صفحة الكاتب : عادل القرين

وجاهة على حساب الفقراء والأيتام
عادل القرين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تختال الأرجل في مشيتها، وتتبخر الرؤوس في علوها، وتنكسر القلوب خلف فلاشات التصوير!

سأسترجع ذاكرتي للوراء قليلاً، لأُمهد الطريق أمام الحقيقة والقلم.. حيث أنني لست من الطبقة السامقة بالأموال، ولا الأكف الدامغة بالدلال، ولكن عشنا ولله الحمد والمنة عيشة كريمة، جللها الرحمن، وباركها الرُكبان، من أبٍ حانٍ وأُمٍّ حنونٍ.

نعم، كان مقدار فسحتنا قبل ثلاثة عقودٍ ونيفٍ (ريال واحد فقط)، كُنا نشتري به (سندويشة بيض مسلوق بنصف، وغرشة ميرندا القصيبي، أو فانتا برتقال بالنصف الآخر).

كنا نمرح ونسرح بلعبة (الحجل والطنب) بساحة المدرسة بالفسحة المدرسية، ونلف نواظرنا للأحبة والجيران هُناك بالسؤال البريء لهم: (ليش ما تشترون من المقصف معانا)؟!

فيرد أحدهم: (موب جايع)، وذاك يقول: (نسيت فلوسي)، وآخر يقول:( ما أبي أخرّج واجد بجمعهم للعطلة)، وذاك يقول: (ضاعوا عليه)!

نعم، فما حال الأطفال الأيتام والفقراء ساعة دخولهم في أول أيام الدراسة للمدرسة؛ فذاك مُتسربل بالثياب الجميلة والماركة بالعطر الفواح، والشعر المياح، والأيادي التي تحنو عليه في المشية، والفقراء والأيتام تلبسهم العار بثيابهم المُمزقة، وشراباتهم المثقوبة، وأحذيتهم المُتهالكة.. ولنا في أيام المتابعة الدراسية، ومجالس الآباء شارة وإشارة لما أُشير إليه!

حدثتني ابنة عمي عن طفلتها الصغيرة بالعفوية بصف أول ابتدائي: "تصدقين يا ماما في بنات يلوحون صمون الزعتر في الزبالة ويجون بنات ياكلونه"، وفي موقفٍ آخرٍ كانت تقتسم فسحتها مع جارتها بالفصل بعد أن علمت بحالة الفقر والعوز التي طال أهلها، ومسها في مرحلتها المتوسطة، وذلك بعد أن شعرت في ابنتها بكل شيء تشتريه تُريد أن تقتسمه مع صديقتها، وبعد إلحاحٍ من والدها عن السبب، ضمته لصدرها بالبكاء، دون أن تُشير إلى اسم صديقتها الفقيرة!

أجل، كم رأينا بأُم أعيننا من كانوا بجوارنا بالمدرسة، والحارة، والمنطقة، وقد فطر الفقر واليُتم راحة أياديهم، وأسال ماء وجوههم بالانكسار، وتنصل المعارف عنهم، وكان العار قد شملهم، ولفهم تحت جلبابه، وما أن يتغير الحال، ويزدهي المآل بالمقام الرفيع، وللشهادة التي تحصلوا عليها، والمكانة العلمية التي تسيدوها، إلا وتبدل الحال، وظل جُل القوم ينسب نفسه إليهم بالقرابة والنسب والتزاوج منهم، بعد أن كانت تختبئ الوجوه عن رُأيتهم والقرب منهم وذكرهم حتى بتبادل السلام، فواعجبي!

على كل حالٍ في هذا الشهر الكريم، وكما جرت العادة، تُعد المآدب، وتُنسق المراتب باسم الفقراء والأيتام بالحد اليسير، والتعداد النزير، وما عداهم بالمنظور الهائم، والشموخ القائم، والضوء السائم، والبريق الجاشم، والطبق الجاثم لوجبة الإفطار والسحور!

وما أن تُغسل الأنامل، وتُمتطى القوافل، إلا ونادى المنادي: نُريد أن نوثق الدعوة بالتصوير الفردي والجماعي للنشر؛ بعد أن تقاسم محاسنهم الوجع، وسدت ثيابهم الرقع، وتوسد ألسنتهم الجزع!

ختاماً:

زيارة المقابر تُشيد فنادقنا الأخرى، ومن همه التصوير شكله التقرير.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عادل القرين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/25



كتابة تعليق لموضوع : وجاهة على حساب الفقراء والأيتام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net