر يجري على ذات الطريق..البي جي دي ذاق عسيلة الحكم..وللحكم أحكام..وطبيعة أخرى..وصراعه اليوم وانشقاقه غدا سيكون بسبب الحكم..إن كنتم تنتظرون أن البي جي دي سيخوض حرب طروادة في تدبير ما ينفع الشعب فأنتم واهمون..هم مشغولون بتحسين أوضاعهم وشركاتهم ومصالحهم..في رأس كل منهم حلم بتحسين وضعيته الجديدة..مشروع أعيان جدد..العزف على قيثارة الوجع الشعبي..كيف كانوا وكيف أصبحوا..هل كذبت حين نعثتهم بسرّاق الله..في كتابي هذا الذي تعثّر أكثر من عام ونصف حتى الآن في انتظار الوصول عبثا إلى المكتبة..وبهذا تأخرت عن كتابة مستدرك له في معارك ما بعد سقوط الحكومة الشعبوية التي أطعمت المجتمع قفشات محمّصة..أتمنى أن يتحرر كتابي هذا من الاعتقال لأنه لم يعد له أفق سوى أنه في المعتقل..وقد يكون من حقّ الرأي العام أن يعرف أنّ كتاب سراق الله غير مسموح له أن يرى النّور كما هي سائر كتب العالم والنّاس..جزء من الحصار والتّعسّف الذي بتّ أضيق منه درعا..التعذيب بواسطة هدر الزمن المفتوح على المطلق..
سراق الله يعني أنّ حكومة الإخوان الذين يهربون من صفتهم التّاريخية تلك لم يفلحوا في تدبير لا الرأسمال المادّي ولا الرمزي..
شخصيّا لم أشعر بأنّ هناك حكومة جدّية..فريق يتقاسم أطماعهم في منادمات الحكومة..لم يقنعوننا بقيادة جماعة كيف يقنعوننا بقيادة حكومة؟ وبما أنّ المجال هو مجال مافيا، وتقاسم المكاسب والريوع وتسييس العبث فالمطلوب حلّ الحكومة واقتياد أعضائها إلى سجن عكاشة مع سجناء الحقّ العام..
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/01



كتابة تعليق لموضوع : عن الأحزاب السياسية والحكومة وسراق الله
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net