صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

الحضارة المومس
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم يعرف التاريخ مومسا أحصت الأحضان التي  إحتوتها لرجال مرو على غرفتها وتمددوا على سريرها بطرق مختلفة وضاجعوها على هواهم أو على هواها ..
مثل تلك المومس كانت حضارتنا ,أو حضاراتنا ,وقد نختلف في وصف الحال الذي عليه بلاد الرادفين من عصور غابرة والى هذه اللحظة.. هي ليست مومس واحدة مر بها رجال كثر ,وربما كان عدد المومسات (حضارتنا) يفوق الحصر, وجميعها مرت في حضن تاريخ مشوه مشبوه مسخ, وأنتجت تركيبة إجتماعية متقلبة المزاج والسيكلوجيا والسلوك, لا تستقيم على حال حتى يسارع حال جديد لينسف ما سبق ونكون في مواجهة حضارة جديدة بمواصفات مختلفة فكرا وسلوكا ومعمارا ونهجا, فلا نعود نجد وصلا بينها وتلك التي سبقت بكل ما فيها من تكوين إجتماعي وإقتصادي وسياسي وعقائدي وبناء معماري وطرق إدارة في مجالات حياة مختلفة, ثم تؤسس الحضارة التالية لتتفرد في كل شيء وهو طبع سيء إنتقل الى الأفراد الذين يحكمون ويستولون على السلطة في إنقلاب عسكري كعادة العراقيين من عقود, أو عبر الإنتخابات حتى, فالحاكم الجديد يلغي ما سبق, ويفوض رجاله من كتاب وصحفيين وعلماء دين وإجتماع وإقتصاد ليؤسسوا لنظريات جديدة تعتمد فكره النهضوي! وتطمس كل ما سبق, ثم تربط بين وجوده المتفرد وحضارة غابرة قد يكون مضى عليها خمسة آلاف عام ..
العراقيون لا يعلمون تحديدا الى أي حضارة ينتسبون ؟ فمع تعدد الحضارات من سومر في  الجنوب القصي ,الى بابل في الفرات الأوسط, وصعودا الى الشمال حيث آشور العظيمة, لا يجدون انهم ينتسبون لواحدة منها. فأبناء الجنوب الذين يكافحون من أجل إثبات عدم صلتهم بالقارة الهندية لا يملكون الدليل على إنهم أخلاف لحضارة سومر القديمة ,بينما ترى قبائل عربية إنها نزحت من قرون مضت من بلاد اليمن ,أو جزيرة العرب الى وسط وجنوب العراق وغربه ,ولا صلة لها بما مضى من حضارات لأقوام قدمت من أقاصي آسيا ,أو من إيران وتركيا ,ثم إنقرضت .
وفي هذا التنوع ثراء.. لكن ما نفعل بحضارة الطين التي تأكلها الرياح والأمطار ,ولا يعود لها من وجود, ولا يبقى سوى ما ندعيه من أمجاد زائفة لا تصمد في مواجهة الواقع, ومع وجود شعب يفصل في سلوكه وسيكولوجيته بين حاضره وماضيه ,ولا يأخذ من ذلك الماضي إلا الإرث البال من أفكار وعقائد تتصارع وتتناطح كثيران هائجة تدمي بعضها البعض في حلبة النزال .
وإذا كان من حضارة واعية وصانعة فأين الأثر الذي تركته في شعب يخرب ويفسد ويتصارع على وجوده الطائفي والقومي, ولا يعرف سبيلا الى المستقبل سوى أن يكون منقسما أو متفدرللا ,أو تحت سطوة الإحتلال أو التدخل الأقليمي أو عدم الفهم الداخلي لطبيعة الأوضاع, والى ما تتجه, وكيف يأخذ بقياد البلاد, وهي علل يصعب فكها ,أو التنبؤ بطرق ناجعة لحلها ..
hadeejalu@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/08



كتابة تعليق لموضوع : الحضارة المومس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : عقيل خضر عباس ، في 2011/10/08 .

تحية لك سيدي..
لا بد للامم من تاريخ يستفيد منه ابناؤها ليضمنوا سيرا حثيثا وليتعظوا بما مرت به تلك الامم ،والا لكانوا كسائر المخلوقات دون الانسان مرت بمراحل ولها تاريخ ،ولكنها لا تستفيد لانها عجماوات
ولكن الخلل في الانسان نفسه ؛فهو يضرب عن مافي صفحات تاريخه صفحا،فحينئذ يُسلط عليه من يسلب منه تاريخَه ومجده وحتى غدَه
فيرى تراثه نهبا ويبقى يتغنى بما كان على ارضه فقط دونما نفع!




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net