صفحة الكاتب : خالد الناهي

بعض الأمل قاتل
خالد الناهي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

يحكى ان أمرأة تشكوا الفقر والجوع، كانت تملك عقدا من الذهب، عزيز عليها، لذلك لا تريد بيعه، وكان لديها نخلة في بداية ثمرها، لذلك كلما جاعت هرعت الى العقد واخرجته لكي تبيعه وتشتري الطعام، تنظر الى النخلة، فترى فيها الطلع فتردد هذه الكلمات " ما ابيع طوقي(العقد) والملكح بالنخل، أربعين يوم والبشير(الرطب) يدير" فترجع الى البيت وتخفي عقدها، وتنام وهي جائعة على امل انتهاء الأربعين يوم، فتأكل الرطب وتحافظ على عقدها، استمرت هذه الحالة الا ان توفاها الأجل من شدة الجوع، فخسرت حياتها والطوق.
كذلك نحن كشعب كثير منا ينتظر ان يحصل التغير ونحن جالسين في بيوتنا، وننتظر ان نواكب التطور الحاصل في العالم ونحن قد اعطينا عقولنا إجازة، والأكثر من ذلك ننتظر ان يأتي الأمام المنتظر ليحكم بالعدل ويملئ الدنيا قسطا وعدلا.
جميع تلك الأمنيات أدت بنا ان نصبح اتكاليين، نتهرب من المسؤولية, نلقي باللوم على الأخرين, حتى شعاراتنا التي نرفعها في المظاهرات والتي نطالب فيها بالأصلاح, تكون دائما بألقاء اللوم على الأخرين في أي فشل يحصل في البلد, أما مطالبنا دائما ما تكون مطالب شخصية, بعيدة جدا عن المطالب الوطنية, فلم نجد هناك مطالب بإعادة النظر في قانون الانتخابات, او أصلاح النظام القضائي, أو حتى تنفيذ القصاص بمن كان خائن لشعبه ووطنه, أو تغير الوزراء الفاسدين او الذين لم ينجحوا في عملهم, فاغلب المظاهرات كانت تتلخص بفرص العمل, وفي أحسن احوالها تطالب بتوفير الكهرباء والماء.
في حين ان هذه المطالب كانت تتحقق تلقائيا ان تم محاكمة الفاسدين من الوزراء والمواطنين على حد سواء، وتطهير القضاء من الفساد والرشوة.
نحن ننتظر المرجعية ان تتدخل في كل شيء، بل اغلب الشعب في الانتخابات الأخيرة كان ينتظر توجيهات المرجعية ليحدد خياره القادم، لكن عندما أعطت المرجعية التوجيهات اغلبنا خالفها، واتخذ الخيار الأصعب الذي منحته للشعب مع تحذير مبطن من عواقب هذا الخيار.
بالرغم من كون المرجعية وضعت الخيار بيد الشعب، وحملته كامل المسؤولية، بل واعطته كامل الصلاحيات لكي يمتلك زمام الأمور بيده، ويكون هو صاحب القرار، من خلال الخطبة التي سبقت الانتخابات البرلمانية الأخيرة من خلال قولها" من حق الشعب ان يحدث التغير المنشود، والتغيرات التي يرغب من خلال اتباع الطرق القانونية والدستورية" نجد اليوم هتافات المتظاهرين تلقي باللوم على المرجعية، بانها كانت السبب في وصول الفاسدين الى السلطة، وهذا خلاف للحقيقة، انما من اوصلهم هي اصابعنا البنفسجية التي اختارتها.
أن انتظار الأمام ليحكم بالقسط هو هروب، ومطالبة المرجعية بتحديد خياراتنا هو هروب أيضا، لذلك يجب ان نتحمل مسؤولياتنا، فأن اخطأنا نعترف ونعمل على تصحيح الخطأ، وأن نجحنا نكون قد تقدمنا خطوة في الاتجاه الصحيح.
لنغادر أحلامنا المميتة، ونترك الاتكالية، ونتعامل مع واقع نعيشه فعلا، ان أردنا ان نصنع حياة كريمة لنا، ومستقبل مشرق لأجيالنا القادمة، ولا نتعكز على أمل لا نعلم متى وأين يتحقق، فبعض الأمل موت.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد الناهي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/13



كتابة تعليق لموضوع : بعض الأمل قاتل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net