صفحة الكاتب : الشيخ محمد قانصو

صناعة الحبّ..
الشيخ محمد قانصو

.. من أطرف ما مرّ عليّ من مواقف, موقف تلك السيدة المسكينة التي جاءتني برفقة زوجها لأبتّ لهما أمر الطّلاق والانفصال, وجرياً على عادة المصلحين من رجال الدّين وغيرهم, كان لا بدَّ من مواجهة المشكلة ومعرفة أسبابها, أملاً بإيجاد المخارج والحلول, والتوصّل إلى التوفيق بدلاً من التفريق.
وبعد أخذٍ وردٍّ تبيّن لي أنّ هذه السيدة تأثّراً ببيئتها, وتقليداً لبعض صديقاتها, عزمت على سلوك أقرب الطرق وأسهلها لامتلاك قلب زوجها, وحلولها منه محلّ الحبيبة الوحيدة التي لا تجرؤ امرأة أخرى منازعتها حقّها أو مزاحمتها مكانها, فما كان منها إلا أن قصدت أحد الدجالين لتشتري منه عوذة سحريّة تنال من خلالها منالها وتصل بها إلى غايتها .
وبما أنَّ الزوج من أعداء البدع, والناقمين على الموروث الثقيل من الجهل والضلالة, فقد استفزّه الأمر كثيرا, ورأى في فعل زوجته سبباً للنفور, وضلالاً عن الطريقة التي يتوصّل بها إلى مواءمة الشعور .
ولكي لا أرهق أسماعكم بما جرى في تلك الجلسة الطويلة من الجدال ومداورة الكلام, وحتّى يبقى على وجه هذه الصفحة مساحة يسكب الحبر عليها ما اختلج في الوجدان, وما أثاره هذا الموقف المضحك المبكي من الشعور بالأسف والحزن في آن .
لقد قرأت فيما قرأت للرسول العظيم محمّد عليه الصلاة والسلام:" إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم, ولكن سعوهم بحسن أخلاقكم." وقرأت له أيضاً:" القلوب مجبولة على حبّ من أحسن إليها, ومجبولة على بغض من أساء إليها."
واليقين عندي أنّ هذين الحديثين خارطة إلى واضح السبيل, وأن طريق الإنسان إلى ضآلته من الحبّ تبتدئ من القلب لتعود إليه .
إنّ ما يتكلفه الكثيرون من المجاملات والرسوم, وما يبتدعه النّاس من وسائل وأساليب يعتقدون أنّها الغيث الذي ينبت الزرع ما هي إلا أوهام وجهد عاجز. ومتى كان الحبّ يُولد بالتكلّف ؟ ومتى كان الودّ يُشترى ويُباع ؟  وأين هي الشعوذة من الأحاسيس النبيلة التي تنساب من الرّوح انسياب الجداول العذبة من بطون الينابيع؟ وكيف يُصنع الحبّ, وهو وحي من المحبوب المطلق ألهمه القلوب الظمأى ؟!
ألا ترون كيف يسعى السياسيّ بأمواله لشراء القلوب والذمم؟ فلا يتحصّل إلا على الممالأة والخديعة, والمكر والتزلّف!..
ألا ترون كيف يتلبّس المراءون بأثواب الخير؟ فلا يحصدون إلا الخسران والندامة !.
 ليس للحب ّ طريق إلا الصدق, ولا يُستولد الحبّ إلا بالحبّ, فمن أراد الحبّ فلا يعنينّ نفسه بتوسّل الأسباب الماديّة أو الطلاسم الخرافيّة, وإنما ليفتح قلبه على الخير والوفاء, وليتحبّب إلى الآخرين ليس بقدر تحبّبهم إليه, لأنّ عطاء الحبّ لا يقبل المساومة, ولا يتوقّف عند المعاوضة.

بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو
Cheikh_kanso@hotmail.com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد قانصو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/20



كتابة تعليق لموضوع : صناعة الحبّ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net