صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة انطباعية.. في كتاب(خطب الجمعة) ( 3 )
علي حسين الخباز

علي الخباز تحتكمُ خطبُ الجمعة على وعي ثقافي ديني تربوي، يعملُ على مرتكزين مهمين: الأول التماثل العام مع شمولية القراءة لتصل الى أذهان المتلقي بحسب الموقع والزمان والمكان، وبحسب قنواته المعرفية، ودرجة الوعي العام، والثاني لإدراك العمق لجوهر قصدي ينشئه الخطاب عبر بساطة الطرح، ومتانة الأسلوب، وعمق الفكرة، تمكنت الخطب من الوصول الذهني للمجتمع العراقي والدولي، واختصاص جميع الثقافات الفكرية، وإنشاء مقومات الحوار الفكري الجاد مع الاحتفاظ بخصوصية كل معتقد يوائم الانسانية المؤمنة. ففي خطبة 6 آذار 2015م لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي(دام عزه) بمناسبة استشهاد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) تحدثت الخطبة عن ظاهرة حث أئمة أهل البيت(عليهم السلام) شيعتهم لإبراز هذه المظلومية باعتبارها منهجاً قرآنياً يلتزم بالدفاع عن أهل الحق، فالإمام الصادق(عليه السلام) كان يحث الناس على إحياء أمر أهل البيت(عليهم السلام)، وإبراز مظلوميتهم، وطعن بعض المرتبكين بهذه الظاهرة على اعتباره أنها تؤدي الى تأجج روح الانتقام لدى شيعة أهل البيت(عليهم السلام)، بينما هي تعمل لتنامي فعل رفض الظلم ونصرة المظلوم، وليس لاستدرار عواطف البكاء، يظهر قيمة المظلومية، ومن ثم ضرورة نصرتها، وهذه المنهجيات الحياتية ستغني عن الكثير من مصادر البحث التدويني، مثلما يتفاعل الإنسان مع العقل يتفاعل أيضاً مع مشاعره وأحاسيسه. أما أصحاب الطعن المرتبك هم يعانون من التاريخ؛ كونه سيظهر الكثير من العيوب التأريخية لرموز ضخمتها القبلية، وظلمت رموزاً أخرى عالية القيمة، وهذا سيبرر ظهور الدور الأخلاقي لطرح هذا الفهم، وإحياء هذه المراسيم الكاشفة للظلم لتطهير الواقع الراهن. وفي الخطبة الثانية تحدث عن انتصارات قواتنا المسلحة الباسلة بل طالبت بالاهتمام بتنظيم الصفوف، وضبط النفس، وعدم الخضوع للانفعال النفسي.. إن محور الثقافة الأخلاقية يعد من أغنى محاور خطب الجمعة، ففي خطبة 13 آذار /2015م لسماحة السيد أحمد الصافي(دام عزه) بعرض مسائل مهمة، منها عند وقوع الانسان في الذنب، لابد أن يتعامل مع هذه المشكلة معاملة جادة وصادقة، للتخلص منها، وأن يغير واقع ما هو عليه لابد ان نزجر انفسنا ونمنع ايدينا عن أي محرم. قيم تطرحها الخطبة تترجم رحمة الله والفعل الانساني الذي يجعلنا امام ما قدمه الله تعالى من معنى الانسان للابتعاد عن الغفلة، وزيادة رصيد المعروف، صياغة ثقافة الانسان في مواجهة هجمات الاستباحة، والعقل والعلماء يقولون: إن التوبة واجبة. توج سماحة السيد هذا الموضوع بقيم فكرية، مثلا كيف يمكن ايجاد سبيل ترفع قدرة التحول من مذنب الى تائب؟ هذه الحالة لا تتحقق إلا في رغبة المذنب بالتوبة، ويعني انه على استعداد نفسي لمواجهة الاغراءات والتسويفات. الله تعالى يمهل التوبة، الأئمة(عليهم السلام) سعوا لتأسيس معنى التوبة عند الانسان؛ كي لا يجعل الذنوب حاجزة بيننا وبين اجابة الدعاء. ومن نص الخطبة الثانية، تمجيد الانتصارات وطلب التلاحم ورص الصفوف، وفي عراق الحضارات لا يمكن ان يكون جزءا من تصورات خاطئة في اذهان بعض المسؤولين هنا وهناك. يسعى معظم المفكرين الى الاعتراف بالتنوع كواقع موضوع، باعتباره فكراً غنياً له دور كبير في تسيير الحياة.. في خطبة 20 آذار سنة 2015م يؤكد سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي(دام عزه) على الابتعاد عن النمطية في الفكر والعبادة، والتواصل الانساني استشهد في كتاب مصنفات الشيخ الصدوق في تشخيص عنوان التشيع الكاذب، ائمتنا ائمة الخير والسلام، كانوا يرون ان التشيع الظاهري لا يكفي، فالإمام الباقر(عليه السلام) يقول:ـ (أيكتفي من اتخذ التشيع بأن يقول في محبتنا أهل البيت؟ أيمكن ان يقول الانسان أني أحب أهل البيت عليهم السلام؟). يجيب السؤال(عليه السلام) بأنه لا يكفي: (فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه.. وما كانوا يُعرفون إلا بالتواضع والتخشع واداء الامانة وكثرة ذكر الله، والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعهد للجيران من الفقراء والأيتام). ولكي يبعد الامام(عليه السلام) الاتكالية الرخوة، فهو يؤكد: (ما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد منكم حجة)، فالنجاة لا تنال بالولاية اذا كانت في حدود اللسان فقط، وهذا ابعاد لنمطية التفكير، والبحث عن متلق يدرك معنى هذا الكلام، معنى أن التشيع سلوك وتربية، فالابتلاء في المفهوم الاسلامي هو تمحيص لذنوب الناس، البلاء كمفهوم انساني هو نوع من انواع التربية وتهذيب النفوس. وفي الخطبة الثانية، كان هناك تنبيه الى محاولات اضعاف معنويات المقاتلين وزرع القلق والتوجس في نفوسهم.. إن ادراك العالم لخطورة الوقوف في وجه أي قراءة فكرية للتأريخ يجعلنا امام حيوية الاستجابة الواعية لروحية التأريخ والتي ستنعكس على الواقع الحياتي المنشود والذي يتضمن الاعتراف بوجود صريح وواع بمظلومية ائمة أهل البيت (عليهم السلام)، ومنهم السيدة الجليلة ابنة النبي محمد(ص)، وابنة خديجة الكبرى(عليها السلام) وهي زوجة أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأم الحسنين(عليهما السلام). والنبي محمد (ص) لم يبخل بالزهراء في سبيل إرساء قواعد الرسالة المحمدية، اذ جعلها مع المجموعة الخماسية في مقام المباهلة، يقول أحد القساوسة: (أرى وجوهاً لو أقسمت على الله تعالى أن يزيل الجبال لبرّ قسمها)، وهناك كان اهتمام بالغ من النبي (ص) بفاطمة الزهراء، ولقراءة التأريخ قراءة دقيقة لنفهم ما جرى، لمتابعة المدة الزمنية بين وفاة النبي (ص) ورحيل فاطمة الزهراء، تاريخ قصير بين وفاة النبي ومقتلها، لكنه تاريخ غني جداً، وحدثت فيها أحداث كثيرة تحتاج الى تأمل عندما توفي النبي (ص) لم تكن مريضة، امرأة في مقتبل العمر،. التأريخ يقول: هناك مشاكل حدثت كان الثمن فيها حياة الزهراء(عليها السلام)، حصل على بيتها اعتداء، وطلب منها أن تنقاد في جو خاص، كان الهدف هو زوجها واسقط لها جنينها المحسن، وبقيت الحالة الى ان توفيت الزهراء(عليها السلام). وفي الخطبة الثانية طالب بتنسيق المواقف بين الكوادر المقاتلة من اجل توحيد القرارات المهمة والخطيرة، ما زال الاهتمام بالشهيد دون المستوى المطلوب، ان الانتقائية الايجابية من التراث تنشط حركة العقل وتقدم ثروة تمنح الناس قدرة استثنائية على النهوض بأعباء المسؤولية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/06



كتابة تعليق لموضوع : قراءة انطباعية.. في كتاب(خطب الجمعة) ( 3 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net