صفحة الكاتب : علي علي

قوامون.. ولكن، علامَ؟
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  الكل ينادي بوحدة العراق أرضا وشعبا، شاملة كاملة غير منقوصة، قوميات وأديانا وطوائف، والكل يتأرجح على حباله الصوتية بين صدوق وكذوب، وجاد ولعوب، وشفاف ومراءٍ، والكل "يدعي وصلا بليلى.. وليلى لا تقر لهم بذاكا"، والكل يرفع شعارات الوطنية، حتى غدت مفرداتها أشبه بتراتيل لاهوتية على لسان كافر، وأضحى القسم الذي ردده ساستنا أصحاب القرار كأنه "مصحف في بيت زنديق".

  وكما قيل سابقا: بإمكانك خداع بعض الناس بعض الوقت، وبإمكانك خداع كل الناس بعض الوقت، ولكن ليس بإمكانك خداع كل الناس كل الوقت. إذ لم تعد تنطلي على العراقيين السيناريوهات المفبركة التي يؤلفها ويخرجها الأبطال المسوخ متسيدو الواجهة السياسية في البلد، كما لم تعد أحداث المسرحية التي تعرض فصولها منذ عقد ونصف العقد على خشبة الساحة العراقية غريبة، فالخيوط التي كانت شائكة بنظر العراقيين ماعادت كذلك، فقد نُقض الغزل من بعد قوة، وانفك ماكان معقودا من ألغاز، وانحلت أزرار الأستار، وسقطت ورقة التوت بعدما تكشفت أوراق اللاعبين بمصائر البلاد وملايين العباد، وكفى بالتجارب المريرة التي عاش ويلاتها العراقيون شهيدا، وحسب مآلات أوضاع بلادهم المتردية كفيلا، تنم بمعطياتها عن سوء صنيع ساستهم، ودناءة نياتهم ومقاصدهم وأهدافهم من تسنم مناصب القيادة والتحكم، والتي -على ما بدا- كان مخططا لها قبيل سقوط نظام البعث عام 2003.

  وما يؤلم حقا بعد كل هذا، أن العرض -رغم سماجته- لم يزل مستمرا على قدم وساق وعضد وفخذ، ومافتئ سعد يرد الإبل كيفما يشاء، أما القوس فما زال باريها يظلمها، ولم يمتثل لمن قال:

يا باري القوس بريا ليس يحسنه

لا تظلم القوس اعط القوس باريها

  ولم يقف الحال عند هذا المآل، بل ساء مصيرا، حيث الواعظ لم يعد مشفوعا، ولا المرشد متبوعا، ولا الناصح مسموعا، وكأن الحال استحال في وادي الرافدين الى سلسلة أفلام لهتشكوك، أو صار يحاكي دوامة قصص لأجاثا كرستي، فما استيقظ العراقيون من كابوس أقض مضجعهم، إلا وجثم على صدورهم كابوس أشد وطأة وأحلك ظلمة وأضل سبيلا، وقطعا لم يكن هذا غير وليد شرعي لأبالسة عقدوا قرانهم الباطل على كراسي الحكم منذ أربعة عشر عاما، وهم مخضرمون ومولعون بأكل السحت، وموكّلون بعقود حللها لهم شرع شيطاني، لم ينزل من سماء، ولم يخرج من أرض، بل سنّه ذكور، ماكانوا رجالا يوما إلا ليرفعوا شعار: الرجال قوامون، ولكن، علامَ قوامون؟ إنهم قوامون على المساكين من شعوبهم، قوامون على الضعفاء ممن خُدعوا ببهرج أقوالٍ ومعسول كلام، كانوا قد سمعوه من أفواه القوامين، في أيام مدلهمة  أسموها أعراسا، كانت تقام على مآتم صناديق افتراء وزيف وخداع، أسموها هي الأخرى صناديق اقتراع، فجاء الوليد غير الشرعي، وهاهو يحكم ويتحكم بمصائر أهل البلد، من دون وازع او رادع او راد.

  ما تقدم من سطور، ليس حوارا لمشهد مسرحي تراجيدي، وهو بعيد عن التجني وكيل التهم، كذلك هو خارج عن دائرة القنوط واليأس، هو ياقارئي الكريم وصف غير مبالغ فيه، وإيضاح لم يكن للغلو فيه حصة، لما يدور على رقعة جغرافية تشابكت فيها خطوط الطول مع خطوط العرض، وتنافرت فيها اتجاهات، وتعاكست أخرى، وتقاطعت ثالثة، وتداخلت رابعة.

  ما تقدم من سطور، لم يكتبه يراع، ولم تسهم في خطه أنامل، هو نزف عبيط يحمل أنين مرؤوسين مهمومين مغدورين، أضاع عليهم الرأس ماضيهم، ومازال قدما يلتهم حاضرهم، أما مستقبلهم فقد كتب عليه الضياع بين الغيب والجيب، فأما الأول فمحتوم، وأما الثاني فمحكوم لدى سراق محترفين.

  ما تقدم من سطور، سما عن الظلم وترفع عن التظلم، هو حديث يشاركني فيه أكثر من ثلاثين مليون شاهد، وكفى برجلين شهودا، او رجل وامرأتين، فهل من مبارز يبارزني؟ أم هل من مبارٍ يباريني؟ بل هل من متسابق يسبقني في طرح المزيد من مفارقات بلدي؟.

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/24



كتابة تعليق لموضوع : قوامون.. ولكن، علامَ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net