صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

ج6 قراءة في المقتل
علي حسين الخباز

( المنقلبون على الذات )

تمنحنا بعض الشخصيات افكارا عظيمة تتجاوز الهفوات امام عظمة المواجهةوتلك سمة حملت الكثير من جمالية الموقف المعروض وتضعنا امام لحظة التأزم  الحقيقي وكأن  الفعل يحدث امام أعيننا الآن ورغم ان اي نص لايذكر لنا عدد من انقلبوا  على ذواتهم وكأنها كانت معدة للانفتاح على انقلاب عام لوجدان امة  .. واعتقد  ان اكثر ما كان يقلق عمر بن سعد  هو الحساب  حساب  الضمير  وكان يخشى ان ينقلب عليه  المعسكر  ولذلك كان يريدها حسب التعبير ماهي (الا أكلة واحدة )أو ترى  شمر بن جوشن  وقد ذبح  نفسه كي يقاطع  خطب الأنصار فتارة  يسخر من خطبة  الحسين فيرد  بماهو اقسى  وتارة  يسكت زهيرأو يرميه سهما أو تراهم  يرمون بريرا كي يقطعوا  حديثه مخافة ان ينتشر  الوعي ولذلك كان عمر بن سعد  يخشى على نفسه  من مقابلة الحسين (ع) وجل تركيزه ( ماتنتظرون به ؟ احملوا  باجمعكم ) الخشية  من الوقت الذي قد يتيح اذا توفر من مراجعة  النفس بما يمنحه الخشية من التمرد  الذي هو متوقع ، بدأ  أول المشوار  بسؤال  الحر بن يزيد الرياحي ( فما لكم فيما عرضه ) وحين راى  ان لاجواب لدى القائد  سوى امر الأمير، تقدم الى الحسين عليه السلام تائبا، لااعتقد ان ثمة احد لايشعر بأسى هذا الموقف  وشدته التي تعكس لنا قيمة الحر في   شجاعته  لتدارك  الموقف والتركيز على مثل هذه  المواقف والشخصيات  التي تتميز  بانعكاسات ضميرية  تنسجم مع كل موقف وفي أي زمان ومكان ونحس فعلا ان مثل هذا الموقف لايحتاج الى زمان ومكان وواقعية الحر طغت على مثيلاتها  التي لاتقل شأنا مثل شخصية ( يزيد بن زياد بن المهاجر الكندي ) والمكنى ابا الشقاء  وهو من أصحاب أبن سعد  فلما ردوا على الحسين  ما عرضه  عليهم  عدل فقاتل  بين يدي  الحسين (ع)وكان كلما يرمي  بسهم  يدعو  له الحسين ( اللهم سدد رميته وأجعل ثوابه الجنة )فأي  ماض يبقى امام  حاضر   يدعو له الحسين (ع)بلنة  ومثل هذه المشاهد تصوغ  لنا حلاوة  النقلاب  على الذات  وصفاء  التوبة  وتحفز  المذنبين  على التجاوز  وتحفز المذنبين على التجاوز  نحو الافضل  وهو ركن  مهم من اركان  المنظور الروائي الذي يرتكز على بناء  مستقبل ناضج للشعوب  المضطهدة تتجاوز المحن فوثبة ضمير كما لاننسى ان الكعبي رحمه الله ..ذكر ان الكندي هو أول من استشهد في واقعة الطف  وهذا يعني بطبيعة الحال ان الحر  قد أيب  اولا ثم قتل فيما بعد بجراحه وثمة  روايات  مختلفة عن العدد الحقيقي لهذا  الكم التائب وحددته بعضها بعشرة تائبين  ثم نجد ان الكعبي ذكر لنا ( سعد بن حرث الأنصاري العجلاني واخوه ابو الحتوف ) وكانا سوية مع عمر بن سعد فخرجا عليه و قاتلا لنصرة الحسين  وقتلا معا  ولم يذكر لنا أسم ( نافع بن هلال الجميلي ) وهو من التائين تصريحا  وانما جاء في ذكره في عموم الحديث  فعندما  خاطبه  عمر بن سعد ( ويحك  نافع ما حملك على ما صنعت  بنفسك ؟)قال ان ربي يعلم من أردت  ثم ذكر الكعبي ( عمرو بن قريضة الأنصاري )انه كان لا يأتي الى الحسين سهم الا اتقاه بيده وسيف الا تلقاه  بمهجته فلم يكن   يصل الى الحسين سوء حتى اثخن  بالجراح   والتفت الى الحسين و قال  يا ابن رسول الله أوفيت؟

 

ويظهر لنا الحال من خلال  حوار اخ له  يخاطب الحسين (ع)( اظللت أخي وغررت به حتى قتلته ) فقال له الحسين (ع) ان الله لم يظل أخاك بل هداه وأضلك  ويعني ذلك انه أحد  التوابين .. ثم نجد ان تعدد هذه الرموز الخيرة قد وسع لنا المشهد التربوي  المحفز .. وانتقل بنا الحال  من شخصية  الى اخرى  في ذات الزمن الواحد والموقف الواحد الذي  يمنح  أجواء  الرواية  حيوية  الفكر  الذي يقوم لنا الذات كموقف  سلوكي  يرينا  روحية  الروح المؤلمة  بما يجيز لنا تجاوز  الغلط  والمهم هنا  ان مسألة  وهب  بن حباب الكعبي  النصراني  والذي  يقول  عنه  بعض نقاد الأدب الحديث  انه كان غير معنيا  بالصراع  فهنا  نجد ان الكعبي  يؤكد انه  قد أسلم  على يد الحسين (ع)  ومثل هذا الجوهر تكمن  خلفه رؤية  فلسفية تنشط  الشعور الثوري

 

***

 

(التقابلات النصية )

 

يمكننا  اسلوب  التقابلي  من احاطة النظر  بين  طرفي المعادلة لخلق تنوعا اسلوبيا  يمثل الفرق القائم انسانيا بين الايجاب والسلب وكل منهما يوحي باشيائه  وكل منهما  يكشف  عن بواطنه  وتلك  البواطن  تكون النص وتنمي الحدث العام لاجواء النص فنقرأ ( لما اصبح الحسين يوم عاشوراء) وبالطرف المقابل  نقرأ ( وأقبل عمر بن سعد)وبهذا يضعنا  النص امام خرطة المعركة وقياداتها

 

الموقع    معسكر الحسين     معسكر عمر بن سعد

 

ــــــــــ   ــــــــــــــــــــــ     ــــــــــــــــــــــــــــــــ الميمنة   زهير بن القين   عمر بن الحجاج الزبيدي

 

الميسرة  حبيب بن مظاهر    شمر بن جوشن

 

الراية   العباس بن علي (ع)   دريد مولى بن سعد

 

ووضع عمر بن سعد على الخيل عمرو بن قيس  وعلى الرجالة  شبث بن ربعي  ومثل هذا  هذا الوضع التقابلي  يضع  بين يدي  أي محلل مستندا  ايحائيا فكريا يقدر من خلاله ان ينشأ احكاما  تستند الى ؤية  تكتفي بذاتها وهي مقنعة  في طبيعتها ولا ادري   هل في التقابل  محض دقة ان ترفع راية الحسين يبد العباس بن علي فيمنحها العلو  والسمو امام راية ذليلة بيد مولى حقير  وأى في هذه الموضوعات  ميزات اسلوية تير فينا  الكثير من دلائل الايحاء وها مقدرتها  على اظهار بواطن المبدأ  فلا تستطيع ادراك  الفوارق الا بواسطة تلك التقابلات التكوينية  لبض رموز  الطرفين  ، مثلا لنأخذ  زر بن القين الذي كان يمتلك تأريحا مناوئا لآل البيت كما ذكرت  الكثير من المصادرلكن آمن بواقعة الطف من خلال نبوءة  سلمان الفارسي (رض) والتي كان مصدرها الامام علي عليه السلام ، فلا ادري اين نضع ذا  النموذج  التقابي  وهو ركن مهم من اركان الرؤية  التأيية التي بلورتها عوامل  حيوية  مستمدة من تنوع  الشخصيات  امام  شخصية  مسطحة مثل شخصية  ( شبث بن ربعي )  الذي كان  أحد قادة  الامام  علي عليه السلام في المل وصفين  ثم خرج لنجده  واقفا امام الامام الحسين  معاديا  وقاتلا لآل البيتعيهم السلام .. كان اهلنا يشخصونها  بسوء العاقبة  لكننا  وهذا الموضوع سيثير بلتاكيد فينا  الأثر العام  لتلك الانعكسات لزجزد منبهات ايمانية  ووجود تنبوءات  مقدسة  عن الواقعة أي وجود  معرفة مسبقة  بما سيحدث هو عل)م نبوي انعكس على حيثيات الطف  ، وبعض تلك التقابلات منحتنا  ثغرات انطباعية  رصينة  مثل  رمية مسلم بن عوسجة حين رام رميهم فمنعه الحسين عليه السلام  ٍقائلا ( أكره ان ابدأهم القتال) أليس هناك لكثير من الشواهد العقلية التي تضيء لنا معالم التشخيص الدقيق  أمام تقابل جملة عمر بن سعد المشهورة ( أشهدوا لي عند الأمير أنني أول من رمى )قد يتصورالبعض  ان مثل هذه التقابلات لاتعني النص بل تعني الواقعة ، ونحن لافرق عندنا بين نص الكعبي والواقعة لكونه لايروي لنا نصا أدبيا  بل ينقل حيثيات واقعة تاريخية عن طريق  النص فهو لايمتلك الحرية بصنع حدثا جماليا مثلا ، لون التأريخ تكامل بهذا الشك وتبقى لحبكة النص مجال اظهار مثل هذه التقابلات الدقيقة والا من منا لايدرك الفرق بين من يشهد الله ابتغاء لمرضاته  وبين من يشهد الناس ابتغاءا لرضى الامير ؟  ولو كان الكعبي  قد اطال جمل السرد  والوصف والشرح  والتدقيق ودخل المعترك  التفصيلي  لضيع علينا  فرص التأمل ، فوضعنا هذا  النمط السردي  امام مهمة تحليلية  تقف مثلا  امام جملة  لحسين (   حتى اعظكم) وبين كلمة ابن سعد  ( احملوا باجمعكم هي الا أكلة واحدة ) او لنقترب أكثر من البناء النفسي التكويني للشخصيتين  مفهومهما القيادي عندما يصرح الحسين ( آليت الا انثني  وتصريح عمر بن سعد   ( أما لو كن الامر بيدي  لفعلت ولكن أميرك قد  أبى  ) ومثل هذه التقابلات تمتلك التشخيص الدقيق لظهار البنية التحتية  الا ما معنى ان ينكر  يكذب  معظم قيادي معسكر عمر بن سعد  مثل شبث بن ربعي وبجار بن ابجر  وقيس بن  الأشعث  ويزيد  ابن الحارث حين سالهم الحسين (ع) لم تكتبوا  لي (قد أينعت الثمار  وأخضر الجناب  وانما تقدم على جند لك مجندة ؟ ) قالوا  لم نفعل  فما  بالك  بادة  يحملون  هذا الخور  والضعف  ولهذا أشعر  ان مجرد  سرد  رواية الطف بحد ذاته  يطرح افكارا   تبقى جديدة مهما  تقادم عليها الزمن  واحسد  هدوء الكعبي وانا افور دما حين اقرأ هذا التقابل المر بين قول الحسين عليه لسلام (وأبي  الذائذ عن الحوض ) وبين ردهم الحانق  ( غير تاركيك  حتى تذوق الموت عطشانا )او ان اضع في حسابي تقابلا  بين مفهومين  كمفهوم  زهير أبن القين  ( أبالموت تخوفني فوالله الموت معه احب لي من الخلد معكم )وبين مفهوم مسروق بن وائل ( لعلي  أصيب رأس الحسين (ع) فأحظى به عند ابن زياد) وكم من المفاهيم  الذهنية  التي تمنخنا  مثل هذه البنى التقابلية  لو اردنا  فعلا  التحليل التفصيلي لتبينت  الاهداف وقيم  الوعي  وما تمنحنا  مثل هذه  التقابلات التي أكدها  برير وركز  عليها الحر  الرياحي  ( زعمتم انكم  تقتلون  انفسكم دونهم  حتى اذا آتوكم  سلمتوهم الى ابن زياد )


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/05



كتابة تعليق لموضوع : ج6 قراءة في المقتل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net