• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المعرفة والتحريف!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

المعرفة والتحريف!!

الذين يعرفون يحرّفون , وهناك مثل شائع يقول: "يعرف ويحرف" , ويبدو أن الطبيعة البشرية وغوائر النفوس تدفع بالبشر إلى إستخدام ما يعرف للترويج لمصالحه ومنافعه وأهوائه وما فيه من المطمورات والعدوانيات.

ومهما كان نوع المعرفة فأن العارفين يتخذون منهج التحريف للوصول إلى غاياتهم وأهدافهم وتطلعاتهم , ومن أهم المعارف التي تحقق فيها التحريف العظيم والبلاء الوخيم هي المعارف الدينية , فلا يخلو دين من سلوك التحريف والتوظيف لتغرير الناس وإستعبادهم بالدين المحرّف , الذي يأخذهم إلى ميادين سقر وهم في غفلتهم يعمهون.

الأديان بأسرها تمكّن العارفون بها من تحريفها وشق سبلهم وتوجهاتهم ورؤاهم فيها , فصارت مدارس ومذاهب ومجاميع وأحزاب وغيرها من المسميات , التي يجتهد فيها العارف بالدين بتحريف الدين وتطويعه لمصالحه ونوازعه المكبوتة فيه.

ويبدو أن البشر بطبيعته يتبع التحريف ويميل إليه ميلا شديدا , وإلا لماذا وجد العارفون المُحَرفون أسواقا لبضاعتهم وأجيالا تتبعهم وتدين بما يقولونه ويرونه.

قد يقول قائل أن الجهل له دوره الكبير وسطوته وفعاليته في هذا السلوك , لكن الجهل لوحده لا يكفي وإنما يحتاج إلى ميول ودوافع وإستعدادات سلوكية تتبنى أفكار وتأويلات وتحريفات العارف بالدين.

والنظرة الفاحصة لما يحصل في المجتمعات , أن العارفين بالدين هم الذين يتسببون بالمشاكل والأزمات , بما يقومون به من تحريفات وتضليلات يحسبونها دينا , حتى صار السلوك اليومي مناهضا لأبسط معايير ومعاني الدين الذي يعرفون , فهم يتفاعلون مع الناس وفقا لقانون , إعمل كما أقول لك ولا تعمل كما أعمل , فأنا ذو شأن خاص ودراية عالية , وما أنت إلا تابع ومنفذ لإرادتي وتصوراتي , وعليك أن تخنع وتؤمن وتمضي في طريقي القويم وحسب.

وهذه قضية ربما لم يتطرق إليها المفكرون العرب خصوصا , ولم يدرسوا دوافعها ونتائجها وما ينجم عنها من التداعيات المريرة , والصراعات الخطيرة ما بين أبناء المجتمع الواحد والدين الواحد , وما يترتب عليها من إنشقاقات وإنشطارات وتفاعلات دامية ومشينة في الواقع المأساوي المرير.

وما دام العارفون بالدين يمضون في تحريفاتهم وإدعاءاتهم ورؤاهم المناهضة للدين , فأن الدين لن يبقى ولن يدوم إلا على أنه دين , بمعنى أنها صورة شكلية لمحتويات إنحرافية معادية لجوهر الدين , وهذا ما يحصل في الواقع الذي تعاني منه الأجيال وتتصارع فيه المخلوقات ولا تعرف صلاح السبيل.

فهل يرعوي العارفون بالدين , ويتوقفون عن مناهح التحريف والإنحراف بالدين إلى ضد الدين؟!!

وإن الدين سلوك قويم وفكر رحيم!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=99504
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 07 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28