صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

حسرات قلم مجهد.. أنوار من فيض جراحات الشهيد عمار بن ياسر(رضوان الله تعالى عليه)
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

للقلم قلب ومشاعر جياشة وأنين، ربما تجد سطوراً تمر عليك، وهي من الدمع السخين، وهذا القلم يختزل الصبر بغصة، ويسجر مهجاً تذوب لتسأل: ما معنى أن يمر أبو جهل على جراح امرأة أثقلها الحجر، وأوجعتها جراح عائلتها، وهي تعذب معها، وكأنه قرأ خور ذاته فسألها الخذلان ان تعلن براءتها من النبي محمد (ص) ويطلق سبيلها، فأغاظته بما تحمل من شكيمة صبر ومعاقل قوة وحصون اصرار، ادهشته قلاعها، واسمعته غلظة قول اردت فيه جبروته، فطعنها بحربة في قلبها فاستشهدت. وأرى ان مثل هذا النموذج لابد ان يسقي خصوبة الدين نقاء، والمسلمون يعيشون نصرهم خلافة وفتوحات، وإذا بي أقرأ عن خليفة راشدي يتجاوز على عمار بن ياسر ابن هذا التأريخ المجلود، واعتدى عليه وظلمه قولاً وفعلاً مرة بعد أخرى، وذلك كله معروف، والشواهد عليه كثيرة جدا، وإليك بعضها: قال ابن قتيبة: "اجتمع ناس من أصحاب النبي (عليه السلام)، فكتبوا كتاباً ذكروا فيه ما خالف فيه من سنة رسول الله وسنة صاحبيه، فمضى حتى جاء دار الخليفة فاستأذن عليه فأذن له في يوم شات، فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية، فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال له: أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم، قال: ومن كان معك؟ قال: كان معي نفر تفرقوا فَرَقَاً منك قال: ومن هم؟ قال: لا أخبرك بهم، قال: فلم اجترأت علي من بينهم؟ فقال مروان: يا أمير المؤمنين، إن هذا العبد الأسود، -يعني عماراً- قد جرأ عليك الناس وإنك إن قتلته نكلت به من ورائه. قال الخليفة: اضربوه، فضربوه وضربه معهم حتى فتقوا بطنه فغشي عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار فأمرت به أم سلمة زوج النبي (ص) فأدخل منزلها، ثم ندم الخليفة وبعث إليه طلحة والزبير يقولان: اختر إحدى ثلاث: إما أن تعفو، وإما أن تأخذ الأرْش، وإما أن تقتص. فقال: والله لا قبلت واحدة منها حتى ألقى الله. تختلج بغصة هذا الدمع ثورة موقف تكحل عين الثبات دعوة نبي كريم يرفع يد الدعاء الى رب كريم: «صبراً يا أبا اليقظان، اللهم لا تعذب أحداً من آل ياسر بالنار)، هي بشارة كرامة عبرت على الصراط مفلحة منجحة. وفي ملتقى آخر يراك تكوى بنار احقادهم المريضة، فيدعو لك بكرامة إلهية الوجدان بأبجدية قرآن عزيز يماثل بها جراح نبي كريم: «يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار، كما كانت برداً وسلاماً على إبراهيم»، فلم تصله النار ولم يصله منها مكروه. نبي يرث المعنى متوهجاً في أوردة الغيب نبوءة جرح؛ لتكون معيار شهادة تكشف للعالم هوية البغي، ويصبح الجميع راشدي أهل الخير بصلاحهم، وأهل الغي بعروشهم السقيمة، فليدرك الجميع خطوات مناله: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار». للقلم المجهد قيامته تهيجها عواصف الجراح، يحرض المعنى على ان يسقي الارض عسى وردا يفيض من معانيها شذى منهج يعبق بالصلاح.. أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء إليه ساعة مقتله، ووضع رأسه في حجره وقال: «إنا لله وإنا إليه راجعون، إن امرئ لم يدخل عليه مصيبة من قتل عمار فما هو من الإسلام بشيء»، ثم قال عليّ (عليه السلام): «رحم الله عماراً يوم يُسأل، فوالله فقد رأيت عمار بن ياسر وما يذكر من أصحاب النبي (ص) ثلاثة إلا كان رابعاً ولا أربعة إلا كان خامساً. إنَّ عماراً قد وجبت عليه الجنة من غير موطن ولا موطنين ولا ثلاث، فهنيئاً له الجنة فقد قتل مع الحق والحق معه، ولقد كان الحق يدور معه حيث ما دار، فقاتل عمار، وسالب عمار، وشاتم عمار في النار.. وعند هذا المعنى، يبتسم القلم بنزيف يبارك الشهادة هديا ورشاداً ورحمة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/28



كتابة تعليق لموضوع : حسرات قلم مجهد.. أنوار من فيض جراحات الشهيد عمار بن ياسر(رضوان الله تعالى عليه)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net