صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

الشروكية في الدراما العراقية !
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا احتاج الى توضيح حين يصلني منك مظروف ومعه رصاصة.
يقولون: إن تسمية (شروكية) التي تطلق على أكثر من نصف سكان العراق الذي نشأت على أرضه أشكال من الحضارة الإنسانية، نسبة الى ملك عظيم كان يحمل هذا الإسم. وهؤلاء هم المثقفون من أبناء الجنوب الذين يحاولون الهروب من دائرة الإنتماء الى الجهة الموسومة بالذل عبر قرون من الزمن تطاولت عليهم.
في المقابل فان (الشراكوة) في العهد السابق كانوا الفئة الإجتماعية المهمشة وغير الموثوق بها من قبل السلطة الحاكمة لسببين أساسيين، الأول: يتمثل بطبيعة الإنتماء المذهبي،والثاني: مرتبط بالبيئة الجغرافية التي جعلت من سكان الجنوب العراقي مثل سكان الصعيد المصري، مثاراً للسخرية،، والإقصاء.
وكانت السلطة السياسية تمارس معهم اشكالاً من القمع الثقافي، في مجال الدراما والمسرح، وعلى شاشة التلفزيون كان الجنوبي يتكلم بلهجة وضيعة لا يستسيغها البغدادي ,وكان يرتدي اللباس الرث، ولا يجيد من الأعمال سوى تلك التي يرتضيها أرذال الناس، ولاحظ له من الفهم والدراية في أمور الدنيا وهو تابع طائع,وعلى المسرح قرقوزاً يستجدي ضحكات الجمهور بحركات وكلمات مثيرة للشفقة.
برز الآلاف من مبدعي العراق الذين تحدروا من الجنوب، وكان  منهم متزلفون للسلطة, عدا عن الذين إتخذوا مواقف أودت بهم, وأضعفت من شانهم.
والذين مارسوا الكتابة والتأليف منهم كانوا في الغالب يعيشون عقدة الشعور بالنقص، ولم يهتموا كثيراً بالحقائق بقدر رغبتهم في الحصول على المكاسب الآنية، ولذلك ظهرت أعمالهم المسرحية والتلفزيونية صورة معبرة عن وجه مشوه، وعن رغبة في التزلف للسلطة الحاكمة.
المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان المبارك كانت مثالاً سيئاً للعاملين في مجال الدراما، فالرجل المثقف والمولع بالفلسفة، والمتأنق بالموضة الحديثة، والذي يمارس القتل بأبشع صوره، يستدرج ضابط التحقيق الى متاهة فلسفية، وبينما يستخدم الطبر في تهشيم رؤوس الضحايا، فإنه يثير إعجاب المحققين بالكم الهائل من المعلومات، والمدارك التي يحتفظ بها، لكن لهجته كانت بغدادية بإمتياز وهو موظف أنيق, ومثقف من طراز فريد في بيئة قاسية، يسكن وسط العراق في مدينة بعيدة عن الجنوب، لكن المثير للسخرية إن زوجته تنطق (اللهجة الجنوبية) بطريقة توحي بأنها للتو استدعيت من قرية مصنوعة من نبات القصب والبردي في اقصى الاهوار، وهذا الثلاثي المثير للشفقة على المؤلف، والمخرج والممثل، وحتى المشاهد هو ثلاثي (المدينة، والزوج القاتل المثقف، والزوجة التي لا يربطها بالزوج رابط)..
كان جيل ممثلي الكوميديا الناطقين باللهجة الجنوبية في ثمانينيات، وتسعينيات القرن الماضي وفي العقد الأول من القرن الجديد، أقرب الى حال القرود التي تقفز وتنط وتأتي بحركات مثيرة للضحك، لكنهم لا يدركون إنهم يوقعون وثيقة إدانة الى البيئة التي ينتمون لها، وثيقة تقول: إن الجنوب، مكان للمتخلفين، والجهلة، والمثيرين للسخرية والشفقة، وإنهم لا يصلحون للإدارة وعمل الأشياء النافعة، وحكم المجتمع. 
الخيانة سوداء على الدوام.
hadeejalu@yahoo.com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/03



كتابة تعليق لموضوع : الشروكية في الدراما العراقية !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net