المرجعية الرشيدة كانت مدركة تماما للوضع وتعرف جيدا ما قد يحصل..
ولا يخفى على كل متتبع الحسابات الدقيقة التي يمر بها خطاب المرجعية قبل أن يُعلن لعامة الناس إذ ليس من المعقول أن تعطي المرجعية تأييدا صريحا لمتظاهرين في مطالبهم المشروعة وهي لا تعرف تداعيات تلك المظاهرات..
كما انكم ربما نسيتم أن خطاب المرجعية جاء في يوم الجمعة 13/7/2017 اي بعد الأحداث التي جرت في محافظة البصرة تجاه بعض مقرات شركات النفط وهي على معرفة تامة بما حدث هناك من أعمال تخريب.
لذا كان مقطع التحذير (في الخطبة) من أعمال التخريب بناءً على تلك الممارسات ..
التساؤل هنا: لو أن ما يحصل اليوم من أعمال تخريب من قبل عناصر معدودة خرجوا في تظاهرات ستجعل المرجعية تتراجع عن تأييدها الذي أعلنته فمن الأولى بها انها لم تكن ستعطي تأييدا بالأصل حيث أعمال التخريب سبقت خطبة التأييد .. وهنا نتهم المرجعية بعدم التدبر في القرارات من حيث لا نشعر..
وعليه فإن التكهن بتراجع المرجعية عن تأييدها للتظاهرات لا يصح بالأساس.. المرجعية لم تعطِ تأييدا يوما ما لتسحبه بهذه السرعة..
انها تعرف النتائج التي وقعت وقد إشارات لها في الخطبة المباركة.. من جانب انها أعطت التأييد ووقفت بقوة مع المتظاهرين في مطالبهم الحقّة ولم تعطِ تأييدا لمخرب أو مندس فلقد كانت عبارات الخطبة دقيقة جدا ومن أحب فليراجع الخطبة ويتأمل فيها، ومن جانب آخر انها شخصت أعمال التخريب وبينت انها نتيجة السخط والغضب وحذرت ونصحت المتظاهرين من ممارستها كما حذرت من الانتهازيين والمندسين..
كما يجب أن ندقق جيدا بأن قمع اصل التظاهرات يعني ركوع تام للظلمة.. فما يصدر هنا وهناك من عدم انضباط لا يستدعي إسكات الشارع وإنهاء التظاهرات بل الصحيح هو فرز الذي خرج من أجل السرقة أو الفتنة عمن خرج من أجل الإصلاح ويدعو لتحقيقه بتظاهرات سلمية.
فالذي خرج من أجل التخريب أمره موكول للأجهزة الأمنية وهي قادرة إلى معالجتهم بلمح البصر ولا يستحق الأمر كل التهويل الذي نسمعه من البعض.
ومن أجل اغتنام الفرصة التي اهدتنا اياها مرجعيتنا الرشيدة ينبغي على الجمهور المرجعي الفاعل أن يتبنى تنسيق التظاهرات واحتواء الجماهير التي اشتعلت فيها شرارة الانتفاض على الفاسدين وتوظيف ذلك الغضب بالشكل الصحيح بتشكيل فرق من المنسقين في مناطق مختلفة من كل محافظة والاتفاق باتباع خطط احتجاجية معينة وتوحيد المطالب ورفع سقفها لتكون إصلاحية شاملة ابتداءً من تعديل قانون الانتخابات وتقديم الفاسدين للعدالة بفتح جميع ملفات الفساد وإلغاء الامتيازات للرئاسات وغيرهم والكثير من المطالب المهمة، وفي حال تعذر حصول ذلك فـ على الأقل تكثيف الحضور في اماكن تواجد المتظاهرين وتوعيتهم وتنبيههم وإرشادهم ومنعهم في حال الأقدام على فعل الخطأ وعدم ترك الساحة فارغة للانتهازيين والنفعيين الذين سيطفئون التظاهرات متى ما تم ارضائهم.
في الختام لن نسبق المرجعية بقول وللتذكير ارفق لكم مقتطفات من الخطبة الشريفة:
((أيّها الإخوة والأخوات نشهد في هذه الأيّام في محافظة البصرة العزيزة وبعض المناطق الأخرى، احتجاجات شعبيّة تعبّر عن مطالب الكثير من المواطنين.............. لا يسعنا إلّا التضامن مع أعزائنا المواطنين في مطالبهم الحقّة، مستشعرين معاناتهم الكبيرة ومقدّرين أوضاعهم المعيشيّة الصعبة.......
واكدت المرجعية على المحتجين بان "لا تبلغ بهم النقمة من سوء الاوضاع إتّباع اساليب غير سلمية وحضارية في التعبير عن احتجاجاتهم وان لا يسمحوا للبعض من غير المنضبطين او ذوي الاغراض الخاصة بالتعدي على مؤسسات الدولة والأموال العامة او الشركات العاملة بالتعاقد مع الحكومة العراقية ولا سيما ان كل ضرر يصيبها فإنه سيعوض من أموال الشعب نفسه"))
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat