صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

كيف حولنا نعمة الانترنت الى مكب نفايات
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فتح العالم الافتراضي للانترنت ابواب الخنا على مصاريعها للتنفيس عن مكامننا الملغومة بفجائع التراث، ولهذا العالم الالكتروني الفضل في التستر على هوياتنا وملامحنا وتوفير مناخ آمن لنقاشات طاحنة هي اقرب للمناطحات. الجيل الجديد من ابنائنا لعله لا يستطيع تصور شكل العالم قبل بضع سنوات لا تتجاوز العقد ، اي قبل انتشار خدمة الانترنت في البلدان العربية والاسلامية . فاقصى ما كان يعمله مشحون ببذىء الكلام - آنذاك - ان يتصل هاتفيا ليمطر راس خصمه بما تيسر من شآبيب السباب المقذع وووابل الشتائم الملبلبة ، ويسارع بعدها الى غلق الخط تجنبا لافتضاح امره وكان الله غفورا رحيما. اليوم بامكانك ان تمتلك شبكات - وليس موقعا - للسباب والشتيمة بلا مانع من اخلاق او رادع من قيم ، وحسبك اشتراك سنوي تدفعه الى مُستضيف، لا تتجاوز كلفته ما يتأود به الفقير المعدم . والسباب هنا تتعدد اسبابه وتتنوع اغراضه ، فمنه القادم من الاختلاف الديني ، وآخر يشرئب من الخلاف الآيديولوجي ، وثالث يطل بوجهه الصبوح من التقاطع في الرؤى الرياضية . فما بين الزملكاويين والاهليين في مصر ما صنع الحداد ، وهو كالذي بين البارسيين والرياليين في اسبانيا ، ونفسه بين الزورائيين والجويين في العراق ، وذاته بين البايرنيين والدورتمونديين في المانيا ، وذاته بين المان ستيين والمان يونايتديين في الدوري البريطاني ، والامثلة على ذلك لها مصاديق في كل بلد، والكارثة ادهى وامر عندما تكون بين المنتخبات الوطنية. ومن يراقب قاموس السباب المستخدم في الكثير من المواقع العربية التي تسمح للقارىء بالادلاء بدلوه سيرى العجب العجاب ، ويكتشف مدى تطورنا النجومي في عالم السباب والشتيمة ، وهو تطور يجعلنا في مقدم شعوب المعمورة ويعوضنا خير تعويض عن تاخرنا في مجالات العلم والتكنولوجيا التي لا نحسن الا استخدامها للتنفيس عن بذاءاتنا المتراكمة منذ قرون . ولعل المناطحات التي يطغي عليها الجانب الطائفي تفوق شقيقاتها من المناطحات ولا اقول الحوارات . فتلك القادمة من مباراة لكرة القدم تخفت فورتها كلما ابتعدنا عن يوم الهزيمة في المباراة . والمناطحات السياسية لها مواقيتها ايضا ، فاسهمها ترتفع مع التصعيد السياسي وتخفت بخفوته . الا المناطحات الطائفية بين ابناء الديانة الواحدة ، فهي لا توقيت محددا لها ، وفيها تكتشف من البذاءات والفحش ما لا اذن سمعت ولا لغة حَوَتْ  منذ الف واربعمئة عام. وجاء اليوتيوب والفيس بوك واضرابهما ليوسعوا فسحة هذا التناطح للابطال فصالوا وجالوا فيها باسماء مستعارة تفضح هوية حامليها الطائفية. وهؤلاء في شغل شاغل يترصدون لشطحة إمام سني هنا او زلة لخطيب شيعي هناك - وما اكثر هذه الشطحات والزلات - لتنطلق بعد ذلك صواريخ اللعن وقذائف السب وراجمات التندر ، ولا شك فان الكلمة الاخيرة - ان وُجِدَتْ - في هذه المناطحات فانها تكون لمن يتفنن اكثر في تقديم اطباق السباب البليغ لضيوفه الخصوم ، وكاننا في حرب طاحنة تطيح فيها الايدي والرؤوس . وللمتأسين بمقام أمير المؤمنين الامام علي "عليه 
السلام" اقول ان حضرته منع مقاتليه من سب جيش اللعين معاوية قائلا لهم : كرهت لكم أن تكونوا لعّانين شتّامين. تُرى اين نحن من ذاك المقام العلوي الرفيع الذي لم يغمض عينيه حتى اطمأن ان اولاده يُسقون ويُطعمون ضيفهم، اشقى الاشقياء، مما يشربون وياكلون . والانكى من كل ذلك ان ياتي من يتجلل بعمامة رسول الله "ص" ليحفز الدهماء على المزيد من هذا التناطح الرخيص عبر تضعيف هذا الحديث العلوي الشريف ، فيقول انه يستند لرواية ضعيفة السند مرسلة . من يدري ، لعل يوما سياتي تعتبر فيه " قولوا للناس حُسنا ً" او "جادلـْهم بالتي هي احسن " روايات قرآنية مطعونا في صحتها وهي مرسلة وضعيفة السند... اعوذ بالله من غضب الله 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/22



كتابة تعليق لموضوع : كيف حولنا نعمة الانترنت الى مكب نفايات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net