صفحة الكاتب : السيد محمد حسين العميدي

الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد ( الحلقة الثانية )
السيد محمد حسين العميدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ملخص الحلقة الاولى

ان الخلاف في موضوع التقليد هو بين الجواز وعدم الجواز، فذهب الفقهاء الى جواز التقليد، وذهب الخصم الى عدم جواز التقليد.
وعلى الذي يقول بعدم جواز التقليد أن يثبت ذلك ويأتي بالأدلة على عدم جواز التقليد.
أما القول بجواز التقليد فهو الأصل في المسألة، لأن الأصل في الأشياء هو الجواز، نعم هنا وجه آخر لحكم التقليد هو شرعية الاعمال التي يأتي بها المكلف وفق التقليد، فهنا بحث الفقهاء عن شرعية التقليد من جهة وعدم النهي عنه من قبل المعصومين عليهم السلام من جهة أخرى.

اذاً هنا بحثان هما
الأول: شرعية التقليد أي صحة الاعمال التي يأتي بها المكلف وفق التقليد، فيما اذا كان التقليد صحيح وموافق للضوابط الشرعية، وبراءة ذمة المكلف اذا عمل بالتقليد الصحيح.
الثاني: عدم نهي المعصومين عن تقليد عامة الناس للفقهاء.

أما الخصم النافي للتقليد والقول بعدم جوازه فعليه أن يأتي بالأدلة التي تثبت عدم جواز التقليد.

البديل الذي يطرحه الخصم كبديل عن الاجتهاد والتقليد
بما أننا في زمن الغيبة لا يسعنا أن نصل الى المعصوم عليه السلام وسؤاله بشكل مباشر عن الاحكام الشرعية، فاذا تركنا منهج الاجتهاد والتقليد فما هو البديل الذي يطرحه الخصم الذي ينفي التقليد؟

يبدو أن الخصم يدعو المؤمنين الى الذهاب الى الكتب الروائية التي دونت روايات أهل البيت عليهم السلام واخذ الاحكام من الروايات مباشرة.
وسنناقش هذا البديل بشكل علمي وعملي ونرى هل أن هذا البديل هو متاح للمؤمنين كافة ويقدرون جميعهم على هذا الاختيار.

مغالطة متوقعة 
سنجد إن شاء الله تعالى ان الخصم على كل حال لا يسعه أن يزهد الناس عن التقليد، لأنه عندما يرشد الناس الى أمر أو يدعوهم الى شيء فانما هو يدعوهم الى تقليده على كل حال.

مناقشة الخصم فيما يطرحه من بديل
اذا فرضنا أننا تركنا طريق الاجتهاد والتقليد، وطلبنا من المؤمنين المكلفين أن يذهبوا الى الكتب الروائية وأن يستخرجوا الاحكام الشرعية من الروايات فإننا سنواجه أمورا نحتاج فيها الى أن نحدد الموقف فيها؟
الأمر الأول: ان الكتب الروائية متعددة، والعمدة فيها هو كتاب (الكافي) للكليني، و(من لا يحضره الفقيه) للشيخ الصدوق، و(الاستبصار) و(التهذيب) للشيخ الطوسي، كما أن هنالك غيرها كبحار الانوار ووسائل الشيعة، والسؤال الأول هو هل نأخذ بهذه الكتب الأربعة جميعا أو نأخذ ببعضها دون بعض أو نأخذ بها وبغيرها؟
إن قال الخصم أننا نرجح ونختار بعض هذه الكتب دون بعضها الآخر فالسؤال هو ما هو سبب الترجيح؟ وبالتالي لابد للمكلف ان يجتهد في هذه المسألة ويميز بين الكتب الروائية ويختاره ما هو راجح منها، أو يرجع الى أهل الاختصاص فيكون مقلدا له في ترجيحه ورأيه.

الأمر الثاني: إن هذه الكتب وردت فيها رايات منسوبة الى المعصومين عليهم السلام لكنها متعارضة في الاحكام، حتى في الكتاب الواحد منها هنالك روايات متعارضة، فبأي الروايات نعمل وبأيها نأخذ؟
فإن كان الخصم نأخذ بها جميعا فهذا قد لا يكون متاحا أي لا يمكن تحققه، وإن قال الخصم نأخذ ببعض الروايات ونعرض عن البعض الآخر، فالسؤال ما هو المرجح للأخذ ببعضها واهمال بعضها الآخر؟
فإما أن يكون عندنا العلم التخصصي والدقيق بكيفية حل التعارض بين الروايات فنحن مجتهدون أو نرجع الى أهل الخبرة والاختصاص فنحن مقلدون لهم.

مثال: العمل عند الشك في أول ركعتين من الصلاة؟
اذا شك المصلي في الركعتين الأولى للصلاة هل هو في الأولى أم الثانية ماذا عليه أن يعمل؟
الرواية الأولى: (عن الحسين بن سعيد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ وَ فَضَالَةَ عَنِ حُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا شَكَكْتَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ فَأَعِدْ) كتاب التهذيب للشيخ الطوسي باب أحكام السهو في الصلاة.
فهذه الرواية تبين لنا أن الحكم عند الشك في الركعتين الاوليتين من الصلاة هو إعادة الصلاة.

الرواية الثانية: (ُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ لَا يَدْرِي أَ رَكْعَتَيْنِ صَلَّى أَمْ وَاحِدَةً قَالَ يُتِمُّ) نفس المصدر.
وهذه الرواية تبين لنا أن الحكم عند الشك في الركعتين الاوليتين من الصلاة هو المضي في الصلاة واتمامها.

فماذا علينا أن نفعل؟
فهنا المكلف إما أن يكون عنده علم تخصصي في كيفية حل التعارض بعد الاطلاع على مجموع الروايات الواردة في هذا المقام فيكون مجتهدا، أو يرجع الى أهل التخصص العدول فيكون مقلدا لهم.

ملاحظة:
ذكر الشيخ الطوسي هنا وجوها لحل التعارض، وكذلك ذكر الحر العاملي وجوها لحل التعارض، أي ان كلاهما قد اجتهد في بيان رأيه في كيفية حل التعارض، كما أن كلاهما قد رجح القول بإعادة الصلاة، وبالتالي لا يمكن أن ينسب الخصم للشيخ الطوسي أو الحر العاملي صاحب الوسائل القول بأنهما لم يجوزا الاجتهاد والتقليد فهذا مخالف للواقع.


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد محمد حسين العميدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/17



كتابة تعليق لموضوع : الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد ( الحلقة الثانية )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net