صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (١١)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   هل تسقطُ المسؤوليَّة عن الجميعِ إِذا لم يتحمَّلها أَحدٌ ولم يُبادر إِليها أَحدٌ وتنصَّل عنها الجميع؟!.
   أَبداً، وإِنَّما يظلُّ هناك واحِدٌ سيُبادر ويتحَّمل ويتصدَّى لها مهما غلا الثَّمن {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِم} فكان الحُسينُ السِّبط (ع) وكانت كربلاء وكانت عاشُوراء عندما قال عليه السَّلام {وَأَنا أَحَقُّ مَنْ غَيَّر} خاصَّةً عندما قامت الحُجَّة عليهِ كما يقولُ أَميرُ المؤمنينَ (ع) {أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّواعَلَى كِظَّةِ ظَالِم، وَلا سَغَبِ مَظْلُوم، لاََلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلاََلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ!}.
   وهي الدَّوافع نفسها التي فرضت على الحُسين السِّبط (ع) أَن يخرجَ من أَجل الاصلاح! فلقد كان (ع) العالِم الوحيد القادر على ذلك لأَنَّهُ الوحيد آنئذٍ الذي وعى الدِّينَ ومقاصدهُ والمسؤُوليَّة وفلسفتها والواقع وحاجاتهُ الملحَّة! وهو الوحيد آنئذٍ الذي تسلَّح بالمصلحةِ العامَّة وتراجعت عندهُ كلَّ المصالح الضَّيِّقة الأُخرى على العكسِ من بقيَّة [الصَّحابة] الذي تذرَّعوا بكلِّ حِجَّةٍ وحِجَّةٍ للهربِ من المسؤوليَّة طلباً للعافيةِ! فكانَ سيِّدُ الشُّهداءِ السِّبط (ع) بالفعلِ لا بالقولِ [أَحَقُّ مَن يُغيِّر].
   ان مسيرة الشّهداء الابرار على مر التَّاريخ تثبيت هذه الحقيقة الناصعة، وهي ان موقع التّصدّي للمسؤوليَّة لن يبقى فارغا ابدا! ففي كل زمان ومكانٍ هناك من يتحمَّل المسؤوليَّة وهناك من يستعد لدفع الثّمن مهما غلا، لدرجة ان القران الكريم شرع نظريّة الاستبدال لاستمرار هذه الحقيقة في الحياة، فقالَ تعالى {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقولهُ تعالى {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم}.
   تعالوا نقرأَ هذهِ الحقيقة في حياةِ أَميرِ المؤمنينَ (ع) {فَقُمْتُ بِالاَْمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا، وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللهِ حِينَ وَقَفُوا، وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا، كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ}.
   أَمّا في الجانبِ الآخر، فلقد حدَّثنا القرآن الكريم عن فِئةٍ في المجتمعِ هي من أَحقرِ وأَتفهِ الفئاتِ! أَلّا وهم [المُرجِفون] أَو الذينَ نسمِّيهم بالطَّابور الخامس! فهؤلاء لا يكتفونَ بعدم تحمُّل أَيَّة مسؤوليَّةً وإِنَّما يُزيدونَ على ذَلِكَ بتحريضِ الآخرين على عدمِ تحمُّلِها! لتبريرِ تقاعسهِم من بابِ [إِذا عمَّت هانَت] حتَّى لا يلومهُم أَحدٌ لتقاعسهِم وهروبهِم من المسؤوليَّة! من جانبٍ، ولتدميرِ أَيِّ مشروعٍ إِصلاحيٍّ مُحتملٍ مِن جانبٍ آخر! كما في الوصفِ القرآني {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا}.
   ومِن علاماتهِم كَثرةُ الكلامِ والتَّنظيرِ والتَّفلسُفِ والسَّفسطةِ وقلَّة العملِ والمبادرةِ والفعلِ الايجابي إِلى حدِّ النَّكث بالوعودِ وخيانةِ العُهودِ! كما يتحدَّث عنهم أَميرُ المؤمنينَ (ع) فيصفهُم لنا بقولهِ {أَيُّهَا النَّاسُ، الُْمجْتَمِعَةُ أبْدَانُهُمْ، الُمخْتَلِفَةُ أهْوَاؤُهُمْ، كَلامُكُم يُوهِي الصُّمَّ الصِّلابَ، وَفِعْلُكُمْ يُطْمِعُ فِيكُمُ الاَْعْدَاءَ! تَقُولُونَ فِي الَمجَالِسِ: كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ: حِيدِي حَيَادِ!} وقولهُ (ع) {فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِم فِي أَيَّامِ الحَرِّ قُلْتُمْ: هذِهِ حَمَارَّةُ القَيْظِ أَمْهِلْنَا يُسَبَّخُ عَنَّا الحَرُّ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ: هذِهِ صَبَارَّةُ القُرِّ، أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا البَرْدُ، كُلُّ هذا فِرَاراً مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ; فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ!}.
   ولقد ابتُليَ الحُسين السِّبط (ع) بهذهِ الفِئة والتي باتت تُعرف في التَّاريخ بـ [الظَّاهرة الكوفيَّة]!.
   ٣٠ أَيلول ٢٠١٧
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/30



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (١١)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net