صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

ورطة رجل اعلامي الحلقة الثانية
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قلت مع نفسي: يبدو اني في ورطة كبيرة والحاج يترصد جميع ما اقول، والمشكلة اني لا امتلك جملة إلا وأقع فيها تحت شراك التفسير والتعديل، لكن عليّ الاستفادة من هذه الصدفة رغم اني اشعر احيانا بالإحراج حين تقصر عني معلومتي، وانا رجل اعلامي مهما يكن افلاسي المعلوماتي لابد ان احمل على الأقل بعض الصفات المهمة عن لغتي، فرحت اقلد بعض مزاياه واخلق لنفسي صوت المثقف: هل تعلم يا حاج ان معنى الاخماد اشمل من معنى الاطفاء؟ فافتعل الحاج اندهاشته وقال لي: كيف ونحن نقول: اطفأت السراج وأخمدت السراج، لكن عليك ان تعرف وانت الاعلامي ان الاخماد يشمل الكثير، أما الاطفاء فيشمل الكثير والقليل... قلت: هذا صحيح ولكن الخمود لا يأتي الا بعد ذكر النار كقولنا (اخمدت النار) بينما الإطفاء يستعاض به في غير النار ايضا (تطفئ غضبه) و(الصدقة تطفئ غضب الرب) ابتسم الحاج وقال: والله جيد، ولكن يبقى عليك ان تعرف ان الخمود يكون قسرا بالغلبة والقهر، اما الاطفاء فهو مداراة ورفق، ولذلك يستعمل الاخماد للغلبة دائما... يا بني هل تعرف معنى (الهمود)؟ قلت: والله كل الذي اعرفه ان الأم تقول لولدها (اهمد قليلا) يعني استكن او يقال (مهمود الشيبة) اي غير الوقور حسب ظني وهمدت روحه يعني مات!! ضحك الحاج وقال: تفسير غريب من رجل اعلام لكن له ارتباطات بالحقيقة؛ فالهمود هو ذهاب النار الى الأبد بينما الخمود ذهاب النار وبقاء الجمر... قلت مع نفسي: غريبة امور هذا الرجل... آه لو يعلم كيف اجلس بين اقراني كرجل بليغ فأنا اقوى من كل جماعتي افسر لهم المعاني، وابين لهم فوارق المفردة، وآه لو يرونني الان وانا اجلس امام هذا الرجل كتلميذ صغير شعرت بحاجتي إلى الراحة قليلا امام هذا الكم الضخم من المعلومات، قلت: من رخصتك اريد ان اشرب الماء هل تريد ماء؟ اجاب: خيرا ان شاء الله... ففهمت انه يريد ماء وبعدها اردت العودة الى مقعدي فقلت له: عن اذنك... وما ان جلست حتى شعرت ان الحاج استعد لهجوم آخر: جميل يابني ما معنى الاذن؟ قلت: هي الرخصة، قال: والاجازة؟ قلت: هي الرخصة، قال: وما الفارق بينهما؟ قلت: يبدو ان الفارق بينهما هو الفارق بين التقديم والتأخير، قال الحاج: كيف؟ قلت: الاذن يعني الرخصة قبل وقوع الفعل، والاجازة الرخصة بعد الفعل، فابتسم الحاج وقال: احسنت فشعرت مع نفسي بشيء من الراحة والزهو، وقلت: لاشك ان الحديث مع هذا الرجل ممتع ومفيد، وانا في كلتا الحالتين رابح، فدعني ألح معه في محاولاتي عسى ان تقف معلوماته عند حد معين، قلت: يا حاج ما تعني الهداية؟ فأعاد السؤال علي: وأنت هل تعرف مايعني الارشاد؟ اجبته: يعني التبيين، قال: جيد والهداية وصول التبيين الى غايته، ثم هل تعلم ان الهداية للخير والشر؟ قلت: كيف يا حاج؛ الهداية للشر تصير غواية اذا كان المقصود شيئا مكروها، فقال الرجل: انتبه لقول الله تعالى وعلى مهلك لتستوعب ما اقول: (اهدنا الصراط المستقيم) وهذه الهداية للمهتدي اساسا، ذكر انهم دعوا للهداية ولم يجيء مثل هذا بالارشاد، قلت: لا افهم اطلاقا لا افهم شيئا!! قال: صبرك عليّ يقول الله تعالى: (فاهدوهم الى صراط الجحيم) وقال: (انك لعلى هدى مستقيم) فأصبحت الهدى دلالة اذا كان مستقيما يعني دلالة الصواب والايمان مثلا هدى دلالة الى الجنة، فالطريق يسمى هدى، واذا كان الطريق الى شيء محبوب يقولون رشاد، قلت في نفسي: لابد ان اكتفي بالسماع وان لا اتعرّض له ثانية، فمحاولة الموازنة بين معلوماتي ومعلومات الحاج الذي يجلس بجانبي كبيرة وغير صالحة للمقارنة بل وحتى بالمقاربة لكني سمعت الحاج وهو مستمر في شرحه... والراشد يا بني هو القابل للارشاد، قلت: والرشيد؟ قال: مبالغة لغوية تعني طوع الرشد، قلت: والمرشد؟ قال: الهادي للخير... فقلت: والله يا حاج انك رجل رائع وواسع المعرفة، واشكر الله على هذا اللقاء، وما اريده فقط ان تفيض علي فانا انتفع كثيرا من هذه القفشات الجميلة، لكني اعجز عن مجاراتك، ولذلك سأتنحى عن المحاورة، واخذ الرجل يطيّب خاطري ويرضيني: يابني انك رجل اعلامي ومثقف ومعلوماتك رائعة وانت طيب وخلوق لكن هل تعرف معنى التنحية بقولك سأتنحى؟ ضحكت حينها قلت في نفسي (والله ورطة) وقعت فيها ولابد من قبولها: نعم يا حاج يعني اتنحى، فقال: نعم وما معنى اتنحى؟ قلت: هو الركون الى جانب، قال الحاج: رائع ها انت تعرفها ولكن هل تعرف معنى الزلة؟ قلت: هذه مفهومة فالزلة الإطاحة دفعة واحدة، وانتهى الحوار بابتسامته المعهودة وعاد الى صومعة صمته العجيبة...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/15



كتابة تعليق لموضوع : ورطة رجل اعلامي الحلقة الثانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net