صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

إنهيار المنظومة الأخلاقية وتأثيره على المجتمع العراقي
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

خلق الله آدم وحواء وأسكنهما الجنة، كان شرط بقائهما فيها عدم عيانهما أمره، وعندما سولت لهما نفسهما فعل ما نهيا عنه، كان عقوبتهما إخراجهما منها وإنزالهما الى الأرض.

هكذا نما الجنس البشري على وجه البسيطة، وأصبح شعوبا وقبائل تختلف في الألوان والعادات والتقاليد، أرسل الله لهذه الشعوب الأنبياء والرسل والمصلحين، حاملين رسالات سماوية وتعاليم تهدف الى بناء المنظومة الأخلاقية، تشيع الفضيلة وتنهى عن الرذيلة، وتضع حدودا ومعايير للحريات الشخصية لا تتعدى على حقوق الآخرين وحرياتهم، وتضع الأسس الصحيحة لبناء مجتمع سليم.

مع تطور المجتمعات؛ تطورت المشاريع التنمية البشرية، منطلقة من التشريعات السماوية التي تهدف الى بناء الانسان أخلاقيا، وعدم إنغماسه في شهواته وإتباعه ملذاته، التي تؤدي الى تفكيك المجتمع وتجعله أشبه بغابة، تتصارع فيها الوحوش الكاسرة إذا ما خرجت الامور عن السيطرة، ونمت الأعراف وشرعت القوانين، التي تنظم الحياة وتضع القواعد الرصينة، للتعامل بين أفراد المجتمع الواحد.

وضعت المجتمعات شروطا وقواعد للتعامل فيما بينها، تنظم الحياة وتسير بعجلة التطور، تحافظ على حقوق الإنسان وحريته، وتطورت الآليات التي تراقب تلك العملية، فكانت الحكومات تضع الشروط والقواعد التي يسير عليها المجتمع، وتربية الفرد الشخصية التي تتكفل بها عائلته، تنعكس على تصرفاته ضمن المجتمع ، الملتزم بأعراف وتقاليد وقوانين تتنكر لكل ما هو شاذ ورذيل.

لطالما تعرضت المنظومة الأخلاقية لبعض المجتمعات الى هزات عنيفة، بسبب تفشي الحروب أو غياب السلطة التي تنفذ القوانين، أو بفعل تأثيرات خارجية تحاول إشاعة الفوضى وهدم المجتمع وإنحلاله، كرياح العولمة التي ضربت المجتمع العراقي، بعد إنفتاحه على العالم وإنتشار وسائل التواصل معه، ولكنها طالما تعود بعد توفر الثقافة الرصينة، وتظافر الجهود التي تعيد الأمور الى جادة الصواب، وللحاجة البشرية الى النظام.

بسبب ما مر بالعراق من ظروف قاهرة على مدى المائة عام الماضية، من حروب قاهرة وتجويع وتنكيل، وحرمان أجيال كاملة من حرية التعلم والحياة الحرة الكريمة، وتعرضه الى موجات العولمة التي جعلته يبتعد عن إرثه التاريخي والديني، وغياب السلطة التي تراقب الإلتزام بالقوانين، وتضع القواعد التي يسير عليها الفرد في المجتمع، فقد شهدنا حالات من الإنحدار الاخلاقي لم نتعود عليها في المجتمع العراقي.

على الرغم من إن ثقافة المجتمع العراقي ثقافة أصيلة، وله تقاليد واعراف إجتماعية متجذره بعمق تاريخه الإنساني والإسلامي الكبير، لكننا صرنا نشاهد الفوضى تضرب صفوفه، فالشوارع أصبحت في فوضى والسمة الغالبة فيها عدم الالتزام بالقانون، والصراعات العشائرية التي تستخدم فيها كافة الأسلحة، أصبحت أمرا طبيعيا لا يردعه أحد، والمدارس توقفت عن ممارسة أبسط دور لها وهو التعليم حتى بتنا نرى خريجا لا يجيد الإملاء.

في الشارع ترى تصرفات غريبة لم يعهدها الشعب العراقي، تدل على الإنحلال والميوعة والفوضى التي لا رادع لها، وغياب للأعراف والتقاليد التي تعود عليها العراقيون، وكأن المنظومة الاسرية والمجتمعية توقفت عن العمل، فصار التباهي بشرب الخمور في الشارع والتشبه بالنساء ليس عيبا، وأنتشار الرشوة التي كان يخجل من يرتكبها ويصبح وجهه مسودا في بيئته الاجتماعية لكنه أصبح يتباهى بها الآن بسبب عدم الخوف من العقاب.

ما نحتاجه هو ثورة مجتمعية أخلاقية، تعيد الاوضاع الى جادة الصواب لأن المشكلة أصبحت كبيرة، وستجر المجتمع الى فوضى سوداء، إذا لم تتظافر فيها كل الجهود من حكومة ومؤسسات وشعب وأسرة، تضع الامور في نصابها الصحيح، وتعيد مجتمعنا وأبنائنا الى الأخلاق الفاضلة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/08



كتابة تعليق لموضوع : إنهيار المنظومة الأخلاقية وتأثيره على المجتمع العراقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net